
في حوار جريء ومليء بالمؤشرات الحساسة، استضاف الإعلامي محمد ناصر الدكتور أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، في برنامجه “مصر النهارده” على قناة مكملين، حيث فجّر الدكتور نور مفاجأة سياسية من العيار الثقيل، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية قد تكون بصدد اتخاذ خطوة غير مسبوقة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، تتمثل في تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال نور إن ما دفعه لهذا التحليل هو عدد من المؤشرات القوية، أبرزها عدم تعيين سفير مصري في تل أبيب منذ مغادرة السفير خالد عزمي منصبه، إضافة إلى تعطيل اعتماد أوراق السفير الإسرائيلي الجديد في القاهرة، رغم اعتماد أوراق سفراء آخرين من مختلف دول العالم. معتبرا أن هذه التطورات لا يمكن فصلها عن مجريات العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، والانتهاكات التي ترتكب بحق المدنيين الفلسطينيين.
وأضاف الدكتور أيمن نور أن هذه القراءة لا تستند إلى معلومات خاصة، وإنما إلى تحليل سياسي ومعطيات واقعية، موضحًا أن خفض مستوى التمثيل إلى درجة قائم بالأعمال سيكون بمثابة رسالة قوية دون الإخلال بالشق الثالث من معاهدة كامب ديفيد، الذي ينص على وجود علاقات دبلوماسية بين الجانبين، لكنه لا يحدد مستوى هذا التمثيل.
وأكد نور أن مثل هذه الخطوة – إن تمت – ستكون الموقف الدبلوماسي الأجرأ لمصر منذ عقود، وتحديدًا منذ أحداث الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، والتي تبعتها خطوات مشابهة بسحب السفير المصري، لكنها لم تكن مصحوبة بإعلان رسمي لتخفيض التمثيل.
وخلال اللقاء، تساءل محمد ناصر عن ما إذا كانت هذه الخطوة مجرد محاولة من النظام لحشد الداخل خلفه أو مناورة شكلية. فردّ نور قائلاً إن ذلك محتمل، لكنه أشار إلى أن تحريك العلاقات الخارجية بهذا الشكل يمكن أن يكون مدخلاً لتصحيح المسار الداخلي، داعيًا النظام إلى مد اليد لكل القوى الوطنية، معتبرًا أن أي معركة خارجية لا يمكن أن تُخاض بظهر داخلي منقسم.
وفي رد على سؤال حول ما إذا كانت هذه الخطوة ستلقى قبولًا من قِبل حلفاء النظام في الخليج، خصوصًا السعودية والإمارات، قال نور إن من غير المتوقع أن يُقابَل الموقف المصري بالترحيب في أبوظبي مثلًا، لكنه أضاف أن هذا التحرك قد يكون رسالة ضمنية إلى واشنطن بأن مصر ما زال لديها أوراق ضغط، حتى لو كانت محدودة.
كما استبعد نور في تحليله ما طرحه بعض الساسة والمحللين من أن يكون ما يجري تمهيدًا لتهجير سكان غزة إلى سيناء، مشيرًا إلى أن الإعلام المصري لم يتبنَّ الخطاب العاطفي المعتاد في مثل هذه الحالات، بل بقي ضمن لهجة أمنية وسياسية، لا تروّج للتعاطف الشعبي مع اللاجئين، وهو ما كان سيحدث لو كانت هناك نية حقيقية لتمرير مشروع التهجير.
واختتم الدكتور أيمن نور حديثه بالتأكيد على أن ما يحدث حاليًا قد يكون نقطة تحوّل حقيقية في السياسة المصرية تجاه الاحتلال الإسرائيلي، لكنه شدد على أن قيمة أي قرار خارجي لا تكتمل إلا إذا توازى مع إصلاح سياسي داخلي يعيد اللحمة الوطنية، ويؤسس لحالة من التوافق بين الدولة والمجتمع في مواجهة التحديات الخارجية.