سويسرا تدرس التحقيق في مؤسسة أمريكية متورطة في خطة التهجير القسري للفلسطينيين.

تدرس السلطات السويسرية إمكانية فتح تحقيق قانوني في أنشطة مؤسسة “غزة هيومايتيريان فاونديشن” (GHF)، التي تعرف باسم مؤسسة غزة الإنسانية، وهي منظمة إنسانية مدعومة من الولايات المتحدة تتخذ من مدينة جنيف مقراً لها، وذلك على خلفية مخاوف متزايدة بشأن خطتها المقترحة للإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة.
وقالت السلطات السويسرية لوكالة رويترز إن هذا التحرك يأتي بعد تقديم منظمة “ترايال إنترناشونال” ، وهي منظمة سويسرية غير حكومية، طلبين قانونيين تدعو فيهما إلى التحقق مما إذا كانت مؤسسة مؤسسة غزة الإنسانية، والمسجلة في سويسرا باسم “غولف هيرتس”، تلتزم بالقانون السويسري و بمبادئ القانون الدولي الإنساني.
وتأتي هذه المطالبات في ظل رفض الأمم المتحدة خطة المساعدات التي تروج لها المؤسسة، والتي وصفتها بأنها تفتقر إلى الحياد والنزاهة، وقد تؤدي إلى تفاقم نزوح السكان الفلسطينيين، وتعرّض آلاف المدنيين لمخاطر جمّة.
في المقابل، نفت مؤسسة غزة الإنسانية تلك المزاعم، وأكدت في تصريح لرويترز التزامها الصارم بالمبادئ الإنسانية، مشددة على أنها “لن تدعم بأي شكل من الأشكال أي عملية ترحيل قسري للمدنيين”.
ضغوط متزايدة وغضب دولي تتزامن هذه التطورات مع تصاعد موجة الغضب الدولي إثر استئناف دولة الاحتلال لحصارها الشامل على قطاع غزة منذ أحد عشر أسبوعاً، وهو ما تسبب في أزمة إنسانية خانقة طالت نحو 2.1 مليون فلسطيني، يعانون من نقص حاد في المواد الغذائية، ونفاد شبه كامل للأدوية والوقود.
وقد أطلقت آلية مراقبة الأمن الغذائي التابعة للأمم المتحدة تحذيرات متكررة بشأن خطر المجاعة، فيما وجهت دول غربية حليفة للاحتلال – بينها المملكة المتحدة وكندا وفرنسا – انتقادات غير مسبوقة للسياسة الإسرائيلية تجاه غزة.
وفي ظل هذا الضغط المتنامي، وافقت دولة الاحتلال على استئناف محدود لإدخال المساعدات هذا الأسبوع.
وفي خضم هذه التطورات، سعت منظمات إغاثية دولية، مثل ميرسي كوربس وكير إنترناشونال و بروجكت هوب و سيف ذا تشيلدرن، إلى النأي بنفسها عن خطة مؤسسة غزة الإنسانية.
وأكدت تلك المنظمات، في رسالة مسرّبة حصل عليها موقع “ميدل إيست آي”، أنها أجرت بالفعل محادثات مع المؤسسة، لكنها لم تبرم معها أي اتفاقيات تعاون.
الرسالة المؤرخة في 22 مايو/ آيار، والموجهة إلى “كوغات”، الوحدة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق المساعدات في غزة، جاءت بتوقيع المدير التنفيذي لمؤسسة غزة الإنسانية، جيك وود.
وثائق مسربة ومخاوف متزايدة ويُعد هذا التسريب الثاني من نوعه هذا الشهر، في ظل إخضاع المؤسسة لمزيد من التدقيق الإعلامي بعد تحقيقات أجرتها صحيفتا “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز”، كشفت عن وجود علاقات محتملة بين المؤسسة وبعض المسؤولين من دولة الاحتلال.
وتقضي خطة مؤسسة غزة الإنسانية بأن تحل محل جميع جهود الإغاثة الإنسانية التي تديرها الأمم المتحدة حالياً في القطاع، على أن تتولى المؤسسة عملية توزيع المساعدات على الفلسطينيين في عدة مراكز فرز جنوبي القطاع، وذلك وفق ترتيبات مسبقة.
وقد عرض رئيس الوزراء لدى دولة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ملامح هذه الخطة في خطاب متلفز ألقاه يوم الأربعاء، موضحاً أنها تعتمد على ثلاث مراحل.
تبدأ المرحلة الأولى بإدخال “إمدادات غذائية أساسية” إلى القطاع، تليها المرحلة الثانية التي تتضمن إنشاء نقاط توزيع لهذه المواد الغذائية بإدارة شركات أمريكية وتحت حماية جيش الاحتلال.
أما المرحلة الثالثة، فتقضي، بحسب نتنياهو، بإنشاء “منطقة معقمة” في جنوب قطاع غزة، يتم فيها نقل المدنيين من مناطق القتال النشطة، في خطوة يرى مراقبون أنها قد تكرس عملية التهجير القسري لسكان القطاع.
انتقادات من الأمم المتحدة وفي هذا السياق، وصف فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، خطة مؤسسة غزة الإنسانية بأنها محاولة مكشوفة لاستبدال منظومة الأمم المتحدة الإنسانية في غزة، معتبراً أنها تندرج في إطار استراتيجية إسرائيلية لإجبار السكان على الانتقال من شمال القطاع إلى جنوبه.
وأوضح لازاريني أن الأمم المتحدة وشركاءها يديرون حالياً نحو 400 نقطة توزيع للمساعدات في مختلف أنحاء غزة، بينما تهدف خطة المؤسسة الأمريكية إلى تقليص هذه النقاط إلى مراكز محددة في الجنوب، ما يجبر السكان على السفر لمسافات طويلة للحصول على الغذاء والدواء، قبل أن يعودوا مجدداً إلى مناطقهم الأصلية.