العالم العربي

سوق برقاش المصري يستعد لاستقبال أعداد كبيرة من الزوار قبل عيد الأضحى.

في مثل هذه التوقيت من العام بمصر، تتسارع الخطى نحو البحث عن آخر الفرص لشراء أضحية عيد الأضحى الذي يحل الجمعة المقبل، وسط خيارات متعددة بين المواشي والأغنام، غير أن سوق “برقاش” الواقع بمحافظة الجيزة غرب العاصمة القاهرة له ميزة مختلفة حيث يخصص لبيع الإبل.

سباق الجمال في سوق برقاش: الأضحية في عطلة العيد تثير حماسة المتسوقين

تتسابق الجمال في سوق برقاش، حيث يتجمع التجار والباحثون عن الأضاحي في حدث سنوي لا يُفوَّت. في “الجمعة الأخيرة” قبل عيد الأضحى، يتوجه الزوار إلى هذا السوق الذي يُعتبر الأضخم منذ عام 1995 في العالم العربي والشرق الأوسط.

تشير التقارير إلى أن الآلاف من الجمال تتدفق عبر السوق، حيث يقوم التجار بتحفيزها بعصا أو من خلال حبال حول أعناقها لإشعال روح المنافسة في الحصول على أفضل الأضاحي. يغطي السوق مساحة 25 فدانًا، حيث تُعقد هذه الفعالية في أجواء مليئة بالحيوية، مع وجود زوار يتطلعون إلى شراء “سفينة الصحراء” لإدخال البهجة إلى منازلهم.

كل جمل يُعطى علامة ترقيم تميز، بينما يقف التجار مع عصيهم الطويلة في انتظاره المشتري المثالي. يُضفي صوت رغاء الجمال جوًا من الجاذبية والإثارة على هذه التظاهرة، التي يتوقع أن تتكرر يوم الأحد المقبل، حيث يعمل السوق يومي الأحد والجمعة من كل أسبوع.

“إن سوق برقاش يحمل تاريخًا عريقًا ويمثل تقليدًا ثقافيًا عميقًا يمتد لعقود في مصر. نحن فخورون باستمرار هذا الحدث الذي يجمع بين التقاليد والابتكار”، يقول أحد التجار المشاركين في السوق.

تزايد الطلب في سوق الجمال المصري مع اقتراب موسم بيع الإبل

يشهد سوق الجمال المصري حيوية غير مسبوقة هذا الموسم، حيث يتأمل التجار إبلهم بتفاؤل فيما يسعون لتحقيق صفقات ناجحة. ويحلم العديد منهم ببيع سريع، حيث يمثل هذا الموسم فرصة ذهبية لزيادة مبيعاتهم.

تدفق الإبل من مختلف الدول مثل السودان والصومال وجيبوتي وإثيوبيا يزيد من تنوع المعروض في السوق، وهو ما يعكس الوضع العام بزيادة الأصناف المتاحة. قال خالد زعلول، أحد تجار الإبل في السوق، “هذا العام يشهد أنواعاً قادمة من السودان، رغم التحديات التي تواجهها، مما يزيد من فرص التنوع في السوق”.

تتراوح أوزان الجمال، حيث يبلغ متوسط وزنها حوالي 300 كيلوغرام، مما يؤدي إلى أسعار تفاوت كبيرة. وذكر زعلول أن الأسعار تبدأ من 30 إلى 40 ألف جنيه، وتصل إلى 180 ألف جنيه للجمال الضخمة. وأضاف، “السعر يعتمد على حجم الإبل وتقدير البائع والمشتري، حيث يكون متوسط الأسعار في حدود 90 إلى 130 ألف جنيه”.

مع بدء المزاد، تتعالى الأصوات وتتسارع وتيرة المنافسة، وسط تكهنات مختلفة حول الأسعار النهائية. يتجمع التجار والمشترون حول مزاد واحد، حيث يتدفق الآلاف من الجنيهات، أملاً في أن ينجح أحدهم في الحصول على الجمل الذي طمح له.

.

سوق برقاش يحتضن آخر مزادات الإبل قبل عيد الأضحى وسط أجواء احتفالية وذكريات وداع مؤثرة

شهد سوق برقاش يوم الجمعة الأخيرة قبل عيد الأضحى ازدحاماً غير مسبوق وكأنها سباق، حيث تجمع تجار الإبل والمشترون في أجواء مفعمة بالحماسة. ومع مغادرة الإبل للبيع، كانت بدايات رحلة العودة تُصاحبها ذكريات وداع مؤثرة، حيث شاهد الجميع حبالاً تربط أعناق الإبل في أعلى سيارات النقل، مع نظرات عيونها التي بدت وكأنها تقول وداعاً لهذا السوق الذي عرفته لسنوات.

بينما كانت الإبل ترحل، شعر البعض بالحنين، وبدا واضحاً أن الإبل الأخرى تطل بأسئلتها عن مصير زملائها الذين رحلوا. وقال زغلول، أحد التجار: “مع كل مغادرة لأحدهم، يزداد فينا الأمل في بيع جديد، خاصة في هذا اليوم المهم قبل عيد الأضحى.”

وأضاف: “العائلات هنا ليست فقط تجار، بل هم أصدقاء للإبل، فنحن نعتني بها ونحبها، وهذا يظهر بوضوح في طريقة تعاملنا معها.”

ومع ارتفاع أصوات الفرح في السوق، أطلقت بعض مجموعات الألعاب النارية، برفقة التصفيق وصفارات السيارات المغادرة، مما أضفى على الأجواء طابعاً احتفالياً يعبر عن السعادة والفرح بعيد الأضحى القادم.

جمال الأضاحي: المصريون يفضلون الجمال في عيد الأضحى لهذا العام

أثبت عيد الأضحى في مصر أنه ليس فقط مناسبة دينية، بل منصة لاختيار أضحية جديدة ومميزة تلبية لرغبات وتطلعات الأسر المصرية، حيث يرتفع الطلب على الجمال كأضحية بفضل مذاق لحمه الفريد.

كشف رئيس شعبة القصابين (الجزارين) بالغرفة التجارية بالقاهرة، مصطفى وهبة، في تصريحات للأناضول، أن الجمال أصبحت خيارًا مفضلاً للعديد من المصريين، حيث يمكن تقدير ثمنها حسب الحجم ومتغيرات أخرى، وليس فقط انطلاقاً من الأسعار. وأكد وهبة أن الأضحية بالجمل تعكس حب المصريين لتراثهم وفي نفس الوقت تيسير المشاركة بين عدد من الأشخاص، حيث يمكن مشاركة عدة أسر في جمل واحد، مما يجعلها خياراً اقتصادياً أفضل.

وأشار وهبة إلى أن تفضيل الأضحية بالجمال ليس مرتبطًا فقط بإمكانيات المضحين، بل أيضًا بنكهة لحمه المميزة التي تختلف عن لحوم المواشي الأخرى. وأوضح أن هذه الفكرة تساهم في تغيير نمط الأضاحي التقليدية، ما يسمح بمشاركة الأجواء العائلية وزيادة الترابط بين أفراد المجتمع.

وأضاف وهبة: “إن الجمال لها ميزة خاصة تتمثل في إمكانية توفر الكميات الوفيرة من اللحم، مما يجعلها خيارًا محببًا لعائلات عدة، بخلاف الخروف الذي يقتصر على عائلة واحدة”.

أهمية تشجيع اقتناء أضحية عيد الأضحى من الجمال في مصر

في حديث له مع الأناضول، أكد الخبير البيطري الدكتور محمد يوسف، أهمية تعزيز ثقافة اقتناء أضحية عيد الأضحى من الجمال والإبل، حيث اعتبر أن ذلك يمثل خطوة إيجابية لمستقبل الثروة الحيوانية في البلاد.

أوضح يوسف أنه “من مصلحة البلاد التشجيع على شراء الأضحية من الجمال والأغنام ولحومها، وتقليل الاعتماد على أضحية المواشي ولحومها”، مشيراً إلى تراجع كميات اللحوم التقليدية وإلحاحية الحاجة لدعم مال الثروة الحيوانية. وأشار إلى قدرة الإبل على مقاومة الأمراض وجودة لحمها، حيث أفاد بأن “ليس صحيحا أنه لا ينضج سريعا، خاصة أن معظم المذبوح منه جمال صغيرة”.

كما أشار الدكتور يوسف إلى أن “الكبدة الجملي من الصعب أن نجدها في ظل الإقبال الكبير عليها”، مما يدل على أهمية التركيز على اللحوم البديلة للمواشي، لتفادي أي نقص مستقبلي أو ارتفاع في الأسعار.

هذه الرؤى تتجسد في الأرقام، حيث تشير تقارير وزارة الزراعة إلى أن حركة تداول الإبل في سوق برقاش تصل سنويًا إلى حوالي 150 ألف رأس من الجمال والنوق، بمتوسط 12 ألف رأس شهريًا. ويشهد السوق رقابة بيطرية مشددة قبل وصول الإبل إلى البلاد، حيث يتم استيراد معظمها من السودان وتوزيعها في مختلف المحافظات.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى