تغطيات الشرق

وليد الهواري يفتح ملف العسل المغشوش.. ضجة في مصر وتحقيقات رسمية تحت الضغط

ضجت الأوساط المصرية خلال الأيام الماضية بعد انتشار تقارير صادمة حول غش واسع النطاق في أسواق العسل، في واحدة من أكبر قضايا الغش التجاري التي تضع الحكومة أمام اختبار حقيقي لمصداقية الرقابة على الأغذية.

بداية الجدل جاءت بعد أن قام فريق من الأطباء والكيميائيين بإجراء تحاليل معملية على عينات مختلفة من أشهر العلامات التجارية للعسل في مصر، ليكتشفوا أن نسب السكروز والجلوكوز في غالبية العينات تتجاوز الحدود المسموح بها عالميًا، مع وجود إضافات صناعية مثل مكسبات الطعم والألوان، وهو ما يطعن في جودة العسل ويثير مخاوف كبيرة حول صحة المستهلكين.

في هذا السياق، كشف الإعلامي وليد الهواري، عبر برنامجه “أهل البلد” على قناة الشرق، عن تفاصيل التحقيقات المخبرية المثيرة للقلق، مؤكدًا أن التحاليل التي جرت كانت في معامل معتمدة وتحمل ختم وزارة الصحة المصرية. الهواري، الذي نشأ في بيئة قريبة من مزارع النحل ولديه خلفية واسعة عن صناعة العسل، أشار إلى أن ما تم كشفه ليس مجرد قضية غش غذائي، بل هو تهديد مباشر لصحة المصريين ولسمعة واحدة من أهم الصناعات التصديرية في البلاد.

وقال الهواري: “العسل في ثقافتنا وتاريخنا مش مجرد غذاء، ده علاج رباني، واللي بيحصل دلوقتي مش بس سرقة للمستهلك، ده طعن في واحدة من أهم القيم الصحية اللي كل بيت مصري بيعتمد عليها.” وطالب بإجراء مراجعة شاملة على السوق، وعدم الاكتفاء بنفي الأزمة دون تحقيقات شفافة.

ولم يكتف الهواري بنقل المخاوف بل طالب بتشكيل لجنة مستقلة من أساتذة الجامعات والمختصين في الصناعات الغذائية، بعيدًا عن الجهات الحكومية، لضمان نزاهة التحقيقات. وأضاف: “مستقبل صناعة العسل في مصر مش رفاهية، دي صناعة بتحرك ملايين الدولارات وبتشغل آلاف الأسر، وسمعتنا بره مش لعبة.”

وأشار الهواري أيضًا إلى أن قضايا الغش الغذائي ليست جديدة على الساحة المصرية، مستشهدًا بأزمات البنزين المغشوش وتلوث الأغذية التي واجهت البلاد سابقًا، محذرًا من أن التستر على هذه التجاوزات قد يؤدي إلى عواقب اقتصادية وصحية وخيمة.

في المقابل، أصدر مجلس الوزراء بيانًا عاجلًا نفى فيه وجود غش في منتجات العسل المطروحة في الأسواق، مؤكدًا أن الجهات الحكومية تتابع سلامة المنتجات بشكل دوري، وأن التقارير المتداولة لم تلتزم بالمعايير العلمية المعتمدة. غير أن تشكيك الإعلام الرسمي لم يفلح في إقناع شريحة كبيرة من المواطنين، خاصة بعد أن أظهرت الصور المتداولة أن التقارير كانت صادرة عن معامل وزارة الصحة نفسها، ما فجر موجة جديدة من الغضب والسخرية على منصات التواصل الاجتماعي.

من جانبه، اعتبر اتحاد النحالين المصريين أن الحديث عن غش جماعي “مبالغ فيه”، محذرًا من الإضرار بسمعة مصر كمصدر رئيسي للعسل وطرود النحل عالميًا. ووفقًا لبيانات الاتحاد، تمتلك مصر أكثر من 2 مليون خلية نحل وتنتج نحو 20 ألف طن عسل سنويًا، يتم تصدير نحو 3000 طن منها إلى الخارج، ما يجعل الصناعة مصدر دخل لنحو 25 ألف أسرة مصرية.

إلا أن بعض الخبراء، حذروا من التغاضي عن المخالفات، مشيرين إلى أن العسل المصري يتمتع بسمعة ممتازة عالميًا، ولكن لا بد من الاعتراف بوجود حالات غش محدودة تستوجب رقابة صارمة، حماية لسمعة المنتج المصري الذي يواجه منافسة شرسة في الأسواق الدولية.

ويحذر مختصون من أن استمرار الأزمة بدون تحقيقات شفافة ومحاسبة المتورطين قد يضرب الاقتصاد الزراعي في الصميم، ويهدد مكانة مصر في سوق العسل العالمي، خاصة في ظل اتجاه دول عديدة لتشديد معايير استيراد المنتجات الغذائية.

في ظل هذا المشهد المرتبك، تتزايد المطالب بضرورة تحرك الأجهزة الرقابية لمراجعة المنتجات بشكل جاد بعيدًا عن البيانات التجميلية، خاصة مع تكرار وقائع مشابهة مؤخرًا في أسواق البنزين والسلع الغذائية، والتي بدأ إنكارها رسميًا قبل أن يتم الاعتراف بها لاحقًا بعد تصاعد الغضب الشعبي.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى