مصرملفات وتقارير

قانون الانتخابات الجديد يفتح أبواب الأزمة السياسية في مصر

تتزايد حالة الاحتقان السياسي في مصر على خلفية التعديلات المقترحة على قانون الانتخابات البرلمانية، في ظل مخاوف واسعة من إقصاء المعارضة وإعادة إنتاج برلمان شكلي يُكرّس هيمنة السلطة التنفيذية على الحياة التشريعية.

في قلب الجدل، يبرز ما يُعرف بـ”نظام القوائم المغلقة المطلقة”، الذي تُصر الحكومة على اعتماده، في حين تعتبره قوى المعارضة محاولة للسيطرة الكاملة على العملية الانتخابية، ومصادرة الحق في التعددية السياسية والتمثيل المتنوع.

معارضة متصاعدة وصيحات تحذير

الحركة المدنية الديمقراطية – وهي تكتل يضم أحزابًا وشخصيات عامة بارزة – أصدرت بيانًا رفضت فيه مشروع القانون المقترح، واعتبرته “ردة حقيقية على المسار الديمقراطي”، مطالبة بحوار وطني مفتوح يشمل كافة الأطراف السياسية ومنظمات المجتمع المدني.

وقال أحد أعضاء الحركة، في تصريحات خاصة، إن “القانون في صيغته الحالية يمنح كامل السلطة لأجهزة الدولة لتحديد شكل البرلمان القادم، ويُقصي كل من يفكر خارج الصندوق أو يطمح إلى تغيير حقيقي”.

أحزاب مثل “الكرامة” و”التحالف الشعبي الاشتراكي” و”العيش والحرية” أيدت موقف الحركة، ووصفت المشروع بأنه محاولة لتفصيل البرلمان على مقاس النظام.

المجتمع المدني: مخاوف من برلمان ديكوري

عدد من منظمات المجتمع المدني أعربت عن مخاوفها من تمرير القانون دون حوار أو توافق، محذرين من أن البرلمان القادم قد يكون مجرد واجهة شكلية تفتقر إلى أي شرعية حقيقية.

محامون وقانونيون تحدثوا عن تعارض المشروع مع روح الدستور، خاصة فيما يتعلق بمبدأ تكافؤ الفرص، والحق في التمثيل العادل، فيما أكد خبير قانوني أن “نظام القوائم المغلقة المطلقة لم يُطبّق في أي دولة ديمقراطية حديثة بهذا الشكل”.

الإعلام بين الترويج والنقد

الإعلام الرسمي والمقرب من السلطة احتفى بمشروع القانون، واعتبره خطوة لضمان الاستقرار، والحد من التشرذم الحزبي، بينما شنّت قنوات المعارضة – مثل “الشرق”، “مكملين” – هجومًا حادًا عليه، ووصفت القانون بأنه “طبخة سياسية لإعادة إنتاج نفس الوجوه”.

دعوات للمقاطعة وتحذيرات من التصعيد

مع تصاعد الغضب، بدأت دعوات من أطياف مختلفة في المعارضة لمقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة، في حال تم تمرير القانون بصيغته المقترحة، مؤكدين أن الانتخابات ستكون “غير شرعية”، ونتاج عملية إقصاء منظمة.

وقالت مصادر داخل أحد الأحزاب المعارضة إن “السلطة ستدفع ثمن الانغلاق، وستواجه أزمة شرعية كبيرة إذا استمرت في عنادها”، محذرًا من عواقب سياسية واقتصادية قد لا تكون في الحسبان.

تحليل: أزمة ثقة متفاقمة

يرى مراقبون أن أزمة قانون الانتخابات تعكس حالة أعمق من فقدان الثقة بين السلطة والمعارضة، وأن أي محاولة لتمرير القانون دون توافق ستكون بمثابة صبّ الزيت على نار الأزمة السياسية المتصاعدة في البلاد.

كما حذر محللون من أن تغييب التعددية والتمثيل العادل في البرلمان القادم سيُضعف دور المؤسسة التشريعية، ويُعيد البلاد إلى مربع السلطوية، وسط تزايد الضغوط الداخلية والدولية.

أزمة قانون الانتخابات في مصر لم تعد مجرد خلاف سياسي حول صياغة تشريعية، بل تحوّلت إلى معركة حول مستقبل الحياة السياسية في البلاد، بين سلطة تُصرّ على إحكام قبضتها، ومعارضة تُكافح من أجل ضمان الحد الأدنى من التعددية والديمقراطية. والكل بانتظار ما ستؤول إليه الأيام القادمة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى