مصر وموريتانيا تعززان شراكتهما الاقتصادية من خلال منتدى مشترك وتفعيل اللجنة العليا للتعاون

في خطوة تعكس تحولًا نوعيًا في العلاقات الاقتصادية بين مصر وموريتانيا، شهدت نواكشوط مؤخرًا تنظيم أول منتدى اقتصادي مشترك وتفعيل اللجنة العليا للتعاون الثنائي، مما يعكس الطموح المشترك للبلدين في بناء شراكة استراتيجية واعدة.
تستمر موريتانيا في رسم معالم تحول اقتصادي طموح، بينما تبحث القاهرة عن شراكات فعالة في إفريقيا تعتمد على تبادل الخبرات وتحقيق المصالح المتبادلة. ويعكس هذا التعاون الجهود المبذولة لإطلاق مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي بين ضفتي النيل ونواكشوط.
وقد جاء هذا الزخم الجديد بفضل الإرادة السياسية المتينة من قيادتي البلدين لتعزيز التعاون في مجالات حيوية تشمل الطاقة والمعادن والبنية التحتية والزراعة والاقتصاد الرقمي. وتظهر نتائج الاجتماع الذي عقدته اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، حيث تم توقيع 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم تتعلق بمجالات متعددة، مما يعكس التزام الطرفين بتعزيز العلاقات الاستثمارية الثنائية.
وقال وزير الاقتصاد الموريتاني: “إن التعاون مع مصر يمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق التنمية المستدامة لكل من بلدينا، ونتطلع إلى بناء شراكات تخدم المصالح العليا لشعبينا.”
فيما أضاف وزير الخارجية المصري: “ندرك أهمية هذه اللحظة التاريخية ونؤمن بأن التعاون مع موريتانيا سيفتح أبوابًا جديدة من الفرص الاستثمارية والتجارية لكلا الطرفين.”
وتُعد هذه الاتفاقيات خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الثنائي بين موريتانيا ومصر، وفتح آفاق جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في كلا البلدين.
وفي التوجه ذاته، اختتمت في العاصمة الموريتانية نواكشوط أمس، أعمال النسخة الأولى من المنتدى الاقتصادي الموريتاني المصري، تحت شعار “تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين”.
ويهدف هذا المنتدى إلى فتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي بين موريتانيا ومصر، وتعزيز الشراكات بين الفاعلين الاقتصاديين في كلا البلدين.
ويمثل المنتدى الاقتصادي الموريتاني المصري منصة هامة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، واستكشاف فرص الاستثمار المتاحة، وتطوير وتعزيز الشراكة والمبادلات التجارية بين الفاعلين الاقتصاديين في البلدين. كما يُتوقع أن يسهم في خلق تنمية شاملة، قوامها التكامل والمنافع المشتركة وتبادل الخبرات في المجالات الحيوية.
وتم على هامش المنتدى، توقيع ثلاث اتفاقيات استراتيجية بين موريتانيا ومصر، حيث تم توقيع وثيقة الأحكام الأولية لعقود بيع وشراء وتسويق الغاز وبيع وشراء الكهرباء بين الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم) وتجمع شركات “طاقة عربية” و”كوغاز” المصرية.
وتم كذلك توقيع عقد بيع وشراء الكهرباء بين الشركة الموريتانية للكهرباء (صوملك) وتجمع شركات “طاقة عربية” و”كوغاز” المصرية.
وفي السياق نفسه، تم الاتفاق على إنشاء غرفة اقتصادية مشتركة بين موريتانيا ومصر، تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وتسهيل التبادل التجاري بين البلدين.
وتهدف هذه الاتفاقيات المتعلقة بمجال الطاقة إلى تأمين مخزون كهربائي إضافي يمكن شركتي “سنيم” و”صوملك” الموريتانيتين من تحسين الأداء الطاقوي والاستجابة للطلب المتزايد على الطاقة، بما يضمن تزويد الأقطاب الصناعية والمعدنية في البلاد بالكهرباء ذات الموثوقية العالية .
وقد أظهر المسؤولون المصريون الموريتانيون إعجابهم الكبير بهذه الخطوات التي قطعها التعاون الموريتاني المصري، حيث أكد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، بدر عبد العاطي، إعجابه “بما تتمتع به موريتانيا من إمكانات هائلة وما شهدته من تطور في عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني”، معربًا عن التطلع لأن يمثل المنتدى الاقتصادي المصري الموريتاني، نقطة انطلاق قوية للعلاقات الاقتصادية بين البلدين الشقيقين .
واعتبر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي الموريتاني، محمد سالم ولد مرزوك، أن تفعيل المنتدى الاقتصادي يجسد “عمق الروابط الأخوية التي تجمع موريتانيا ومصر، كما يعكس، حسب قوله، صدق الإرادة السياسية في ترسيخ تعاون اقتصادي يلبي الطموحات المشتركة للبلدين، ويخدم المصالح الاستراتيجية للشعبين الشقيقين”.
ويشكل تقارب نواكشوط والقاهرة، عبر تفعيل أطر التعاون الثنائي وتنظيم المنتدى الاقتصادي الأول من نوعه، بداية مرحلة جديدة يتطلع فيها البلدان إلى تجاوز الشراكات التقليدية نحو تعاون طويل الأمد، قائم على الابتكار وتبادل الخبرات والمصالح الاستراتيجية المشتركة.
ومع توقيع عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، تتضح ملامح أجندة اقتصادية جديدة تسعى لتحويل الإمكانات غير المستغلة إلى مشاريع تنموية ملموسة.
ويبقى التحدي الأكبر أمام الجانبين هو الانتقال من مناخ الوعود إلى واقع الإنجاز، بما ينعكس إيجابًا على مجتمعي الأعمال والشعبين الشقيقين.