حوارات وتصريحات

قائمة المنقولات.. صناعة يهودية أم عرف اجتماعي؟

تُعد “قائمة المنقولات” أو ما يُعرف شعبيًا بـ”القائمة”، واحدة من أبرز الأعراف الراسخة في مراسم الزواج داخل المجتمع المصري، وتشكل في بعض الأحيان عقبة أمام إتمام الزواج، كما تتحول إلى وسيلة نزاع قانوني عند الطلاق.

الجذور التاريخية.. من الجنيزة إلى الشقق المصرية

تعود جذور هذا التقليد الغريب إلى القرن الثاني عشر الميلادي، حينما انتشرت ظاهرة زواج المصريين المسلمين من النساء اليهوديات. وحيث أن المرأة اليهودية لا ترث زوجها المتوفى وفقًا للشريعة اليهودية، فقد لجأن إلى توثيق المنقولات المنزلية ضمن قائمة لضمان حقوقهن.

وتُعد أقدم قائمة موثقة موجودة في دار الجنيزة التابعة للمعبد اليهودي في القاهرة، وتعود لعام 1160م.

وتشبه إلى حد كبير القوائم المتداولة في الزواج المصري الحالي، حيث شملت أدوات منزلية وملابس بتفاصيل دقيقة مثل: “زوج ملاعق، بردة، جوكانية، مرتبة، زوج مخدات، طاسة، كوز زيت”.

الغريب أن هذا التقليد لم يندثر برحيل اليهود من مصر بعد ثورة 1952، بل انتقل إلى الأسر المسلمة، بدوافع التفاخر الطبقي والغيرة المجتمعية.

بين القانون والعُرف

لا يوجد نص تشريعي خاص ينظم القوائم الزوجية، لكنها تُعامل قانونيًا كـ”وصل أمانة”، يخضع لأحكام المادة 341 من قانون العقوبات، التي تجرم التبديد أو الامتناع عن رد المنقولات.

ومع ذلك، توجد عدة حالات تُبطل فيها القائمة:

  1. تنازل الزوجة الصريح عن المنقولات.
  2. إقرارها باستلامها.
  3. سقوط الدعوى بالتقادم بعد 3 سنوات.
  4. وجود شطب أو عدم توقيع.
  5. حدوث تصالح نهائي في دعوى سابقة.

الموقف الديني.. بين الرضا والتقييد

  • في الديانة المسيحية: لا توجد قوائم مكتوبة، بل يتم تحديد المتطلبات عرفيًا بين العائلتين.
  • في الديانة الإسلامية: يرى علماء الأزهر أنه لا مانع شرعًا من القائمة بشرط عدم التعدي أو الإضرار، ويحق للرجل الامتناع عن كتابتها فقط إن أنشأ المنزل بالكامل من ماله الخاص وأعطى زوجته مهرًا كاملًا.

بين ضمان الحق وخراب البيوت

ينقسم المجتمع بين مؤيد يرى في القائمة وسيلة لحفظ حقوق المرأة، ومعارض يعتبرها سيفًا مسلطًا على رقبة الرجل ووسيلة لخراب البيوت.

وفي ظل هذا الجدل، يبقى الزواج ميثاقًا غليظًا لا تحفظه الأوراق، بل تحكمه النوايا الحسنة والمعاشرة بالمعروف، كما قال النبي ﷺ: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه”.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى