المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تستخدم المساعدات الإنسانية كأداة للإبادة الجماعية في غزة

أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في بيان صدر يوم الأحد، أن تصرفات إسرائيل في توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة تعكس استخدامها هذه المساعدات كأداة إضافية لإطالة أمد الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين.
وجاء هذا التصريح عقب مأساة إنسانية جديدة، حيث أسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل وإصابة العشرات أثناء استهداف نقطة توزيع مساعدات، تخضع لإشراف إسرائيلي وتعاون مع شركة أمريكية، غرب مدينة رفح الجنوبية. وأفاد المرصد الأورومتوسطي، الذي يتخذ من جنيف مقراً له، بأن فريقه الميداني وثق إطلاق النار من قبل الجيش الإسرائيلي فجر الأحد على آلاف الجائعين الفلسطينيين الذين كانوا يتجمعون لاستلام المساعدات في موقع التوزيع.
وأعرب المرصد عن قلقه العميق إزاء استخدام إسرائيل للمساعدات الإنسانية كوسيلة للقمع والعنف، مما يعكس تجاهلاً صارخاً للأرواح البشرية وحقوق الإنسان الأساسية. كما دعا المجتمع الدولي إلى التدخل السريع لإنقاذ المدنيين في غزة وتقديم المساعدات الضرورية دون عوائق.
“إن ما يحدث في غزة هو جريمة تمثل استخفافًا بالحياة الإنسانية. يجب أن يتدخل المجتمع الدولي لحماية المواطنين الفلسطينيين ومساعدتهم بكرامة”، قال المتحدث الرسمي باسم المرصد الأورومتوسطي.
وأضاف: “جميع الوقائع الميدانية تؤكد المخاوف السابقة من تحول ألية إسرائيل لتوزيع المساعدات المفتقرة لأدنى المعايير الإنسانية إلى مصيدة لإعدام المدنيين ميدانيًا”.
ووجهت إسرائيل، وفق البيان، الفلسطينيين نحو طريق “يُفترض أنه آمن ثم استهدفتهم برصاص مُسيّرات كواد كوبتر وقذائف الدبابات بمجزرة هي الأكبر بحق المُجوَّعين”.
وأردف البيان أن “مسلحي الشركة الأمريكية (لتوزيع المساعدات) أطلقوا قنابل الغاز تجاه الجموع الفلسطينية بالتزامن مع الاستهداف الإسرائيلي”.
واعتبر المرصد “إصرار إسرائيل على الاستمرار في آلية توزيع المساعدات على هذا النحو يؤكد استخدامها الآلية كأداة إضافية في منظومة الإبادة الجماعية بحق المدنيين بالقطاع”.
وبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري، وفق الأمم المتحدة، دفعت إسرائيل 2.4 مليون فلسطيني في غزة إلى المجاعة، بإغلاقها المعابر لأكثر من 90 يوما بوجه المساعدات الإنسانية ولاسيما الغذاء، حسب المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع.
وأكد المرصد في بيانه أنه “لا ينبغي التعامل مع هذه الجرائم بصفتها مشاكل إجرائية يتم تجاوزها بإجراء تعديلات على آلية العمل بل يجب النظر إليها في سياق العواقب الخطيرة لسيطرة جيش الاحتلال على ملف المساعدات الإنسانية”.
ومن غير الممكن، وفق البيان، “للجهة التي تنفذ جريمة الإبادة الجماعية منذ نحو 20 شهرًا (تل أبيب بدعم واشنطن) أن تتولى مسؤولية تحسين الأوضاع الإنسانية للمدنيين الواقعين تحت الإبادة الإسرائيلية”.
وزاد أن “المجتمع الدولي مطالب أكثر من أي وقت مضى بتحرك فوري صارم لإلزام إسرائيل بوقف العمل بآليتها غير الإنسانية لتوزيع المساعدات بعد مذبحة اليوم”.
ومنذ الثلاثاء الماضي، بلغ إجمالي الضحايا في مواقع توزيع المساعدات بقطاع غزة 49 قتيلا فلسطينيا و305 مصابين آخرين، حيث حولت إسرائيل مواقع توزيع “المساعدات الأمريكية – الإسرائيلية” إلى “مصائد للقتل الجماعي”، في جنوب ووسط القطاع، وفق أحدث بيانات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ووزارة صحة القطاع حتى ظهر الأحد.
وبلغ عدد القتلى، منذ فجر الأحد، 32 فيما أصيب أكثر من 250 آخرين، بينهم عشرات الحالات الخطيرة في مدينة رفح (جنوب) ووسط القطاع، كما قتل الجيش الإسرائيلي 17 آخرين، في المناطق ذاتها بالأيام الماضية، خلال توزيع المساعدات، وفق المصدرين.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 مايو/أيار الماضي، تنفيذ خطة توزيع مساعدات إنسانية عبر ما يُعرف بـ”مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية”، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأمريكيا، لكنها مرفوضة من قبل الأمم المتحدة.
ويجري توزيع المساعدات في ما تُسمى “المناطق العازلة” جنوبي غزة، وسط مؤشرات متزايدة على فشل هذا المخطط؛ إذ توقفت عمليات التوزيع بشكل متكرر بسبب تدفق أعداد كبيرة من الجائعين، فضلا عن إطلاق القوات الإسرائيلية النار على الحشود، ما خلف قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.
كما أن الكميات الموزعة توصف بأنها شحيحة ولا تفي بمتطلبات مئات الآلاف من الجائعين في القطاع.
وأقرت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن هذا المخطط يهدف إلى تسريع إخلاء سكان شمال القطاع، من خلال حصر توزيع المساعدات في 4 نقاط فقط تقع جنوبي غزة.
في المقابل، حذرت “حكومة غزة” ومنظمات حقوقية كالمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أن ذلك يأتي تمهيدا لتهجير الفلسطينيين وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي يصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأنها باتت ضمن أهداف الحرب.
وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 178 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين