ثقافة وتاريخ

القدس تكشف فشل إسرائيل في فرض التوحيد بعد 58 عاماً من الضم

أكد المراقبون أن مخاوف إسرائيلية تتصاعد حول استمرارية توحيد مدينة القدس بعد أكثر من خمسة عقود من محاولات الضم والإلحاق التي لم تحقق الغاية المنشودة منذ احتلال المدينة عام 1967

حيث برزت نية الحكومة الإسرائيلية تحت قيادة جولدا مائير في تقليص نسبة السكان الفلسطينيين إلى أقل من 12 في المئة بهدف ضمان أقلية لا تؤثر على قرارات المدينة المستقبلية

أشار الفلسطينيون إلى تمسكهم الثابت بمدينة القدس وبروابطهم القوية مع الضفة الغربية وقطاع غزة والعالم العربي والإسلامي رغم الضغط المستمر ومحاولات الاستيطان المكثف التي رافقتها مليارات الدولارات المخصصة لإسكان المستوطنين اليهود،

بينما تواصلت الإجراءات الإسرائيلية المصاحبة مثل مصادرة الأراضي لصالح المواقع العسكرية أو المناطق الخضراء التي حولت في النهاية إلى مستوطنات جديدة، إضافة إلى منع المقدسيين من العودة إلى منازلهم في المدينة خاصة أولئك الذين غادروا للعمل أو الدراسة

أوضح المسؤولون الفلسطينيون أن وزارة الداخلية الإسرائيلية منحت صلاحيات واسعة لسحب حق المواطنة من المقدسيين المقيمين خارج حدود البلدية الأمر الذي دفع عدداً كبيراً منهم إلى الانتقال إلى ضواحي القدس حيث بنوا مساكن عالية ومستوى معيشة راقياً،

لكن عدداً مهماً منهم عاد إلى الأحياء القديمة داخل حدود البلدية بعد تشديد الرقابة وبناء جدار مزدوج لتعزيز التحصينات الإسرائيلية،

فيما ساهم الراحل فيصل الحسيني المسؤول عن ملف القدس في منظمة التحرير بتأمين عودة آلاف المواطنين ودعمهم في ترميم منازلهم وإضافة غرف بأسقف من الصفيح بسبب القيود المفروضة على البناء بالأسمنت

أكدت الحكومة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة على حجم قلقها عبر تخصيصها ميزانية ضخمة تصل إلى مليار ونصف المليار دولار لتشجيع اليهود على السكن في القدس تجنبا لما أبداه رئيس بلدية القدس الحاخام أوري ليبيوناسكي من مخاوف حقيقية حول إمكانية تزايد النفوذ الديمغرافي لحركة حماس في المدينة،

وهو ما دفعه إلى تحفيز اليهود الشرقيين المتدينين من المناطق الفقيرة في محيط تل أبيب على الانتقال إلى القدس عبر تخفيضات مالية على أسعار المنازل في المستوطنات

أوضح رئيس البلدية أن هذه التحركات تهدف لتعزيز السيطرة اليهودية وسط تغييرات ديمغرافية متسارعة إذ أن اليهود العلمانيين تركوا المدينة بسبب تقيد المتدينين بممارسات دينية صارمة،

ولا سيما في الأحياء المخصصة لهم مثل جبل أبوغنيم ومنطقة عطاروت الصناعية ومستوطنة مئات شعاريم على الخط الأخضر التي شهدت صدامات بين المتدينين والشرطة بسبب إغلاق الحي يوم السبت

أشار المسؤولون الإسرائيليون إلى القرارات التي تم اتخاذها خلال اجتماع في مركز بيجن المطل على القدس الشرقية والتي تضمنت نقل جميع الوزارات الحكومية إلى المدينة عدا وزارة الجيش التي ستبقى في تل أبيب

مما سيزيد من عدد الموظفين الحكوميين ويعزز النشاط الاقتصادي في القدس مع منح إعفاءات ضريبية للمستثمرين بهدف توفير فرص عمل لليهود،

فضلاً عن تخصيص مساحة كبيرة لإقامة مقار الدوائر الرسمية في المدينة حيث يبلغ عدد الموظفين الحكوميين هناك حوالي 40 ألف موظف

أكدت مصادر إسرائيلية أن القلق تصاعد مع ظهور مقترحات دولية وإسرائيلية تعيد طرح فكرة تقسيم القدس بين الفلسطينيين والإسرائيليين،

وأكد إيهود باراك رئيس الوزراء الأسبق دعم تقسيم المدينة مع وضع شروط للسيطرة العسكرية على المدينة بينما عبر يوسي بيلين زعيم حزب ميريتس عن تأييده لتقسيم المدينة التي وصفها بأنها مقسمة بالفعل،

ويأتي ذلك في وقت لا يعترف فيه المجتمع الدولي بضم القدس الشرقية لإسرائيل حيث أكدت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة موقفهم الرافض لضم المدينة ولم يشارك سفراء هذه الجهات في الاحتفالات الإسرائيلية بذكرى ضم القدس

أوضح الفلسطينيون أن هذا الموقف الدولي قد شكل دعمًا معنويًا كبيرًا لهم كما أن الولايات المتحدة الأمريكية رغم طلب الكونجرس نقل سفارتها إلى القدس لم تنفذ ذلك حتى الآن رغم تخصيص الأرض لهذا الغرض في القدس الغربية،

وفي الوقت نفسه حذر خبراء معهد دراسات القدس الإسرائيلي من استمرار نمو عدد السكان العرب في المدينة بنسبة تصل إلى 34 في المئة وأن استمرار هذا النمو قد يؤدي إلى تقارب نسبي بين عدد العرب واليهود في المدينة خلال السنوات المقبلة

أكدت تقارير الأبحاث أن الفلسطينيين يرفضون التعداد الإسرائيلي لسكان القدس واعتبروه محاولة لتقليل أعداد السكان العرب بشكل متعمد من أجل تقليل تأثيرهم في مستقبل المدينة،

فيما رصدت صحيفة هآرتس في تقرير لها أن الفجوة بين شرق وغرب القدس لا تزال واسعة بعد 58 عاما من الضم، إذ تعاني أحياء القدس الشرقية من إهمال واضح في البنى التحتية وتحصل على حوالي 10 في المئة فقط من ميزانية البلدية،

بينما أشار استطلاع حديث إلى أن أكثر من نصف السكان يؤيدون تقسيم المدينة في إطار تفاهمات سلام جنيف مما يعيد طرح فكرة التقسيم بقوة على الساحة السياسية والاجتماعية للمدينة

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى