تظاهرات شعبية ضخمة في العواصم الأوروبية للمطالبة بإنهاء حرب الإبادة في غزة

تتواصل موجات الغضب الشعبي في العديد من العواصم الأوروبية، حيث خرجت تظاهرات حاشدة تدعو إلى إنهاء حرب الإبادة الجماعية في غزة، وتطالب بتحرك أوروبي فعّال يُترجم إلى أفعال ملموسة.
شهدت مدينة غنت البلجيكية تظاهرة حاشدة في ساحة الكاتدرائية، حيث تحدى آلاف المواطنين الطقس البارد والأمطار، حاملين شعارات تُدين الاحتلال الإسرائيلي وتطالب بوقف العدوان فورًا وإدخال المساعدات الإنسانية بدون شروط. ردد المتظاهرون هتافات قوية مثل “أوقفوا المجاعة في غزة” و”اقطعوا الشراكة مع إسرائيل”، مما يعكس عزيمتهم في السعي لتحقيق العدالة.
ويشعر المتظاهرون بخيبة أمل متزايدة من ردود فعل الاتحاد الأوروبي، التي يرون أنها لا تتناسب مع حجم الكارثة الإنسانية المتزايدة. حيث يتم استخدام المجاعة كسلاح في ظل حصار خانق ودمار واسع النطاق يطال المرافق الحيوية، وعلى رأسها المنشآت الطبية.
وعبر المتظاهرون عن أهمية استجابة أوروبا للأعمال الوحشية، مشددين على أن “استمرار إسرائيل في استهداف المدنيين واستخدام الجوع كسلاح حرب يجب أن يُقابل بإجراءات حقيقية من قبل الاتحاد الأوروبي مثل فرض العقوبات ووقف التعاون العسكري والسياسي.”
تزامن هذا الحراك الشعبي مع تحركات سياسية غير مسبوقة في عدد من البرلمانات الأوروبية، حيث تقدمت هولندا بمقترح لإعادة النظر في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل في أعقاب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وأكد النائب البلجيكي، جوس ديهيسي، على أهمية هذا التحرك بقوله: “مشاركة هذه الآلاف المتزايدة دعماً للشعب الفلسطيني تأتي احتجاجًا على الإبادة الجماعية المستمرة منذ 19 شهرًا دون تحرك فعلي من بلجيكا أو الاتحاد الأوروبي.” وأضاف: “الحراك الشعبي الأوروبي آخذ في الاتساع، وهناك ضغط متزايد على السياسيين، الذين بدأوا يتحدثون بالفعل عن مراجعة اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.”
وشدد على أن “الضغط الحقيقي على إسرائيل يجب أن يتم عبر إنهاء هذا الاتفاق، لوقف الإبادة الجماعية”، مضيفًا: “لا حاجة للتدقيق فيما إذا كانت إسرائيل تحترم حقوق الإنسان، فهي تنتهك كل حق إنساني ممكن”.
وأشار النائب البلجيكي إلى أن الأسابيع الأخيرة شهدت تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة التحركات الشعبية في مختلف أنحاء أوروبا، وخصوصًا في بلجيكا، موضحًا أن هذا الضغط بدأ ينعكس على مواقف الحكومات الأوروبية، التي بدأت بالفعل بمراجعة علاقاتها مع الحكومة الإسرائيلية.
من جانبها، قالت الناشطة التونسية التي عرّفت عن نفسها باسم “عفيفة”: “نحن هنا لنقول لغزة وفلسطين إنهم ليسوا وحدهم، وأن ما يجري هناك ليس حربًا على شعب فقط، بل على الإنسانية جمعاء”.
وطالبت “عفيفة” الاتحاد الأوروبي “بوقف وحظر كافة أشكال التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي، ووقف بيع وتصدير الأسلحة له، وتمويل ترسانته العسكرية التي تقتل الأطفال والمدنيين في غزة، منذ أكثر من 75 عاماً”.
وبات واضحًا في الأسابيع الأخيرة أن الهوّة تتسع بين مواقف الشعوب الأوروبية وحكوماتها، وسط دعوات متزايدة لتحويل “الدعم الإنساني” من مجرّد عنوان إعلامي إلى التزام سياسي وعملي ملموس.
كما يطالب المتظاهرون بتمكين المحكمة الجنائية الدولية من أداء مهامها دون ضغوط، ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الجرائم المرتكبة ضد المدنيين.
وفي حين تبقى مواقف الاتحاد الأوروبي رهينة للتوازنات السياسية، فإن الحشود الغاضبة في الشوارع ترسم مشهدًا آخر: غضبٌ لا يهدأ، ومطالب لا تحتمل التأجيل.
وكانت قوات الاحتلال قد جدّدت عدوانها على قطاع غزة فجر 18 آذار/مارس 2025، من خلال شنّ غارات جوية على مختلف أنحاء القطاع، ما أدى إلى استشهاد وإصابة أكثر من 12 ألف فلسطيني، منقلبة بذلك على اتفاق لوقف إطلاق النار مع فصائل المقاومة الفلسطينية، كان قد استمر نحو 60 يوماً، منذ إبرامه بوساطة أمريكية ومصرية وقطرية.
وتواصل إسرائيل، بدعم أميركي مطلق منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، أسفرت عن أكثر من 175 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات الآلاف من النازحين.