ثقافة وتاريخ

الأبطال المنسيون في ملحمة مصر ضد الاحتلال الإسرائيلي عبر العقود الدامية

حين يُكشف النقاب عن صفحات التاريخ المغمورة بالدم والبطولة، تتجلى مأساة مصر في صراعها المرير مع الاحتلال الإسرائيلي كملحمة مكتوبة بمداد الشهداء وصيحات المظلومين.

لم تكن المعركة مجرد نزاع حدود أو حسابات سياسية، بل كانت معركة كرامة وهوية ووجود. من صرخات الجنود المدفونة في رمال سيناء، إلى دموع الأطفال المتناثرة على أطلال المدارس والمنازل، سطر المصريون تاريخًا من الصمود لا يعرف الانكسار.

موقع “أخبار الغد” يفتح الجراح المنسية ويضيء على بطولات طُمست عمدًا، ليعيد للأبطال المجهولين حقهم في ذاكرة وطن لا ينسى ولا يغفر.

بداية النضال وميلاد المعاناة عام 1948

أكدت وقائع حرب عام 1948 أن مصر دخلت في مواجهة مباشرة مع الكيان المحتل حين خسرت خمسة آلاف من جنودها وضباطها في بداية دامية شكلت أول فصول الصراع الطويل

تأميم قناة السويس ورد العدوان الثلاثي عام 1956

أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس في خطوة سيادية أربكت القوى الاستعمارية وأشعلت نيران عدوان ثلاثي ضم بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وأسفر عن استشهاد ثلاثة آلاف مصري وإصابة خمسة آلاف آخرين وتشريد آلاف الأسر من مدن القناة

نكسة 1967 وجرائم الاحتلال ضد الجنود المصريين

أوضحت نكسة يونيو 1967 أن الكيان الصهيوني ارتكب جرائم حرب بحق الجنود المصريين بعد استسلامهم حيث كشف وثائقي “روح شاكيد” عن قتل مئتين وخمسين جنديًا بدم بارد كما أشار الطيار الاحتياطي ياريف جروشني إلى أنه كان يهاجم القوات المصرية من طائرتين ويكتب أعداد القتلى على سراويلهم ويعمل حاليًا مديرًا لشركة وهو الوحيد الذي تم إخفاء وجهه في الشهادة

مجازر عام 1970 واستهداف المدنيين الأبرياء

وثقت الأحداث أن الطيران الإسرائيلي ارتكب مجزرتين خلال هذا العام ففي فبراير استهدف مصنع الصناعات المعدنية بأبو زعبل وقتل سبعين عاملاً وأصاب تسعة وستين آخرين وفي أبريل قصفت خمس طائرات فانتوم مدرسة بحر البقر الابتدائية

وأسفر الهجوم عن استشهاد ثلاثين طفلاً ومعلماً وإصابة أحد عشر آخرين وأكد أحد الطيارين المشاركين علمهم المسبق بأن المبنى يستخدم مدرسة وأرادوا توجيه رسالة دموية للمصريين

نصر أكتوبر العظيم والمذابح الخفية عام 1973

أثبتت حرب العاشر من رمضان 1973 أن الجيش المصري حقق انتصارًا عسكريًا عظيمًا رغم الثمن الباهظ حيث استشهد ثمانية آلاف وخمسمائة وثمانية وعشرون مصريًا وأصيب تسعة عشر ألفًا

كما أشار توغل أرئيل شارون في غرب القناة إلى وقوع مجازر مروعة منها دهس مئة وخمسين جنديًا مصريًا بالدبابات خلال اختراق سيناء المعروف باسم الثغرة

استهداف المدنيين في الانتفاضة الفلسطينية عام 2000

رصدت الوقائع يوم 12 نوفمبر 2000 إصابة المواطن المصري سليمان قمبيز وعمته أثناء جمع الزيتون برصاص إسرائيلي قرب شارع صلاح الدين

تصاعد الاعتداءات على الحدود المصرية عام 2001

أوضحت التقارير توثيق سلسلة من الاعتداءات بين أبريل وديسمبر بدأت يوم 15 أبريل بإصابة سيدة من قبيلة البراهمة في فناء منزلها ثم مقتل الشاب ميلاد محمد حميدة يوم 30 أبريل ومحاولة عبوره إلى غزة تلاها إصابة المجند أحمد عيسى يوم 9 مايو وإصابة زامل أحمد سليمان يوم 30 مايو وقتل المجند السيد الغريب يوم 30 يونيو

كما أصيب النقيب عمر طه يوم 26 سبتمبر وتعرض الرائد محمد أحمد سلامة للإصابة يوم 5 نوفمبر وأصيب محمد جمعة البراهمة البالغ من العمر 17 عامًا يوم 23 ديسمبر في كتفه

ضحايا الطفولة على الحدود عام 2002

أكدت التقارير أن الطفل فارس القمبيز البالغ من العمر خمس سنوات أصيب في فخذه يوم 28 فبراير أثناء لعبه وحده بفناء منزله إثر إطلاق نار عشوائي على الحدود

قصف منازل المدنيين عام 2004

أظهرت الأحداث أن يوم 7 نوفمبر شهد سقوط صاروخ إسرائيلي في حديقة منزل برفح دون إصابات أعقبه إطلاق نار من دبابة أسفر عن مقتل ثلاثة جنود ولم يتم الإعلان عن العدد النهائي للضحايا

قتل الجنود المصريين على يد المهربين عام 2006

أشارت المعلومات إلى مقتل المجندين عرفة إبراهيم السيد والسيد السعداوي يوم 4 يناير على يد المهربين كما أصيب عشرة آخرون وتمكن المهربون من تهريب أفارقة إلى داخل إسرائيل

استهداف المجندين بالرصاص عام 2007

أكدت تقارير يوم 12 ديسمبر أن المجند محمد عبد المحسن الجنيدي قُتل أثناء خدمته برصاص مجهول وفر الجناة دون أن تتمكن قوات الأمن من القبض عليهم

ضحايا يناير ومايو 2008 من المدنيين والعسكريين

وثقت المصادر إصابة مجند مصري برصاص مجهول يوم 25 يناير وقتل المواطن حميدان سليمان سويلم أثناء ذهابه للعمل وقتلته إسرائيل مرة أخرى يوم 27 يناير بحجة عبوره للحدود وفي 27 فبراير قتلت إسرائيل الطفلة سماح نايف سالم ذات الأربعة عشر عامًا أثناء لعبها أمام منزلها

كما قُتل المواطن سليمان عايد موسى يوم 21 مايو بحجة التسلل وفي 22 مايو قتل عايش سليمان موسى قرب منفذ العوجة مع خمسة آخرين وتم تسليم جثثهم

إطلاق نار متعمد على الضباط عام 2008

أكدت الوقائع أن إسرائيل قتلت الضابط محمد القرشي يوم 9 يوليو بدم بارد أثناء مطاردة مهربين وأعقب ذلك تحقيق صوري لم يسفر عن شيء

كما قتل سليمان سويلم سليمان البالغ من العمر 26 عامًا يوم 24 سبتمبر وأبلغت إسرائيل الجانب المصري أن القتيل اجتاز الحدود وأطلقت النار عليه

استهداف خاطئ وإصابة الجنود عام 2009

أوضح جيش الاحتلال الإسرائيلي في أغسطس إصابة جندي مصري إثر اعتقادهم أنه كان يحاول التسلل عن طريق الخطأ

مجزرة أغسطس 2011 والضحايا العسكريين

أكدت مصادر رسمية مقتل ستة جنود مصريين خلال مطاردة إسرائيلية لمهربين داخل الحدود المصرية يوم 18 أغسطس كما تم قتل ضابط وثلاثة جنود أمن مركزي أثناء محاولتهم تتبع طائرة إسرائيلية في هجوم إيلات رغم عدم صلتهم بالحادث

تجدد الألم في معبر رفح عام 2023 و2024

أشارت التقارير إلى أن حادث إطلاق نار في 2 يونيو 2023 أسفر عن مقتل مجندين وشرطي مصري وفي 27 مايو 2024 قُتل الجنديان عبدالله إبراهيم وإسلام إبراهيم عبد الرزاق وأصيب ثلاثة آخرون على يد قوات الاحتلال في معبر رفح

بطولات خالدة وتضحيات لا تُنسى

أوضحت الأحداث أن يوم 27 مايو عام 2024 سيبقى شاهدًا على شجاعة المصريين حيث واجه الجنود نيران العدو في سبيل الحفاظ على كرامة الوطن وأثبتوا أن الإرادة الحقيقية لا تنكسر وأن دماء الشهداء ستظل محفورة في الذاكرة الوطنية مصدر إلهام للأجيال القادمة

استمرار العهد الوطني في وجه الاحتلال

أكدت الإرادة الشعبية أن الشعب المصري سيواصل النضال مهما عظمت التضحيات وأن مشاعل الكرامة التي أضاءها الشهداء لن تنطفئ وأن توثيق هذه البطولات يمثل عهدًا متجددًا لإحياء ذكرى الأبطال ودعم العدالة والاستقلال

هكذا تمتد حكاية الدم والبطولة من جبهات القتال إلى حدود الوطن المشتعلة بالألم والأمل معًا لم تكن التضحيات المصرية يومًا مجرد أرقام في سجلات الموت

بل كانت صرخات كرامة كتبت بالدم فوق تراب الوطن لتبقى شاهدًا على جرائم احتلال لا يعرف الرحمة ولا يعترف بالإنسانية ومع كل قطرة دم نزفت وكل روح صعدت ظل المصريون أوفياء لقضيتهم رافعين راية النضال

مهما طال الزمن ستبقى أسماء الشهداء مشاعل نور في دروب العزة وسيرتهم ملهمة للأجيال القادمة لمواصلة المقاومة حتى استرداد كامل الحقوق

وستظل ذاكرة الأمة يقظة لا تموت تحفظ للتاريخ وجوهًا صامدة وأرواحًا أبت الخنوع ليبقى الوطن عاليًا شامخًا لا ينحني

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى