
في زمنٍ تعالت فيه أصوات الموت فوق أنين الحياة، وفي بقعةٍ على خريطة العالم اسمها غزة… حيث تُحاصر الكرامة بين الجوع والصمود، وتُدفن الإنسانية تحت ركام العدوان، تتكشف اليوم مؤامرة ناعمة بأدوات “المساعدة”، ومخطط شيطاني تلتف أنيابه حول عنق الشعب الفلسطيني… لا عبر السلاح فقط، بل عبر الدقيق والدواء والغذاء.
إنه فصلٌ جديد في كتاب التهجير والإخضاع… عنوانه “آلية المساعدات الأمنية الأميركية”، ومحتواه: وصاية مهينة، وشروط سياسية ملوّثة، وابتزاز فجّ يلبس قناع الرحمة.
فغزة التي لم تُكسرها الحروب، يُراد لها أن تُركع بالجوع. شعبها الذي لم تهزمه القنابل، يُراد له أن يُهزم بالطحين. وهنا، تتقدّم منظمات المجتمع المدني والأهلي بصوتٍ لا يعرف الخنوع، لتقول: كفى! لن تكون الخبزة ثمناً للكرامة، ولن نبيع فلسطين مقابل وجبة إنسانية مغشوشة بالسُمّ السياسي.
- منظمات المجتمع المدني في غزة ترفض الوصاية.. وترفع راية الكرامة
في خطوة تُعد صرخة مدوية في وجه الهيمنة،
أعلنت أكثر من 120 منظمة مدنية وأهلية فلسطينية رفضها القاطع للآلية الجديدة التي تقودها الإدارة الأميركية لتوزيع المساعدات الأمنية والإنسانية في غزة، معتبرة هذه الآلية بابًا خلفيًا لفرض وصاية سياسية مرفوضة، تمهد لما هو أخطر: تهجير جماعي منظم، وإعادة هندسة ديمغرافية للقطاع تحت ذريعة “الإغاثة”.
تقول المؤسسات الأهلية في بيانها العاصف:
“لن نكون شهود زور على خطة لا تمت للإنسانية بصلة. نرفض أن يُستخدم الغذاء أداة لإذلال شعبنا… ونرفض أن تتحول المساعدات إلى حصان طروادة سياسي يخترق إرادة الناس وثباتهم.”
إحصائية دقيقة:
%86 من منظمات المجتمع المدني بغزة أعلنت انسحابها أو رفضها التعاون مع أي آلية أميركية غير منسقة مع الجهات الفلسطينية الرسمية، بحسب استطلاع أجرته “شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية” في مايو 2025.
- الأونروا تُسجل موقفًا ناريًا مشرفًا… وتُعلن: لن نُشارك في لعبة السُمّ الأبيض:
في واحدة من أقوى المواقف الدولية الإنسانية، رفضت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) الانخراط في الآلية الأميركية، مؤكدة أن توزيع المساعدات يجب أن يتم وفق المعايير الأممية والعدالة الإنسانية، بعيدًا عن أجندات الأمن والاستخبارات.
تصريح ناري رسمي:
“نرفض أن نكون أداة ضغط سياسي على أهل غزة، ونُجدد التزامنا الثابت بتقديم المساعدة دون تمييز أو شروط.”
– فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا – مايو
2025.
- المساعدات الأمنية.. حين يتحول الإغاثي إلى أمني والمُسعف إلى مُخترق:
الآلية التي تقودها واشنطن، بحجّة تسريع الإغاثة، تُدار فعليًا عبر فرق أمنية وشركات خاصة تتبع البنتاغون، وتُشرف على اختيار المستفيدين وفق معايير سياسية وأمنية، مع غياب الشفافية، وتجاوز واضح لأي دور فلسطيني وطني.
خطر داهم للغاية:
تخزين البيانات البيومترية لمئات آلاف الفلسطينيين.
فرض خارطة توزيع تخدم تقسيم القطاع إلى مناطق “هادئة” وأخرى “مشكوك فيها”.
منع بعض العائلات من الحصول على المعونات لأسباب “أمنية غامضة” دون توضيح.
- الأرقام لا تكذب: غزة تنهار… والخبز يُسيّس!:
بحسب تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA):
97% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
2.2 مليون فلسطيني يحتاجون لمساعدات إنسانية عاجلة.
منذ بدء الحرب، تراجعت معدلات دخول المساعدات بنسبة 80%.
قافلة مساعدات واحدة تمرّ مقابل كل عشرين كانت تمر سابقًا.
وفي هذه الأرقام الصارخة، تبرز مفارقة مؤلمة: تُستغل معاناة شعب بكامله كورقة ضغط تفاوضية، يُراد له أن يُركع وهو جائع، أن يُوقّع وهو يُقنّن رغيفه، أن يُهاجر وهو يبيع خبزه الوطني مقابل صمتٍ دولي مريب!
- أرقام وإحصائيات موثقة تكشف حجم الكارثة: الإنسانية في غزة
في الفترة من 6 أكتوبر إلى 25 نوفمبر 2024، قامت الأمم المتحدة بمحاولات متكررة بلغت 91 محاولة للوصول إلى شمال قطاع غزة لتقديم مساعدات إنسانية منقذة للحياة، إلا أن 82 من هذه المحاولات تم رفضها بشكل قاطع، في حين تمت إعاقة 9 منها .
ووفقًا لتقارير الأونروا، فإن ظروف البقاء على قيد الحياة تتدهور بشكل حاد بالنسبة لحوالي 65 – 75 ألف شخص لا يزالون متواجدين في شمالي القطاع
- التاريخ يُعيد نفسه… ولكن بثياب المساعدات:
في ثمانينات القرن الماضي، استخدمت واشنطن نفس التكتيك في أمريكا اللاتينية. أُغرقت بعض المجتمعات الفقيرة في المعونات مقابل التجنيد السياسي، وتفكيك الحركات المقاومة، وبناء قواعد عسكرية خلف ستار الإنسانية. واليوم، يُعاد السيناريو في غزة.
وثيقة تاريخية:
في تقرير سري كشفه موقع Intercept الأميركي:
“غزة تحت الرقابة الأميركية الإنسانية، هي مختبر لتطبيق خطة توزيع الغذاء كوسيلة لإعادة صياغة المزاج الشعبي… وتحويل المقاومة إلى تبعية.”
- الأونروا تتعرض لحملة دولية لتقويض دورها في غزة
ذكرت صحيفة “إسرائيل اليوم” أن وكالة المعونة الأميركية ستحول أموالًا إلى منظمات إغاثية غير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيما تعتقد إسرائيل أن الوكالة الأميركية يمكن أن تحل مكان الوكالة الأممية .
وقد علّقت نحو 17 دولة تمويلها للوكالة، مما يهدد قدرتها على الاستمرار في الأعمال الإغاثية .
- استخدام المساعدات كسلاح سياسي:
اتهم المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” إسرائيل باستخدام المساعدات الإنسانية كسلاح، من خلال حصارها للبضائع وقطع الكهرباء عن غزة .
وقد أوقفت إسرائيل دخول كافة المساعدات منذ بداية الشهر الجاري، متهمة حماس برفض مقترح أميركي بتمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة .
- تحذير روحاني وسياسي وأخلاقي من كل فلسطيني حرّ: لا تُفرّطوا بالكرامة مهما اشتدّ الجوع:
إن تجويع الشعوب منهج استعماري قديم، واستغلال الجوع كسلاح هو أقبح أدوات الحرب النفسية. لكن ما لا يعرفه الطغاة، أن الجائع لا ينحني إن كانت روحه مشتعلة بالحق، وإن كانت ذاكرته حية بمفاتيح بيته، وإن كانت أقدامه مغروسة في تراب الأرض كجذور زيتونة لا تموت.
- المطلوب الآن.. موقف عربي وإسلامي ودولي واضح وصريح:
رفض رسمي لهذه الآلية من قبل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.
دعم مالي مباشر للأونروا والمؤسسات الإنسانية الوطنية.
وقف تدخل الأمن الأميركي في إدارة المساعدات.
فتح تحقيق أممي حول استخدام الغذاء كأداة ابتزاز سياسي في غزة.
- كلمات نارية من داخل غزة… تقولها الأمهات قبل السياسيين: “كرامة أولادنا أهم من صندوق غذاء مسموم”:
من داخل حي الشجاعية، ومن بين أنقاض المنازل، تقول “أم سفيان”، وهي أم لخمسة أطفال:
“لا نريد طحينًا يحمل بصمة الاحتلال… نريد حرية. وإن جاع أبنائي اليوم، فليجوعوا بكرامة، ولا يشبعوا بذُل.”
- غزة لا تموت بالجوع، بل تنتصر بالجوع:
غزة اليوم ليست مجرد جغرافيا محاصرة، بل رمزٌ للكرامة والصمود في وجه محاولات الإذلال والتجويع. إن استخدام المساعدات كسلاح سياسي لتقويض إرادة شعب بأكمله يُعد جريمة إنسانية لا تغتفر. وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية، وأن يقف في وجه هذه السياسات التي تهدف إلى تركيع شعب بأكمله تحت وطأة الجوع والحصار.
غزة ستظل صامدة، وستبقى رمزًا للحرية والكرامة، ولن تنحني أمام محاولات الإخضاع والتجويع.
غزة لا تحتاج إلى “خبزٍ عليه ختم البنتاغون”، بل إلى يدٍ عربية تمتد إليها بصدق، وإلى روح إنسانية تُعيد تعريف المساعدة على أنها دعم للكرامة لا تكريسٌ للوصاية.
غزة لا تموت بالجوع، بل تنتصر بالجوع إذا كان طريقًا إلى الحرية.
لا تدفعوا غزة إلى المذبح باسم الرحمة، ولا تصنعوا من مساعداتكم قيدًا في يد المُحاصر… فغزة ليست ضحية قدر، بل مستهدفة بإرادة دولية ظالمة.
لكن هيهات… غزة التي كتبت التاريخ بدمها، ستُسطّره اليوم بصبرها وصمودها، وستقول للعالم كما قالت من قبل:
“إننا شعبٌ لا يُقهر… ولن نبيع تراب الوطن مقابل رغيفٍ مغمّس بالذل.”
غزةُ ستزرعُ القمحَ على الإسفلتِ إنْ مُنِعَت التربةْ
وستصنعُ رغيفًا من الغضبِ إن نَفِدَ الخبزُ والبُلغةْ
وستكتبُ على جدارِ كلِّ مستودعٍ: “نحنُ لسنا عبيدَ المعوناتِ… نحنُ شعبٌ لا يُشترى بالقوتِ، بل بالحقِّ، بالحقيقةْ”
وغدًا… حين تَهدأُ الموجةُ السوداءُ، وتَتَساقَطُ أقنعةُ الزيفِ، سنبقى نحنُ… النشيدَ الوحيدَ الواقفَ في الزوابعِ القادمةْ!
- حين يصبحُ الجوعُ أغنية مقاومة!:
في زمنٍ تتقاطع فيه المساعدات مع البنادق، وتُعبّأ فيه الحنطة بالقرارات الأمنية، حين يصبحُ الخبزُ خنجرًا، والماءُ سُمًا، والدواءُ طُعمًا لمخبرٍ دولي،
لا يكونُ الشعرُ ترفًا… بل يكون سلاحًا، ويصبحُ البيتُ الشعريّ مدفعًا، فلتسمعوا غزة وهي تغني، لا على مقامِ الحزن، بل على نغمةِ الكرامة!
حين تشتدُّ الريحُ في وجهِ المقهورين،
وحين يتحولُ الخبزُ إلى طلقة، والماءُ إلى وَعِيد،
حين يُمنعُ الطفلُ من قُوتِه، ويُساوَمُ الناسُ على كرامتِهم بلُقمةٍ مذلولة…
هناك، في ظِلّ الحِصارِ، لا يُولَدُ الضَّعف، بل يُزهرُ الغضب،
وهناك، في قلبِ المجاعةِ، يكتبُ الفلسطينيُّ شعرَه على لُقمةٍ مسروقة، ويختمُها بالدم.
فها هي غزة تُنشد للعالم صرختَها… لا كاستغاثة، بل كبيانِ تحدٍّ خالِد، شعريّ، عاصفيّ، وجامد، سيبقى محفورًا في وجدان التاريخ!
حين يُصبح الرغيفُ مرهونًا بالرضوخ،
ويُغلف بالعلم الأميركي، وتُوقّع عليه أوامر الأمن،
حين يطاردون الفلسطيني في غدائه،
وفي حقّه في أن ينهضَ من الفجر بلا إذنٍ من مبعوثٍ أجنبي،
تعلو الحناجر، لا بالهتاف فقط… بل بالشعر،
فتنهمر القصائد كما الصواريخ، وتُشعل الأرواح بكلماتها،
وهنا… تنفجر الحروف على هيئة “ملحمة شعرية نارية موزونة”،
تسكن الوجدان… وتصبح ترندًا بملء القهر والكرامة.
بالقلبِ أكتبها، لا بالحبرِ المسكوبِ على أوراقِ الخضوع…
بنبضِ الشهداءِ، بدموعِ الثكالى، بصراخِ الطفولةِ المسروقة…
أُطلقها قصيدةً لا تنحني، لا تخجل، لا تتوسل، بل تصرخ وتقاتل وتبصق في وجه كل من يحاول أن يجعل من “الرغيف” قيدًا، ومن “الدواء” سُمًّا سياسيًا.
قصيدة: الرغيف المُنتفِض
أنا غزةُ…
أنا الرغيفُ إذا تمَرَّغَ بالخيانةِ صارَ علقمْ
أنا المساعداتُ حينَ تُشَرطُ بالخضوعِ، أَرفضُ وأَنتقمْ
أنا الملاكِ الذي لا يأكلُ من يدِ الشيطانِ ولو جاعَ، ولو سَقَمْ
أنا اليتيمُ الذي يَحتضنُ بندقيتَهُ بدلَ العَناقِ المُنغّمْ
أنا ابنةُ السِلكِ الشائكِ، والليلِ الطويلِ، والدعاءِ حينَ تَنهدمُ الخيامْ
أنا من تحتَ ركامِ البيتِ تنبتُ زهرَةُ “لن أُباعَ”… ولن أُساوَمْ
أنا الطفلُ الذي جاعَ، فحفرَ في الطينِ شكلَ رغيفٍ،
ثم قالَ: “هذا وطني… ولا أُبدّلهُ بأيِّ دُولارٍ مُحرّمْ”
هل تعرفونَ معنى أن يُربّى الصبرُ في عيونِ امرأةٍ فقدت ولدها؟
أن تَخبزَ الليلَ بالدمعِ، وتُطعمَ الحائطَ بالانتظار؟
أن ترفضَ فتاتَ الظالمِ، وتَصنعَ من الحصارِ أغنيةَ انبِعاثٍ ونار؟
أنا غزةُ…
التي لا تشربُ الماءَ من كفِّ قاتلِها، ولو احترقَ الحلقُ وذابَ القرارْ
أنا التي تقولُ “لا” لكلِّ مشفىً مشروطٍ، ولكلِّ رغيفٍ عليهِ صورةُ الكاوبوي وبارجةِ الدمارْ
نحنُ الذينَ لا نَغِشُّ اللهَ في صبرِنا، ولا نُهادنُ الضميرْ
نُقاومُ بالطينِ، بالملحِ، بنبضِ الجنينِ المُبشِّرِ بالحُرّيةِ وهو في رَحِمِ العُسُرِ الأسيرْ
نُعلنها صرخةً: لا نُريدُ خبزَكم، لا نُريدُ مياهَكم،
نُريدُ أرضَنا… نُريدُ موتَنا في أرضِنا لا في مخيماتِ التواطؤِ الكبيرْ
قُولوا لمن باعَنا على مَائدةِ الأممْ:
إنَّا شبعنا بالكرامةِ، وجُعنا من الدسمْ
قولوا لهم:
إنّا نَبيتُ على الرغيفِ الجافِّ، ولا نَبيتُ على فراشِ العارِ والمذلةِ والنعمْ
وإذا أردتُم أن تعرفوا غزةَ حقًا؟
غزةُ ليست بندقيةً فقط،
غزةُ قصيدةٌ تَركلُ وجهَ السياسةِ حين تُلوِّثُ الخبزْ
غزةُ طفلٌ يصرخُ في وجهِ سفير:
“خذ دولاراتِكَ… نحنُ نُريدُ وطنًا، لا فتاتًا ومخابزًا تحتَ التصويرْ!”