مقالات وآراء

د. محمد عماد صابر يكتب : مؤامرة حل الدولتين.

استثمار الصهاينة للإبادة والتجويع والتهجير الجماعي في غزة لتقديم “حل الدولتين” كغطاء لتصفية القضية، مستفيدين من لحظة الانكسار الإنساني والسياسي، وبمشاركة دولية وعربية، ضمن سياق صهيوني مسيحي أوسع يعيد تشكيل الشرق الأوسط.. وللتوضيح بايجاز نركز على المحاور التالية:

أولاً: الجذور الفكرية للمخطط.
يعود “حل الدولتين” إلى المشروع الصهيوني ذاته، القائم على فكرة التقسيم المرحلي والقبول المؤقت، كما عبّر عنها بن غوريون وغيره.
قرار التقسيم رقم 181 (1947) كان أول خطوة دولية نحو “حل الدولتين”، لكنه جاء في سياق تمكين الاحتلال وليس تحقيق العدالة.
صيغ الحلول الغربية دومًا لحماية “أمن إسرائيل” لا لإعطاء الفلسطينيين حقوقهم، وكان حل الدولتين وسيلة لتكريس الاحتلال وليس إنهاءه.

ثانيًا: قرار الأمم المتحدة كغطاء قانوني مضلل.
قرارات مثل 242 و338 و”حل الدولتين على أساس حدود 1967″ توظَّف الآن لخداع الرأي العام وتضليل الشعوب.. تجاهلت هذه القرارات الحق التاريخي والديني في فلسطين، وحق العودة، وطبيعة الاحتلال الاستيطاني.. الأمم المتحدة تتحول إلى أداة شرعنة للهيمنة الصهيونية عبر مشاريع “السلام المزيف”.

ثالثًا: جوهر المخطط الحالي ومستقبله.
الهدف الحقيقي: تفريغ فلسطين من الفلسطينيين، وتسويق حل سياسي مع سلطة وظيفية، تحت رعاية عربية وغربية.

  • غزة: دمار شامل، تهجير صامت، وربطها بمشاريع مصرية أو وصاية دولية.
  • الضفة: سلطة بلا سيادة، مع تعزيز المستوطنات، وتقسيم أمني دائم.
  • القدس: تهويد كامل، وربطها بعقيدة صهيونية مسيحية توراتية.
  • المستقبل المتوقع: فرض هذا الحل على العالم العربي كخيار وحيد، وتهديد كل من يعارضه بالعزلة أو العقوبات.

رابعًا: أبرز الجهات الفاعلة في المخطط.
1.⁠ ⁠الولايات المتحدة: راعي المؤتمر المقبل، وضامن “أمن إسرائيل”.
تصوغ الحل من منطلقات صهيونية مسيحية لا سياسية أو إنسانية.

2.⁠ ⁠الاتحاد الأوروبي: يضغط عبر المساعدات الإنسانية والمواقف السياسية لدعم الحل “المُعدل”.

3.⁠ ⁠الأنظمة العربية المطبّعة: تُستخدم لتمرير الخطة وإعطاءها شرعية إسلامية مزيفة.

4.⁠ ⁠السلطة الفلسطينية: تُستخدم كأداة ضغط على الشعب ومقاومته، لا كشريك حقيقي في التحرير.

خامسًا: العلاقة مع مشروع الصهيونية المسيحية.

  • حل الدولتين ليس مشروعًا سياسيًا فقط، بل هو امتدادٌ لعقيدة صهيونية مسيحية ترى في إقامة “إسرائيل الكبرى” شرطًا لعودة المسيح.
  • الدعم الأمريكي لإسرائيل ينبع من رؤية دينية توراتية تبشيرية، تؤمن بدمار الأمة الإسلامية كجزء من نبوءات “هرمجدون”.
  • مؤتمر أمريكا المرتقب هو تجلي للتحالف بين الصهيونية اليهودية والمسيحية لفرض واقع جديد بالقوة والرمزية الدينية.

سادسًا: التوصيات والتحرك المطلوب.

1.⁠ ⁠إطلاق حملة توعية عالمية لفضح هذا الحل كمشروع تصفية لا سلام.

2.⁠ ⁠تبني رؤية بديلة قائمة على التحرير الكامل ورفض أي تقزيم للحقوق الفلسطينية.

3.⁠ ⁠إنشاء تحالف شعبي عالمي ضد “حل الدولتين المفروض”، يضم علماء، برلمانيين، وأحرار العالم.

4.⁠ ⁠تعزيز خطاب المقاومة والرواية الإسلامية في مواجهة الاختراق العقائدي الصهيوني المسيحي.

“الخلاصة”
لقد انتهي زمن حل الدولتين، حل الدولتين بدايته كانت 48، وانتهي فعليا في أوسلو، ونظريا انتهي بعد 7 أكتوبر، وقد أعلنت إسرائيل وأمريكا ” ترامب” ذلك، وبقاياه يمضغها العرب وبعض دول الاتحاد الأوروبي.

المشروع الاستعماري الغربي اعتمد فكرة إنشاء إسرائيل كحاملة طائرات وقاعدة متقدمة تمنع وحدة ونهضة العالم العربي والإسلامي وتحرس المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة والمسيحية الصهيونية مجرد ذريعة.

ما يُحضَّر لفلسطين اليوم ليس حلاً، بل مؤامرة تصفية يقودها التحالف الصهيوني المسيحي عبر بوابة “حل الدولتين”، والتهجير هو أقصى ماتريده أمريكا كحل سريع للقضاء على الوجود الفلسطيني، وفي حالة صعوبة تحقيق ذلك سيتم التهجير على شكل كانتونات صغيرة داخل الضفة وغزة ودفع الفلسطينيين لصحراء النقب وتشديد الحصار وخنقهم حتى يتم إخماد المقاومة وتبدو الهجرة وكأنها طوعية.

والمطلوب منا جميعًا أن نفضح هذا المشروع، ونقف في وجهه سياسيًا، فكريًا، وشعبيًا، قبل أن نُستكمل كأمة فصول الاندثار.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى