غارات إسرائيلية مدمرة تهز الضاحية الجنوبية وتهدد حياة المدنيين

في فجر الخميس الماضي اهتزت أركان الضاحية الجنوبية لبيروت تحت وطأة غارة إسرائيلية جريئة ومروعة استهدفت حارة حريك دون رحمة أو إنذار كافٍ لسكان المنطقة الذين وجدوا أنفسهم أمام مشهد كارثي لم يتوقعوه
وكانت التحذيرات التي أطلقها الجيش الإسرائيلي في وقت متأخر من مساء الأربعاء مجرد بداية لكارثة أكبر من قدرة أي مجتمع على تحملها فالإخلاء المفاجئ للمنازل لم يكن كافيًا لدرء الخطر المحدق بهم
تساقط الصواريخ كالمطر على حارة حريك وسط حالة من الهلع والرعب تجتاح قلوب السكان الذين تجمعوا في الشوارع يبحثون عن ملاذ آمن
في الوقت الذي كانت فيه أصوات الانفجارات تشتت كل شيء حولهم ففي خضم هذه الأجواء المأسوية سقط صاروخ على المنطقة ليدخلها في دوامة جديدة من الدمار والتشويش على الحياة اليومية
لم تتوقف الغارات عند هذا الحد بل شنت القوات الإسرائيلية عملياتها في مناطق أخرى منها سهل بوداي وبلدة سحمر في البقاع الشرقي
حيث لم تكن الحماية كافية لحماية المدنيين من هذا الاعتداء السافر فقد كان لكل غارة أثرها المأساوي على السكان الذين عاشوا ساعات طويلة تحت وطأة الخوف والترقب
وفي مشهد مروع أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني عن استشهاد خمسة من عناصرها إثر غارة استهدفت مركزهم في بلدة دردغيا جنوب لبنان
وهو ما يضيف نقطة سوداء جديدة إلى سجل الاعتداءات الإسرائيلية والتي لم تفرق بين مدني أو عسكري في سياسة تصعيدية تستهدف تقويض أي شكل من أشكال الحياة الإنسانية هناك
المديرية العامة للدفاع المدني أصدرت بيانًا صادمًا تعلن فيه فقدان خمسة من أبطالها الذين كانوا يؤدون واجبهم الوطني في أوقات حرجة لم يكن أمامهم سوى تقديم المساعدة للمدنيين
فالحياة في الجنوب اللبناني باتت في مهب الريح ولا سيما مع استمرار الاعتداءات التي تتصاعد يومًا بعد يوم مما يحتم على المجتمع الدولي التدخل بشكل عاجل لوضع حد لهذا التصعيد المريع
التقارير التي صدرت عن وزارة الصحة اللبنانية جاءت لتكشف عن فظاعة الوضع القائم حيث أظهرت الإحصائيات ارتفاع حصيلة القتلى منذ بداية العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى 2119 شخصًا بالإضافة إلى أكثر من 10019 جريحًا مما ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة في المنطقة
الأرقام ليست مجرد إحصائيات بل تعكس معاناة إنسانية عميقة تسجلها الذاكرة في ظل الأزمات المتكررة فكل رقم هو قصة مروعة تنعكس في عيون الأطفال والنساء والرجال الذين فقدوا أحبائهم وأمنهم وكل ما كانت تمثله حياتهم من آمال وطموحات
الوضع الأمني يتدهور بسرعة مما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا حيث أصبح من الواضح أن التصعيد العسكري الإسرائيلي يتجاوز حدود الفهم أو التحليل فالسكان يعيشون في دوامة من الخوف والعنف والذعر بينما تواصل آلة الحرب الإسرائيلية عملها بلا هوادة
وفي ظل كل هذا يتساءل الكثيرون عن المصير المجهول الذي ينتظرهم في هذه الظروف القاسية فهل ستظل الحرب تدور بلا نهاية أم أن هناك بصيص أمل قد يضيء عتمة الليل الطويلة التي يعيشون فيها كل هذه الأسئلة تظل بلا إجابات في وقت يشتد فيه الخناق على الحياة الطبيعية في هذه المنطقة المنكوبة
العالم بأسره يراقب هذه الأحداث المروعة ويتساءل عن موقف المجتمع الدولي تجاه ما يجري في لبنان فهل سيظل الصمت هو السمة الغالبة أم أن هناك تحركات دبلوماسية قد تنقذ ما تبقى من آمال هؤلاء الذين تجرعوا مرارة الحرب والمعاناة لفترات طويلة فالصمت لن يحل الأزمة ولن يخفف من وطأة الألم الذي يعيشه الملايين من الأبرياء
وكل هذه المعطيات تشكل قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة مما يستدعي تدخلاً عاجلاً من كافة الأطراف المعنية لوضع حد لمأساة إنسانية متواصلة وإلا ستتحول الضاحية الجنوبية إلى رمز للمعاناة التي لا تنتهي والتي ستظل محفورة في ذاكرة التاريخ كواحدة من أبشع صور العنف والحرب