ثقافة وتاريخحوادث وقضايا

النيابة تكشف نفقًا أثريًا بقصر ثقافة الطفل بالأقصر وتبدأ تحقيقات موسعة

كشفت تحقيقات النيابة العامة والنيابة الإدارية بالأقصر عن وقائع مروعة ومخالفات صارخة داخل قصر ثقافة الطفل وقصر ثقافة الأقصر تقشعر لها الأبدان وتفضح هشاشة منظومة الثقافة في مصر وتُميط اللثام عن عبث منظم جرى داخل حرم موقع أثري وتاريخي يُعد من صلب هوية الشعب المصري

حيث أكدت التحقيقات أن ما تم ضبطه ليس مجرد إهمال إداري أو تجاوز فني بل جريمة مكتملة الأركان ذات أبعاد خطيرة تطال مسؤولين حاليين وسابقين وتتطلب محاسبة فورية دون مجاملة أو تهاون

أوضحت النيابة العامة أنها باشرت تحقيقات موسعة وفورية في واقعة الحفر والتنقيب عن الآثار التي وقعت داخل قصر ثقافة الطفل بمنطقة أبو الجود في الأقصر.

وأكدت النيابة العامة بالأقصر أن الواقعة لم تكن عفوية أو فردية بل تحمل دلالات خطيرة على وجود شبكة متورطة بشكل مباشر في محاولة سرقة تاريخ هذا البلد من تحت أنقاض منشآت الدولة

وبيّنت النيابة أنها كلفت خبراء الأدلة الجنائية بفحص الموقع وتحليل معالم الحادث وكلفت خبراء المعمل الجنائي لمعاينة الآثار الظاهرة على الأرض بجانب تكليفها خبراء من الآثار والثقافة والإدارة الهندسية لمباشرة أعمال الفحص والمعاينة الشاملة، حيث تم اكتشاف نفق أثري يمتد بطول 9 أمتار وعمق 5 أمتار، مما يشير إلى وجود أعمال تنقيب غير مشروعة تحت المبنى،

شددت النيابة العامة على أهمية استدعاء تحريات المباحث الجنائية وأمرت بسرعة ضبط ستة متهمين هاربين توارت وجوههم عقب افتضاح أمرهم وإغلاقهم لهواتفهم المحمولة قبل ساعات من زيارة وزير الثقافة لموقع الكارثة

كما وجهت النيابة العامة بفحص تسجيلات كاميرات المراقبة المحيطة بموقع الحادث وسماع أقوال شهود العيان الذين أشاروا إلى تفاصيل تقود مباشرة إلى المتورطين

أفاد مصدر رفيع المستوي بالهيئة العامة لقصور الثقافة رفض ذكر أسمه بأن العامل محمود عبدالمولى حسن قد قام بإخطار هشام عز الدين العماري مدير ادارة الصيانة بفرع ثقافة الأقصر قبل أربعة أيام من اكتشاف الكارثة بانتشار أنباء داخل منطقة أبو الجود عن وجود أعمال تنقيب أثرية داخل قصر ثقافة الطفل إلا أن الرد كان صادمًا واستهزائيًا حين قال هشام ساخراً إن الناس لو كانت تحمل التماثيل على أكتافها فلن يحرك ذلك ساكنًا في أحد وهي الجملة التي كشفت عن علم مسبق بالواقعة وتواطؤ لا لبس فيه

أشار مصدر داخل فرع ثقافة الأقصر إلى أن خناقة عنيفة نشبت بين يوسف محمود وهشام داخل مقر الفرع وهي ليست الأولى من نوعها بل الثانية حيث كرر يوسف اتهامه لـ هشام بأنه هو من أتى بالشركة الوهمية وهو من ورط مدير الفرع في هذه الجريمة الثقافية المدوية والتي تحولت إلى قضية أمن قومي بامتياز

أوضحت النيابة الإدارية بالأقصر القسم الثاني تنفيذًا لتكليفات المستشار عبدالراضي صديق رئيس هيئة النيابة الإدارية وبناءً على ما رصده مركز الإعلام والرصد عن مخالفات صارخة بمقر قصر ثقافة الأقصر وقصر ثقافة الطفل أن فريقًا من المحققين برئاسة المستشار عصام عبداللطيف وعضوية كل من مصطفى عليان رئيس النيابة ومؤمن الشرقاوي وكيل النيابة انتقلوا برفقة عدد من المختصين بإقليم جنوب الصعيد الثقافي لمعانية الموقعين حيث جاءت النتائج صادمة وكارثية

أكدت معاينة قصر ثقافة الطفل على غياب تام لأعمال التطوير وتراكم كميات ضخمة من مخلفات الحفر داخل المقر ووجود حفرة عميقة تتجاوز أربعة أمتار في الدور الأرضي وامتداد الحفر إلى الخارج مسببة هبوطًا أرضيًا ظاهرًا في الشارع العام وقطر الحفرة الخارجية يقارب مترًا ونصف وهو ما يمثل تهديدًا مباشرًا لحياة المارة وسلامة الطريق العام كما كشفت اللجنة عن وجود سرداب أثري بطول ستة أمتار خلف ثلاثة أبواب خشبية مموهة ومغطاة بالرمال بشكل محترف يصعب اكتشافه بالعين المجردة

أكدت اللجنة الفنية المشكلة من منطقة آثار مصر العليا أن اللجنة لم تتمكن من دخول المقر فورًا بسبب تعمد المسؤولين بالموقع تأخير فتح الأبواب كما كشفت عن وجود معدات تنقيب وموتور شفط مياه ومخلفات حفر موزعة بدقة على ثلاث غرف دون أي مؤشرات تدل على وجود أعمال ترميم فعلية رغم أن عقد المقاولة يشير إلى بدء الأعمال منذ فبراير وكان من المفترض تسليم المشروع أول يونيو أي قبل يوم واحد من انكشاف الجريمة

أوضح المصدر أن اللجنة عثرت على أمفورة أثرية كاملة من العصر الروماني كانت تُستخدم لحفظ النبيذ والزيوت وهي ذات رقبة ضيقة وعنق طويل وكتف عريض كما تم العثور على أوانٍ فخارية تعود إلى أحد العصور المصرية المتأخرة مما يُرجح وجود كشف أثري حقيقي في هذا الموقع الكارثي الذي تم اختياره للتنقيب عن الآثار تحت غطاء رسمي مزيف

أفاد المصدر أن المنطقة الجغرافية الواقعة فيها الكارثة وهي أبو الجود تقع ضمن نطاق الإشراف الأثري وتبعد عن معبد الأقصر مسافة ثلاثمائة متر فقط مما يتطلب تصريحًا رسميًا لأي حفر أو بناء وفقًا لقانون حماية الآثار مما يُعزز من فرضية التواطؤ المتكامل بين عناصر داخل الهيئة وخارجها

أشارت التحقيقات إلى أن الشركة المسؤولة عن الترميم وقعت عقدًا مع فرع ثقافة الأقصر في فبراير دون أن تنفذ أي خطوة حقيقية في أعمال الصيانة حتى أرسلت قبل أسبوعين فقط طلبًا لمد فترة التنفيذ شهرين إضافيين وهو الطلب الذي لم يكن إلا غطاء لاستمرار التنقيب

أوضح المصدر داخل فرع ثقافة الأقصر أن الواقعة تم اكتشافها مساء السبت قبل زيارة وزير الثقافة بيوم حين أبلغ مسؤول الأمن مكتب المحافظ وإدارة الفرع التي أخطرت بدورها مكتب الوزير وأكد أن المتورطين تواروا عن الأنظار فور انكشاف أمرهم ولم يُقبض حتى الآن على أي منهم رغم إصدار أوامر بالضبط والإحضار

أبرز التحقيق الإداري للنيابة الإدارية أن غرفة الكهرباء والمحولات داخل قصر ثقافة الأقصر غارقة بالمياه الجوفية في إهمال جسيم يُعرض المبنى والعاملين لكارثة وشيكة حيث لم تُراعَ أي اشتراطات للسلامة أو الصيانة

اتهمت مصادر داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة إدارة الصيانة بالتقصير الفاضح وأشارت إلى أن مجلس مدينة الأقصر هو الجهة التي وافقت على أعمال الترميم رغم غياب المتابعة وعدم تنسيق أي جهود فعلية لحماية المقر

رفض مسؤولو المدينة وعلى رأسهم سكرتير عام المجلس حاتم جابر الإدلاء بأي تصريحات رسمية واكتفى بالقول إن المجلس سيقوم بوضع صدادات حديدية حول المبنى بينما تهرب رئيس حي وسط من المسؤولية وأحال الأسئلة إلى القائم بأعمال المدينة الذي رفض هو الآخر التعليق

كارثة قصر ثقافة الأقصر تكشف نهرًا لا ينضب من الفساد المستتر والعبث بتراث الوطن

أثارت الواقعة علامات استفهام خطيرة حول الدور الذي كان يشغله اللواء خالد اللبان مساعد وزير الثقافة حاليًا ورئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة وقت الترسية على الشركة المنفذة حيث كان يشغل منصب مدير فرع هيئة الرقابة الإدارية بالأقصر فهل غفل على هذا الكم من الفساد وهو داخل جهاز رقابي؟ وهل مر الأمر عليه مرور الكرام دون علم؟ أم أن الصمت كان سيد الموقف حتى بعد تصعيده إلى رأس الهيئة؟

أكدت المعاينات والوثائق أن الشركة الوهمية حصلت على العقد دون مؤهلات تنفيذ حقيقية وأن توقيع العقد تم وسط غياب كامل للشفافية والمتابعة مما يؤكد أن الترخيص لم يكن إلا واجهة لعمليات التنقيب التي كانت تُدار لسرقة تراث هذا الوطن في وضح النهار وتحت عباءة الثقافة

أشارت الوقائع إلى أن نهر الفساد داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة لا يعرف نهاية وأن ما تم كشفه في الأقصر ليس سوى رأس جبل الجليد الذي يخفي تحته جرائم مماثلة داخل مواقع أخرى لا تزال بعيدة عن أعين الرقابة

أوضحت النيابة الإدارية أنها أمرت بتشكيل لجنة فنية عليا لفحص شامل وموسع لجميع العقود والمشروعات التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة في محافظة الأقصر وإقليم جنوب الصعيد للتأكد من مدى وجود عمليات تنقيب مشابهة تحت غطاء التطوير الوهمي مؤكدة أنها لن تتهاون في محاسبة أي مسؤول سواء كان في الخدمة أو أحيل للتقاعد

وبينت التحقيقات أن الصمت المريب والتواطؤ الإداري والتراخي الرقابي والانفلات التنفيذي شكّلت جميعها مناخًا مثاليًا لنمو هذا النوع من الفساد الذي ينخر في جسد الدولة ويُسقط هيبتها أمام أعين المواطنين

وبينما تتسع دائرة الشكوك حول شخصيات بعينها تمتلك النفوذ وتحتمي بالمناصب ترتفع أصوات الغضب والحزن في الشارع الثقافي الذي بات مكلومًا على تراثه المسلوب تحت ستار التطوير وهو في الحقيقة تدمير منظم وممنهج لقيمة وتاريخ وهوية هذا الوطن الممتد آلاف السنين

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى