ملفات وتقارير

عودة ترامب إلى الشرق الأوسط: استراتيجيات جديدة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية

في 13 مايو/أيار 2025، عاد دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط كرئيس للولايات المتحدة، ممهدًا لمرحلة جديدة من العلاقات الدولية وسط تغيرات عالمية سريعة تسهم في صعود التعددية القطبية. تأتي هذه الزيارة تحت شعار التعاون الاقتصادي، ولكنها تحمل في طياتها أبعادًا أعمق تتعلق بإعادة صياغة موازين النفوذ الإقليمية وتأكيد الأولويات الأمريكية في المنطقة.

خلال زيارته لثلاث دول خليجية هي السعودية وقطر والإمارات، ظهر جليًا أن واشنطن تهدف إلى تعزيز مسارات العلاقات الثنائية بين حلفائها في منطقة الخليج، حيث تتصاعد المنافسة بينهم. وركزت الزيارة على مجموعة من الصفقات الاقتصادية والعسكرية الضخمة، بما في ذلك استثمارات سعودية بقيمة 600 مليار دولار، و1.2 تريليون دولار من التعاقدات في قطر، فضلاً عن التزام الإمارات باستثمار 1.4 تريليون دولار خلال العقد القادم في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والطاقة.

وعلى الصعيد السياسي، اتخذت الزيارة طابعًا تاريخيًا بتوقيع قرارات مهمة، مثل رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا ولقاء ترامب برئيسها أحمد الشرع. كما دعا ترامب إيران للقبول بعرض أمريكي جديد بشأن برنامجها النووي، مؤكدًا على العواقب المحتملة حال الرفض.

ومع أن الأرقام المعلنة للصفقات قد تبدو مبالغًا فيها، إلا أنها تعكس رغبة واضحة من الجانبين في إثبات مدى تعاونهما. ورغم أن العديد من هذه الاتفاقيات عبارة عن مذكرات تفاهم غير ملزمة، إلا أن هذه الخطط تمثل توجّهًا استراتيجيًا أمريكيًا لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتكنولوجية مع دول الخليج، كجزء من مواجهة التنافس المتزايد مع الصين وروسيا.

وقال ترامب في مؤتمر صحفي عقب الزيارة: “إن تعاوننا مع دول الخليج هو مفتاح تحقيق الاستقرار والنمو في المنطقة. نحن ملتزمون بتعزيز شراكاتنا لتحقيق الأهداف الاقتصادية والسياسية المشتركة.”الأرقام الرئيسية للصفقات مبالغ فيها، في ظل رغبة الجانبين في إظهار مدى تعاونهما، كما أن الكثير من الاتفاقيات عبارة عن مذكرات تفاهم مازالت غير ملزمة. ومع هذا؛ فإن هذه الخطط في مجملها تعكس توجّهًا استراتيجيًا أمريكيًا واضحًا لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتكنولوجية مع دول الخليج في مواجهة التنافس مع الصين وروسيا.

عقل ترامب: البراغماتية فوق المبادئ

منذ أن دخل ترامب المشهد السياسي، وهو يقدم نفسه كرجل صفقات لا كرجل مبادئ أو قيم ومعتقدات. وفي السياسة الخارجية، هذا يترجم إلى نهج براغماتي قائم على مبدأ المقابل المادي المباشر وليس التحالفات طويلة الأمد. ولذا تختلف رؤية ترامب للعلاقات الدولية عن تقاليد السياسة الأمريكية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية، والتي تنظر إلى العالم من خلال عدسة “الدور القيادي الأمريكي”، والشراكات المؤسسية المتعددة الأطراف، ونشر “القيم الأمريكية”. فترامب يرى أن العالم سوق مفتوح وأن الدول الأخرى زبائن محتملون. 

عاد ترامب إلى البيت الأبيض محملا بوعود بإنهاء الحروب، وتركيز السياسة الخارجية على الصفقات بدلاً من الالتزامات طويلة الأجل. ويأتي الشرق الأوسط على ضمن هذه المقاربة الترامبية: تأثير بلا احتلال، وتحالفات وظيفية لا مؤسساتية. في زيارة ترامب للخليج، تجلى هذا المنطق. فالمعارك التي تخوضها واشنطن لم تعد ترتكز إلى مفاهيم من نوعية الالتزام بالأمن الجماعي للخليج، بل ترتكز إلى الربح المباشر. ولذا؛ كانت الزيارة في الأساس صفقات استثمارية، تؤكد على نهج ترامب بأن “أمريكا قوية حين تتحالف مع من يملك المال والطموح، لا من يستهلك أمنها”، كما أنها تتيح ربط الاقتصاد الخليجي بالمنظومة الأميركية، بما يقيّد من انفتاح دول الخليج على بكين وموسكو، ويثبت واشنطن كمصدر أول للثقل المالي والتكنولوجي.

أشارت الزيارة إلى رؤية واشنطن للخليج باعتباره “محطة مركزية” في النظام العالمي الجديد القائم على التكنولوجيا، والمال، والعلاقات المصلحية. لكن هذا التحول يحمل في طياته هشاشة عميقة نتيجة غياب القيم المشتركة، وتهميش الحلفاء التقليديين مثل مصر، وتحويل العالم إلى سوق لا إلى حلف استراتيجي.

السعودية: الاقتصاد لب الشراكة

بدأت جولة ترامب من الرياض في مواصلة لاتجاه بدأه في ولايته الأولى حين اختار الرياض كمحطة لزيارته الخارجية الأولى عام 2017. وعلى الرغم من أن السعودية هذه المرة جاءت كمحطة ضمن جولة أوسع، لكنّ الرياض ظلت محورًا لزيارة ترامب للمنطقة. وقد استُقبل ترامب بحفاوة بالغة، وشهدت الزيارة الإعلان عن اتفاقيات استثمارية بقيمة 600 مليار دولار، وبالأخص صفقات تسلح وتعاون تكنولوجي بقيمة 142 مليار دولار، واستثمار 20 مليار دولار في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للطاقة في الولايات المتحدة، وصفقة محتملة لبناء مفاعلات نووية مدنية بإشراف أمريكي جزئي. 

لم يُخف ترامب دعمه السياسي الواضح لولي العهد محمد بن سلمان، ومنحه مركزية في الملف السوري إذ أعلن في كلمته بمنتدى الرياض للاستثمار قراره برفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، وعقد اجتماعًا مفاجئًا مع الرئيس السوري أحمد الشرع بحضور بن سلمان، ومشاركة الرئيس التركي أردوغان افتراضيا. وهو ما يخدم التوجه السعودي بضمان تفكيك المحور الإيراني-السوري من جهة، وإضعاف دور قطر في الملف السوري من جهة أخرى، فضلا عن موازنة النفوذ التركي في سوريا. لكن في المقابل، لم تحصل الرياض على مبتغاها بإبرام اتفاقية أمنية رسمية مع الولايات المتحدة.

تسعى السعودية لبناء سياسة خارجية أكثر توازنا ومتعددة الأقطاب لا تهمل موسكو أو بكين. ولذلك؛ فإن الرياض التي تنظر للعلاقة مع واشنطن باعتبارها ضمانة استراتيجية، فإنها أيضا تسعى للاستفادة من فرصة التفاوض مع شريك لم يعد وحده في الساحة. ولذا جاء الرد السعودي فيما يخص التطبيع حذرًا ومشروطًا: لا تطبيع دون مكاسب ملموسة للفلسطينيين، وضمانات أمنية حقيقية للسعودية. وعلى الرغم من تمسك الرياض بتطوير الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، إلا إنها تواصل بالتوازي تنويع علاقاتها الدولية، خاصة مع الصين وروسيا والهند.

أرسلت الزيارة رسالة واضحة حول موقع السعودية في استراتيجية ترامب في المنطقة، وربما على الصعيد الدولي أيضا. إذ يراهن على المملكة في قيادة المنطقة العربية، وفي التأسيس لتوازن نفوذ إقليمي مع كل من تركيا وإسرائيل، وربما أيضا إيران إذا توصل لاتفاق معها. وتؤكد مشاركة الرئيس التركي افتراضيا وعقد المباحثات الجديدة مع روسيا في إسطنبول، أن ترامب يحتفظ لأنقرة بدور إقليمي واسع أيضا. ومن الواضح أن الإدارة الأمريكية تريد من حلفائها الثلاثة (تركيا والسعودية وإسرائيل) التفاهم حول سوريا وتحمل عبء مستقبلها دون صدام. وللمفارقة، فإن الرئيس السوري أيضا يتبنى نفس النهج؛ إذ يسعى لشراكة استراتيجية مع السعودية يوازن بها شراكته الضرورية مع تركيا، وعقد تفاهمات شاملة مع تل أبيب تجنب النظام الجديد الصدام معها.

يتضح من ذلك أن واشنطن تراهن على الرياض ليس اقتصاديًا فحسب، بل استراتيجيًا أيضًا. فبالنظر إلى تقلبات المنطقة، تبرز الحاجة إلى هيكل أمني جديد يُخفف العبء الذي تحملته واشنطن لما يقرب من قرن. لكنّ العقبة الأساسية أمام استراتيجية ترامب هي الشكوك حول جدوى الرهان على السعودية. فعلى الرغم من نفوذها المالي، لا تزال المملكة الأضعف بين القوى الإقليمية الرئيسية، بعد تركيا وإسرائيل وإيران. ومن ثم؛ فإن ترامب من خلال تعزيز الشراكة الاستراتيجية، اقتصاديا وعسكريا، ومنح الرياض أوراق اعتماد مهمة مثل الوساطة في الحرب الأوكرانية والإدارة الملف السوري (والفلسطيني أيضا)، يستهدف دعم موقع المملكة بما يؤدي لاستقرار ونضوج توازن قوى إقليمي كما يتخيله، تتراجع معه حاجة واشنطن للانشغال بشؤون المنطقة.

قطر: شراكة متعددة الأبعاد

كانت الدوحة ثاني محطات ترامب الخليجية، فزار قاعدة العديد العسكرية، كما شهد توقيع اتفاقيات اقتصادية وعسكرية ضخمة وتعهدات بتبادل اقتصادي بين الولايات المتحدة وقطر بقيمة تصل إلى 1.2 تريليون دولار، ومن ضمنها اتفاقية لشراء 210 طائرات من طراز بوينغ بقيمة 96 مليار دولار، تُعد الأكبر في تاريخ الشركة، وصفقات دفاعية تشمل طائرات مسيرة وأنظمة مضادة للطائرات بدون طيار بقيمة إجمالية تتجاوز 3 مليارات دولار، واستثمار 200 مليار دولار في مشاريع الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية التكنولوجية.

حرص ترامب على الإشارة إلى الدور القطري في التوسط بين واشنطن وطهران، مما أبرز أهمية دور الدوحة كشريك دبلوماسي يلعب دورا حيويا في القنوات الخلفية المعقدة، فهي وسيط رئيسي في ملف غزة، ولديها علاقات مرنة مع إيران وروسيا وأفغانستان ولبنان وسوريا. بالنسبة للدوحة، فإن رغبة الإدارة الأمريكية في احتواء أزمات المنطقة، تمثل فرصة؛ إذ ستكون الحاجة لجهود الوساطة ضرورية ومستمرة، مما يزيد من فرص قطر لتعزيز نفوذها الدبلوماسي، ومواصلة العمل عن قرب مع الولايات المتحدة. ولكن تزايد مركزية قطر في ملفات الأمن والوساطة، يزيد حدة التنافس الصامت مع عواصم خليجية أخرى خاصة أبوظبي، بما فيها محاولات لإعادة التوازن عبر أدوات اقتصادية وإعلامية.

الإمارات: البيانات بدلا من النفط

في الإمارات، لا تدور الشراكة مع واشنطن حول الأمن مقابل النفط، بل تُبنى على تفاعل معقد بين التموضع الاقتصادي والانخراط التكنولوجي والأدوار الأمنية. فالإمارات لا تسعى إلى قيادة إقليمية بالمفهوم التقليدي، بل إلى تميز وظيفي يمنحها موقعًا لا يمكن تجاوزه في خرائط واشنطن الجديدة. وتقدم أبوظبي لترامب نموذجًا براغماتيًا، تتقاطع فيه المصالح بهدوء. فالإمارات في هذا السياق لا تمثل عبئًا جيوسياسيًا، بل أصلًا قابلًا للتداول: دولة صغيرة بحجمها، لكنها كبيرة بوظيفتها في المنظومة.

منذ سنوات، تقوم استراتيجية أبوظبي على بناء شبكات لوجستية وإعلامية ومالية تتجاوز حجم الدولة، مما يجعلها شريكًا مثاليًا لإدارة ترامب، التي تقدّر الكفاءة والموارد والانضباط السياسي. ولذا لم تركز زيارة ترامب على زيادة التمركز العسكري الأميركي في الإمارات، بل على تعزيز البنية التحتية للتعاون، خاصة الذكاء الاصطناعي، أمن الموانئ، إدارة سلاسل الإمداد. وضمن هذا السياق أعلن الرئيس الإماراتي أن بلاده ستستثمر 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات العشر المقبلة، تشمل شراكة لبناء أكبر مركز بيانات للذكاء الاصطناعي خارج الولايات المتحدة في أبوظبي لتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي بقدرة 5 جيجاوات. وهو ما يبرهن أن القواعد العسكرية التقليدية لم تعد وحدها محور العلاقة.

كذلك برز ملف العلاقات مع إسرائيل خلال الزيارة باعتباره نموذجًا لنجاح السياسة الأميركية في ولاية ترامب الأولى. وبدا أن إدارة ترامب تنظر إلى الإمارات كحجر زاوية في مساعيها لتوسيع اتفاقات إبراهام، لا بوصفها مجرد طرف موقّع، بل كحاضنة قادرة على تقديم تغطية ناعمة لدول عربية أخرى قد تدخل لاحقًا في حلبة التطبيع.

على الرغم من أن زيارة ترامب إلى الإمارات عززت صورة أبوظبي كشريك موثوق، فإن رسالة الرئيس الأمريكي الواضحة حول رهانه على قيادة السعودية تؤجج التنافس الصامت داخل الخليج. ورغم جاذبية العلاقة مع إدارة ترامب، فإن السياسة الأميركية مؤخرا تفتقر إلى الاتساق المؤسسي، وقد يجرّ هذا الإمارات إلى مواقف مفاجئة لا تتسق مع سلوكها الحذر. فبحكم موقعها كمحور لوجستي، تحرص الإمارات على التعاون مع الصين في مشاريع كبرى كالموانئ والسكك الحديدية والطاقة، لكنها في الوقت نفسه ستتعرض لضغوط أميركية مستمرة لفك الارتباط التقني مع بكين. هذا التوازن مرهق، ويجعل من الشراكة مع واشنطن عبئًا في بعض الأحيان، خاصة وأن الولايات المتحدة لم تتجاوب حتى الآن مع مساعي الإمارات للتوصل لاتفاق شراكة دفاعية ملزمة مع الولايات المتحدة.

الخاتمة

لا تؤسس جولة ترامب لحقبة “إعادة الاندماج الأميركي في الشرق الأوسط”، بل على العكس، أكدت أن أميركا لا تخطط للعودة للمنطقة بوصفها ضامنًا، بل كمزاول أعمال يبحث عن صفقات سريعة، ويقيس قيمة الشراكة بعدد الوظائف لا بدرجة الولاء، ودون الحديث عن ضمانات أو أحلاف جديدة.

لكنّ دول الخليج في المقابل لا يبدو أنها تسعى لتأسيس مركز جيوسياسي مستقبل في ترتيبات ما بعد الانكفاء الأمريكي، بل على العكس، تستثمر دول الخليج استراتيجيا في تعزيز الشراكة مع الولايات المتحدة، وتراهن على تطوير تلك الشراكة كخيار دولي أساسي، لكن كشراكات منفصلة وليس باعتبار الخليج مركزا جيوسياسيا متكاملا. حيث قدم كل طرف خليجي نفسه لواشنطن بصيغة مختلفة، السعودية بوصفها مركز ثقل وسوقًا عسكريًا واقتصاديا ضخمًا، وقطر بوصفها الوسيط النشط والفعّال تحت سقف التوازنات، والإمارات بوصفها الشريك صاحب الكفاءة والمرونة التكنولوجية.

عززت زيارة ترامب إلى الخليج نظرة السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. فقد ندّد بعقود من التدخل الخارجي، ورفض مبدأ تغيير أنظمة الحكم بالقوة، وأكّد رغبته في تحسين العلاقات مع إيران، ورفع العقوبات على سوريا، ما يشير إلى رغبة في إعادة دمج سوريا وإيران في النظام الإقليمي. كما قدم صورة واضحة لرؤيته تجاه المنطقة: أميركا المتشككة في عبء التحالفات، المنهمكة في إعادة تشكيل الداخل والصراع مع الصين، ترى في الخليج مصدرًا للفرص الانتقائية التي تخدم المصالح الأمريكية الدولية الواسعة: لتعزيز الاقتصاد الأمريكي والهيمنة على قطاعات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، وهي أمور تتطلب استثمارات واسعة. لكنّ واشنطن في المقابل تقاوم محاولات دول الخليج لربط ذاك بالتزام دفاعي أمريكي.

تؤثر العوامل الشخصية على نظرة الرئيس الأمريكي للقضايا الخارجية. فإذا كانت لديه علاقة جيدة على المستوى الشخصي مع زعيم دولة أخرى، فإنه يترجم ذلك بأن علاقة الولايات المتحدة مع هذه الدولة مهمة وجيدة. ولذلك؛ فإن تعزيز الثقة الشخصية قد يساعد قادة الخليج في التأثير على توجهات الإدارة الأمريكية تجاه ملفات المنطقة.

لكنّ هذا يشترط أن يكون لقادة الخليج، وغيرهم من زعماء المنطقة مثل الرئيس التركي، رؤية واحدة ومصالح إقليمية متفق عليها. ومن الممكن اعتبار أن الملف السوري حالة واضحة للاستفادة من هذه الفرصة. لكن في حال كانت أولويات قادة دول الخليج مختلفة، فإن هذه الفرصة ستتحول إلى تهديد لبعض تلك الدول إذا كان لدى الآخرين فرصة أفضل للتأثير الشخصي على ترامب. ويعزز من هذا التهديد أن الخليج لم يظهر في الزيارة بوصفه تكتلًا جيوسياسيا موحدًا، بل كفسيفساء من الدول تعيد تعريف نفسها في ضوء تحولات القوة والهيمنة.

تجاهل ترامب زيارة إسرائيل، وأرسل رسالة واضحة أن مصالح بلاده تقتضي منطقة أكثر استقرارا، وهو ما يتعارض مع رغبة نتنياهو في مواصلة حرب غزة وشن هجوم عسكري على إيران وتقويض الحكم الجديد في سوريا. ومع هذا؛ لا ينبغي المبالغة في تقدير التباينات بين ترامب ونتنياهو. حيث تظل الولايات المتحدة حليف إسرائيل الموثوق، ويظل دعم الإدارة الأمريكية لإسرائيل لا يقبل الشك. كما أن الاتفاق الأمريكي الإسرائيلي في غزة مازال استراتيجيا، خصوصا إزاء مسألة إضعاف حماس ونزع سلاحها، حتى لو كانت واشنطن غير متحمسة لتوسيع العمليات العسكرية في القطاع. أي إن الجانبين متفقان على الأهداف البعيدة بخصوص غزة، وإن اختلفا في الاستراتيجية الموصلة إليها. 

المصدر موقع أسباب

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى