أحزاب وبياناتحوارات وتصريحات

الانفجار الصامت بحزب الوفد: يوسف عبداللطيف يترشح لفضح زيف الديمقراطية

وسط التحضيرات الجارية للاستحقاق الانتخابي البرلماني 2025، تظهر أصوات جديدة تحمل رؤية مختلفة وروحًا إصلاحية هادئة.

نلتقي اليوم مع أحد القيادات السياسية التي تقدمت للترشح في صفوف حزب الوفد، والتي تؤمن بأن السياسة الحقيقية ليست منصبًا، بل مسؤولية وطنية.

يوسف عبداللطيف، كاتب رأي ومحلل سياسي مصري، عرفته الساحة السياسية كأحد أبرز وجوه المعارضة المنظمة داخل حزب الوفد بأسيوط، حيث شغل منصب سكرتير عام اللجنة العامة والفرعية للحزب، وله إرث طويل في العمل العام والمجالس المحلية، بدأه منذ مطلع التسعينات.

عُرف بدقة تحليله وجرأته في طرح القضايا المسكوت عنها، وكتاباته التي تتناول أبعاد الواقع السياسي والاجتماعي في مصر بوعي عميق وطرح إصلاحي.

برز كمؤسس لأول لجنة شباب في تاريخ حزب الوفد بأسيوط، وترقى في مواقع الحزب حتى أصبح من رموزه التنظيمية بالمحافظة، ويمتلك خلفية تنفيذية رصينة، ومرشح سابق لمناصب قيادية في الدولة، مما يعكس كفاءته الإدارية والسياسية.

في هذا الحوار، يفتح موقع “أخبار الغد” مع يوسف عبداللطيف الملفات الساخنة التي طالما تجنّبها كثيرون، ويتحدث بلهجة وطنية مسؤولة عن فرص الشباب، ترهل الأحزاب، وغياب الشفافية، ويكشف عن ملامح مشروعه السياسي مع اقتراب انتخابات البرلمان 2025.

يوسف عبداللطيف

من المعارضة إلى الترشح: لماذا قرر يوسف عبداللطيف دخول السباق الانتخابي

يوسف عبداللطيف: الإيمان بأن مصر تستحق الأفضل .. أنا أنتمي إلى جيل يؤمن بأن التغيير الحقيقي لا يأتي بالكلام، بل بالفعل.

لدي رغبة صادقة في خدمة الوطن من خلال العمل التشريعي والرقابي، والمساهمة في بناء مؤسسة نيابية قوية تُعبّر بحق عن تطلعات المواطنين.

والدافع الحقيقي هو إحساسي بأننا نعيش لحظة فاصلة في التاريخ السياسي لمصر، وأن السكوت لم يعد خيارًا مقبولًا، لديّ تجربة ممتدة في العمل العام، لكنني أعتقد أن البرلمان هو منبر التغيير الحقيقي، وهو الإطار الذي يمكن من خلاله تحويل الرؤية إلى تشريع، والفكرة إلى فعل مؤسسي.

ليس الترشح هدفًا شخصيًا، بل هو استجابة لواجب وطني يرغمني على الانتقال من مربع التحليل والكتابة إلى دائرة التأثير المباشر، عبر أدوات الرقابة والتشريع، لقد آن الأوان لأن يُصاغ صوت المواطن في قاعة المجلس لا على هامش المقالات.

الشباب والعمل النيابي: بين الحلم والواقع المؤجل

يوسف عبداللطيف: الشباب في مصر اليوم يمتلكون الوعي والكفاءة، لكن للأسف الفرصة لا تزال حبيسة الشعارات، هناك فجوة بين ما يُقال عن تمكين الشباب وبين الواقع التنظيمي داخل الأحزاب والمؤسسات.

أغلب الترشيحات ما تزال تذهب لمن “يروق” للدوائر المغلقة، وليس لمن يمثل تطلعات الشارع، ومع ذلك، ما زلت أؤمن أن الإصرار والوعي هما السبيل الوحيد لاختراق هذا الجمود، وأدعو كل شاب قادر أن لا ينتظر “دعوة”، بل أن يفرض نفسه بالحضور والفكرة والجرأة.

فإذا ما توفرت لهم الثقة والدعم الحقيقي، ما يحتاجه الشباب ليس فقط فرصًا، بل منصات تعترف بقدراتهم، وبرامج تأهيل تضعهم على طريق المسؤولية، العمل النيابي ليس حكرًا على أحد، بل يجب أن يُبنى على الكفاءة والجدية، لا على الأقدمية أو المجاملات.

لماذا الوفد؟ قراءة في الانتماء الحزبي ودوافع البقاء

يوسف عبداللطيف: الوفد ليس مجرد حزب، بل مدرسة وطنية في العمل السياسي لها تاريخ طويل في الدفاع عن الاستقلال والحريات، انتمائي لهذا الحزب لم يكن صدفة، بل نتاج قناعة فكرية وتاريخ من النضال والعمل السياسي.

وإخلاصي للفكرة الوفدية ينبع من إيماني بتاريخ الحزب العريق، وفي الوقت نفسه، من رغبتي في المساهمة في تجديد دمائه من الداخل، أنا لا أبحث عن واجهة، بل عن دور حقيقي داخل كيان وطني له ثقل.

ترشحي من خلال الوفد هو استمرار لهذا الانتماء، ومحاولة لإحياء روحه الأصلية التي كادت تذوب في الضجيج السياسي العام، لا أبحث عن مظلة حزبية شكلية، بل أريد أن أكون داخل الحزب الذي تربيت فيه صوتًا لمبادئه التي أؤمن أنها قابلة للاستعادة والنهضة من جديد.

مغامرة بلا دعم: الترشح كفعل ضمير لا كصفقة سياسية

يوسف عبداللطيف: هي مغامرة نعم، لكنها محسوبة وضرورية .. لم أكن يومًا أسير وفق حسابات “الدعم المضمون”، بل اعتدت أن أصنع مساحتي بالاجتهاد والمواجهة.

فلا أخشى أن أكون الصوت المختلف، لأنني لا أطلب دعمًا إلا من الناس ومن ضميري، إذا انتظرنا الضوء الأخضر من صالونات السياسة، فلن يتحرك شيء، أعتبر ترشحي اختبارًا للمبادئ، لا صفقة سياسية.

وأرى أن الصمت هو الخسارة الحقيقية، أما المحاولة فهي شرف، لم أقدم ترشحي من باب المجاملة، بل من إيمان جاد بأن لدي ما أقدمه، وإذا كان صوتي سيصل اليوم أو لاحقًا، فأنا راضٍ، لأني اخترت أن أتحرك لا أن أكتفي بالمشاهدة.

خارج القوائم الحزبية: هل يفكّر يوسف عبداللطيف في الترشح كمستقل

يوسف عبداللطيف: أنا لا أعلق مشروعي الوطني على قرار تنظيمي، إذا لم أكن على قائمة الحزب، سأواصل العمل من الميدان، سواء كمرشح مستقل أو من خلال دعم الحراك المجتمعي والسياسي بوسائل أخرى، النضال لا يُختزل في مقعد، والسياسة ليست موسمًا انتخابيًا، بل مسار حياة.

أولويات البرلمان القادم: التعليم، الحكم المحلي، والعدالة الاجتماعية

يوسف عبداللطيف: التعليم أولًا، ثم الإدارة المحلية، ثم العدالة الاجتماعية، لا يمكن بناء دولة حديثة دون تعليم حقيقي، ولا يمكن تحريك التنمية دون إصلاح الإدارات المحلية التي تُدير حياة المواطن اليومية، البرلمان يجب أن يعود كصوت للمواطن، لا مجرد منصة تشريعية.

ولكن الملف الأشد إلحاحًا في رأيي هو استعادة فاعلية المجالس المحلية وتطبيق اللامركزية .. مصر لا يمكن أن تُدار مركزيًا في ظل هذا الحجم السكاني والتعقيد المجتمعي.

بدون مجالس محلية قوية وفعالة، ستظل التنمية رهينة القرارات الفوقية، وسينزف المواطن دون تمثيل حقيقي لمطالبه اليومية.

مشروع سياسي أم مجرد حملة؟ عبداللطيف يكشف أهدافه تحت القبة

يوسف عبداللطيف: هناك ثلاثية يجب أن تتصدر: العدالة الاجتماعية، إصلاح التشريعات الاقتصادية بما يخدم المواطن، وتحقيق انفراجة سياسية حقيقية تتيح حرية التعبير والمساءلة.

لن تكون هناك تنمية في ظل الخوف، ولا عدالة دون مساءلة، ولا استقرار دون تمكين الطبقة الوسطى ودعم الفئات الهشة.

يوسف عبداللطيف: لأن الإرادة التنظيمية الحقيقية غائبة، كثير من القيادات تُمسك بالمفاتيح وتخشى من الظل الذي يصعد خلفها.

هناك أزمة بنيوية داخل الأحزاب، جعلت مسار الصعود مرتبطًا بالولاء لا بالكفاءة، لدينا شباب قادر، لكن الطريق أمامه مغلق بالحسابات القديمة.

أزمة الأحزاب: ولاءات تتقدّم على الكفاءات

يوسف عبداللطيف: للأسف، نعم .. العلاقات الشخصية باتت تلعب الدور الأبرز، وتحولت بعض الترشيحات إلى “ترضيات تنظيمية”.

وهذا من الأسباب الجوهرية لتآكل صورة الأحزاب لدى الشارع، ما لم تُستبدل آلية الترشيح بمعايير موضوعية وشفافة، فلن تعود الثقة، وسينصرف الناس إلى البديل الشعبي أو المقاطعة.

المعارضة الغائبة: أين اختفى الصوت الجاد داخل الأحزاب

يوسف عبداللطيف: المعارضة الجادة اختفت لأن هناك خلطًا بين النقد والتخوين، وبين الاختلاف والتجاوز، كثير من الأحزاب اليوم لا تمتلك قرارها بالكامل، وبعضها يتحرك وفق “تفاهمات غير مكتوبة” مع مراكز قوى غير حزبية، عندما تغيب الاستقلالية، يغيب الموقف، والحزب الذي لا يملك قراره، لا يصنع معارضة.

من يُقرّر داخل الأحزاب؟ أسرار الكواليس والدوائر المغلقة

يوسف عبداللطيف: غالبًا ما توضع القوائم داخل دوائر ضيقة، تتراوح بين لجنة عليا ومكتب سياسي، ولكن الحقيقة أن نفوذ الأشخاص يتفوق على النظام المؤسسي.

أما غياب الشفافية، فسببه أن “التحكم” أصبح أولوية أكبر من “الاختيار”، الوفد بحاجة إلى مراجعة شاملة لآليات اتخاذ القرار، وإلا فقد هويته التاريخية.

صورة بلا مضمون: هل تحولت الأحزاب إلى ديكور سياسي

يوسف عبداللطيف: في كثير من الحالات، نعم، بعض الأحزاب صارت أشبه بمراكز خدمة مدنية ترفع لافتة السياسة، غابت المبادرة، وانكمشت الأدوار، وتحوّلت إلى ديكور ديمقراطي بلا فاعلية، ما نحتاجه اليوم هو عودة السياسة كموقف، لا كمراسم.

البرلمان أم غرفة الصدى؟ أزمة الأداء النيابي في مصر

يوسف عبداللطيف: لأن الترشيح لم يعد قائمًا على الكفاءة، والمحاسبة داخل الأحزاب غائبة تمامًا، النائب يُترك ليعمل بمنأى عن الحزب، بلا تقييم ولا مراجعة، وعندما يصبح المقعد هدفًا في حد ذاته، يختفي الأداء، ويصبح البرلمان غرفة صدى لا قاعة مساءلة.

الوفد والحرّيات العامة: أين ذهب صوت الحزب العريق

يوسف عبداللطيف: لأن الحزب انشغل بالبقاء أكثر من الانحياز، الوفد الذي قاد معارك الدستور والاستقلال في الماضي، بات مترددًا أمام أي موقف قد يُفهم كتصعيد.

ولكنني أؤمن أن داخل الحزب قيادات وطنية نزيهة يمكن أن تُعيده إلى خطه التاريخي، لو أُتيحت لها الفرصة.

الصوت المستقل: هل يخيف الأحزاب أم يحييها

يوسف عبداللطيف: نعم، هناك حظر غير معلن، وهناك تخوف دائم من الشخصيات المستقلة في فكرها، الولاء اليوم، مع الأسف، أصبح “كارت المرور”، بينما أصحاب المواقف يُنظر إليهم كتهديد لا كمكسب، هذا المناخ لا يصنع دولة ولا حزب.

الأحزاب والشارع: غياب ميداني لصالح “صالونات النخبة”

يوسف عبداللطيف: لأنها فقدت إيمانها بالناس، الخطاب الحزبي بات موجّهًا للنخبة والدوائر الرسمية، لا للشارع.

غابت الحملات الميدانية، واختفت الندوات، وصارت السياسة مؤتمرات موسمية وتصريحات لا تُلزم أحدًا، العودة إلى الشارع ليست ترفًا، بل واجب حياة للحزب.

الوفد في مفترق طرق: بين التاريخ العريق والواقع المأزوم

يوسف عبداللطيف: الحزب يعيش حالة من التذبذب بين الحفاظ على تاريخه وبين الانخراط في مشهد عام يميل إلى الاستقرار دون موقف.

لا أقول إنه ذاب تمامًا، لكن الهوية الوفدية بحاجة إلى بعث جديد، وإلى من يعيد تشكيل الوعي الحزبي وفق مبادئ سعد زغلول لا حسابات اللحظة.

نداء إلى القيادات الحزبية: افتحوا الأبواب قبل أن تنكسر الجدران

يوسف عبداللطيف: افتحوا الأبواب قبل أن تنكسر الجدران، جددوا دماء الأحزاب لا بكلمات الإنشاء، بل بمنح الشباب مساحات حقيقية، وتوقفوا عن الخوف من المستقبل، فالقوة تكمن في التنوع، لا في السيطرة.

مصر بحاجة إلى تجديد الدماء الحزبية، والرهان على الشباب المؤهل، المطلوب اليوم هو أن تفتح الأحزاب أبوابها لمن يملكون رؤية وإرادة، لا لمن يملكون علاقات فقط. أنا أوجه دعوتي لكل من يؤمن بالحياة السياسية النزيهة، أن يكون شريكًا في دفع التجديد، لا في عرقلته.

إلى الناخب: صوتك لا يُهدى.. بل يُنتزع

يوسف عبداللطيف: أيها الناخب، لا تترك صوتك يُسرق بالصمت. صوتك هو أقوى أدوات التغيير. وللأحزاب، أقول: إن لم تكونوا حاضنين لأحلام الناس، فسيصنع الناس أدواتهم الجديدة خارج أسواركم.

في جملة واحدة: خلاصة مشروع يوسف عبداللطيف السياسي

يوسف عبداللطيف: أن أكون صوتًا وطنيًا حرًا داخل البرلمان، لا تابعًا ولا صامتًا، يحمل هم المواطن وكرامة الوطن، والمواطن يجب أن يعود إلى قلب القرار وأري سياسة بلا خدمة حقيقية لا قيمة لها.

في نهاية هذا الحوار الذي لا يخلو من المصارحة والجرأة، يخرج يوسف عبداللطيف ليؤكد أن الوطن لا يُبنى بالصمت، ولا تُصنع الديمقراطية بالتجميل السياسي، بل بالمكاشفة، والمحاسبة، والمشاركة.

صوته هادئ لكن كلماته تقرع الأبواب المغلقة، وتحفر في جدار الجمود السياسي، لم يهادن، ولم يساير، لكنه في ذات الوقت لم يسقط في فخ الشعارات، بل تحدث بمنطق رجل الدولة لا رجل الهتاف، وبعقلية من خبر دهاليز السياسة ولم تلوثه.

يوسف عبداللطيف ليس مرشحًا عابرًا في موسم انتخابي، بل مشروع سياسي مكتمل الملامح، يحمل على كتفيه هموم الصعيد، وينظر بعين واعية إلى القاهرة، ويرى في البرلمان فرصة لا للجلوس على الكراسي، بل للوقوف في وجه الانحدار.

رسالته واضحة: المعارضة وطن، والحق لا يُستجدى، والمجالس التشريعية ليست أماكن للوجاهة بل ميادين للمعركة.

حوار يحمل بين سطوره نبرة وعي وهدوء، يكشف عن ملامح جيل جديد يريد أن يشارك، لا أن يُقصى، أن يُسهم، لا أن يُستبعد.

وربما تكون هذه هي البداية لمرحلة نحتاجها كثيرًا، حيث يكون الصوت الصادق أكثر تأثيرًا من الخطاب العالي.

إن كان لهذا الحوار أن يُختتم بكلمة، فهي: يوسف عبداللطيف لا يطلب مقعدًا .. بل يقدّم نفسه جبهةً وطنية مستقلة الصوت، متجذّرة الانتماء، تعرف أن مصر لا تتغير من القمة فقط، بل من كل نقطة ينهض فيها صوتٌ حرّ يرفض أن يُكتم.

المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى