العالم العربيملفات وتقارير

بين الشعارات والواقع.. قمة بغداد تكشف عمق الفجوة بين الأنظمة والشعوب


اختتمت القمة العربية العادية الـ34 في العاصمة العراقية، بغداد، تحت شعار “حوار وتضامن وتنمية”، حيث تم خلال المؤتمر تناول التحديات الجسيمة التي يواجهها العالم العربي، وكان في مقدمتها استمرار الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، بالإضافة إلى الأزمات المستمرة في سوريا والسودان.

وجاءت القمة في وقت حرج يحتاج فيه العالم العربي إلى تعزيز وحدته وتضامنه لمواجهة التصعيدات الإقليمية الخطيرة. وقد تمخضت القمة عن العديد من القرارات والتوصيات التي تستهدف تعزيز العمل العربي المشترك وتحقيق التنمية المستدامة في الدول العربية.

عبر القادة العرب في كلماتهم عن قلقهم العميق إزاء الأحداث المتلاحقة في المنطقة، وشددوا على ضرورة تكثيف الجهود من أجل إيجاد حلول سلمية للأزمات. وقد تم الاتفاق على تشكيل لجان تتولى متابعة قضايا الإغاثة الإنسانية، فضلاً عن التنسيق للحد من آثار الصراعات من خلال مشاريع تنموية شاملة.

وقال الأمين العام للجامعة العربية: “تمثل هذه القمة فرصة حقيقية لتعزيز الحوار العربي. نحن بحاجة إلى العمل سوياً للتصدي للتحديات اليومية التي تواجه شعوبنا، ولن نبخل في تقديم الدعم لكل الدول الأعضاء في سعيها نحو السلام والاستقرار.”

وقد صدر عن القمة بيان ختامي تقليدي، كرر الدعوة إلى وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وإلى إدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى القطاع. كما جدّدت القمة تأكيدها على “الرفض القاطع” لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، دون التحدث عن تحركات عملية على الأرض للتعبير عن تلك المطالب.

قمة خالية من الجديد يرى الكاتب والمحلل السياسي الأردني، حازم عيّاد، في حديثه مع “قدس برس”، أن “القمة العربية لم تأتِ بجديد، وأنه لا يمكن التعويل على مخرجاتها، بل يجب الاعتماد على صمود المقاومة الفلسطينية”، معتبرًا أن مواقف الجامعة العربية “لا ترقى إلى مستوى الحدث” بحسب وصفه.

وأشار عيّاد إلى أن انعقاد ثلاث قمم عربية منذ بدء العدوان على غزة، دون صدور قرارات مؤثرة على الاحتلال، يعكس “ضعف الأداء العربي، ووهن البنية المؤسسية للجامعة العربية، التي تضع علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية على رأس أولوياتها، لا القضية الفلسطينية ولا وقف الحرب”.

الدول العربية تفتقر إلى الإرادة وأضاف عيّاد أن “الدول العربية تمتلك القدرة والموارد اللازمة للضغط على الإدارة الأمريكية من أجل اتخاذ موقف حقيقي يضغط على الاحتلال لوقف الحرب، ولكنها لا تبدو جادة في وضع القضية الفلسطينية على سُلّم أولوياتها”.

وتابع: “زيارة (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب للشرق الأوسط (خلال الفترة من 13 – 16 أيار/مايو الجاري)، لم تشهد تحركًا عربيًا فاعلًا بشأن غزة، ما يدل على أن المشكلة ليست في الإمكانيات، بل في غياب الإرادة والرؤية السياسية”.

كما اعتبر أن “الموقف العربي من المقاومة الفلسطينية يتسم بالسلبية، وهناك تشوهات واضحة في الرؤية العربية تجاه العدو الإسرائيلي”.

جامعة لا تمثّل الشعوب من جهته، قال المحلل السياسي والناشط الإسلامي، زكي بني إرشيد، إن “الاختلاف الواضح بين المواقف الرسمية والشعبية في العالم العربي لا يمكن تفسيره إلا بغياب الديمقراطية الحقيقية، وعدم تمكين الشعوب من أن تكون مصدر السلطات، كما تنص دساتير معظم الدول العربية”.

وأضاف: “هذا الفصام بين الرسمي والشعبي يظهر جليًا في أغلب القضايا الداخلية والإقليمية والدولية”، مشيرًا إلى أن “الجامعة العربية لا تسعى إلى استعادة ثقة الشعوب، لأنها تمثل الأنظمة لا الشعوب”.

وتابع بني إرشيد: “التحدي الحقيقي أمام الشعوب العربية يتمثل في البحث عن بديل حقيقي، والاستمرار في النضال السلمي لتصحيح التشوهات التي ضربت أساسات العمل السياسي، والسعي نحو إصلاح سياسي شامل”.

موقف “حماس” من البيان الختامي في سياق متصل، ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، في بيان تلقّته “قدس برس” مساء أمس السبت، ما ورد في البيان الختامي للقمة من “إدانة واضحة للعدوان، والمطالبة بوقفه فورًا، والرفض القاطع لتهجير شعبنا الفلسطيني، والتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وحقوق شعبنا في العودة والحرية وتقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، ورفض سياسات الاحتلال من تهويد واستيطان وتجويع”.

وقد دعا البيان الختامي، الصادر عن القمة التي استضافتها بغداد، المجتمع الدولي إلى الضغط لوقف إراقة الدماء في قطاع غزة، وأكد رفض جميع أشكال التهجير والنزوح القسري للفلسطينيين.

كما طالب المجتمع الدولي بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالعدوان على غزة، وشدد على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية، وأهمية التنسيق المشترك لفتح المعابر، وتمكين وكالات الأمم المتحدة من أداء دورها، مؤكدًا في الوقت ذاته “مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني”.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى