شباك نورمصرمقالات وآراء

د. أيمن نور يكتب: لماذا أحب محمد صبحي ولا أحب عادل إمام؟ حكاية الانتخابات الرئاسية الثانية التي خضتها ولم أخضها!

حكايتي مع عادل إمام ليست سوى مرآة صغيرة لانكسارات كبرى،لاشخاص تبدو لامعة كبيرة عن بعد فقط!
الحكاية يمكن تلخّيصها في ثلاث محطات:
فتور صامت،
صدام علني،
تجاوز جارح.
تعلّقت بفنّه، كما تعلّق جيلي، لكنّي لم أتعرف عليه كإنسان. وما بين الصورة على الشاشة وصورة الواقع… فرق بحجم خيبة الظن

اللقاء الأول جمعني به عام 1999، حين رتّبه الصحفي بجريدة الوفد الصديق الراحل أحمد كمال الدين، كنت وقتها، نائبًا بمجلس الشعب، ونائب زعيم المعارضة ياسين سراج الدين.

العشاء كان في مطعم “بنت السلطان” الذي يملكه الفنان مصطفى حسين، قرب منزل عادل إمام. كان الحوار بارداً، بلا ملامح أو حرارة،
لقاءٌ جافّ لم تتقاطع فيه الأرواح.

أما اللقاء الثاني، بعد عام تقريبا وكان عاصفاً بكل المعاني.
حين دعوت عادل إمام لإفطار رمضاني في خيمة وزارة البيئة بدار الأوبرا، وكانت المناسبة وطنية خالصة؛ وتحت ﻻفته افطار الوحدة الوطنية الذي كنت انظمه شخصيا كل عام جمعت في هذا العام قرابة 1500 شخصية من رموز السياسة والدين والفن. ومن بينهم عادل امام

دخل عادل إمام متأخرًا،مع مدفع الافطار ملوحا بيده للحضور الذين استقبلوه بتصفيق متواصل حتي وصل إلى طاولته حيث صافح بحرارة كل الجالسين عليها ، وتعمّد – ببرودٍ لا يليق – تجاهل الفنان الكبير محمد صبحي، الجالس إلى جوار سيمون.

همست له بلطف منبها: لم تصافح “محمد صبحي !”
فهزّ رأسه باستهانة. كررت التنبيه، هذه المرة بشيء من الغضب المكتوم. لم يُجب، لكنه وقف وتصورت أنه سيمدّ يده، لمصافحة صبحي لكنه وقف ثم غادر الخيمة!والأفطار و كأنّ الكِبر يمنحه الحق في الإهانة. كان مشهدًا موجعًا، جرحاً علنياً لم تداوه السنين في نفسي و ربما غيري.

بعدها بعشر سنوات، وفي 2010، و في لقاء مع الإعلامي عمروالليثي، سأله عن مرشحيه للرئاسة فقال: “سأنتخب أيمن نور… لكن بشرط أن يخبرني لماذا انفصل عن زوجته!”

إجابة كانت وقحة، لا تليق لا بفنان ولا بإنسان. كانت طعنة شخصية، لا علاقة لها لا بسياسة ولا فن، وأغلقت باب الإعجاب الذي كنت أحتفظ به له.
حتى هذه اللحظة.


في المقابل، علاقتي بـ محمد صبحي بدأت إنسانيّة، وازدهرت إنسانيّتها ،قبل أن تطوق بصداقه حقيقيه .
تعرفت عليه عام 1997 في لقاءات مع الفنانة سيمون.
شعرت بدفء في حديثه، بصدقٍ في عينيه، وبحلمٍ يتشكل بوعي وطني.

عندما قرر بيع سيارته الفولفو لاستكمال ثمن قطعة أرض على طريق مصر – الإسكندرية الصحراوي،للبدأ في مشروع ” مدينة سنبل للفنون”

، كنت أول من سعى لشرائها، لا من باب الحاجة، بل من باب المساند ،دون إحراج.

تابعت معه المشروع من فكرة حالمة إلى واقع تحقّق بصبر وجلد، رغم العثرات. وحين دخل في شراكة مع الزميل والصديق النائب عماد الجلدة،

وكنت أنا وكيلا قانونيا لشركه الحصان التي يملكها عماد عبر مكتبي، بذلت جهدًا كبيرًا لحل الخلافات التي أنهت الشراكة بينهما مبكرًا. لكن صداقتي بـ محمد صبحي لم تنقطع.

بل ازدادت ترسخًا حين دعاني لمشروع اجتماعي وطني لخدمة الشباب. كان مشروعًا يستحق أن يولد… لكنه أُجهض في زمن مبارك.

بعد خروجي من السجن في 2009، بدأت حملة “طرق الأبواب”، زرت خلالها أكثر من 300 مدينة وقرية. وبينما كنت في بيروت، مارس 2012، للقاء الجالية المصرية في لبنان ، تلقيت اتصالًا من محمد صبحي: “عد فورًا للقاهرة، سنلتقي صباحًا في وزارة الدفاع”.

وهناك، التقيت بالفريق سامي عنان، بعد أن طرح محمد صبحي في حوارٍ مع المشير طنطاوي، تساؤلاً عن سبب إسقاط العقوبة عن خيرت الشاطر وعدم إسقاطها عني.رغم وضوح التلفيق السياسي في حالتي

.تحمّس عنان، وطلب من صبحي حضوري فورا حضرت مع صبحي لوزاره الدفاع في اليوم التالي وطلب مني الفريق عنان صياغة القرار بنفسي، واستدعي اللواء ممدوح شاهين،

فكتبنا القرار الذي نُشر بعد ساعات في الوقائع المصرية.
مشيرا لإسقاط للعقوبات التبعيه واخصها واهمها حقوقي السياسية والأدبية خوض الانتخابات الرئاسية
خاصة أن العقوبه الظالمه المقيدة للحرية كانت انتهت بخروجي من الإعتقال منتصف ٢٠٠٩ بعد قضاء أربعة سنوات رهن هذه العقوبه.


تقدّمت بكامل أوراق ترشحي، ولم تمضِ أيام حتى صدر قرار جائر آخر من اللجنة العليا للانتخابات باستبعاد عدة أسماء، كنت أحدهم، مع الشاطر، وحازم أبو إسماعيل، وعمر سليمان.

القرار لم يكن فقط صادمًا، بل متناقضًا تمامًا مع قرار المجلس العسكري الذي أسقط كافة الآثار التبعية للعقوبة، والتي كانت هي وحدها ما يمنع ترشحي.


فأي منطق هذا؟ من يُصدر القرار، هو نفسه من يُلغي أثره الفعلي الوحيد؟ أم أن هناك من أراد القصاص السياسي باسم الدولة؟


ولا انسى هنا ان المشير محمد حسين طنطاوي عندما التقيته بالصدفه في مكتب اللواء حسن الرويني قائد المنطقه المركزيه أبان ايام ثوره الاولى،قال لي لن ننسى ما فعلته انت والبرادعي في الرئيس مبارك!


عقب قرار الاستبعاد سألت المستشار حاتم بجاتو، وكان نائب رئيس اللجنة، عن سند القرار في ظل وجود قرار جمهوري بإسقاط للعقوبه وآثارها التبعيه؟ فقال:

“من أصدر القرار باسقاط العقوبه… هو من طلب استبعادك!”

ذهبت يومها مع محمد صبحي الذي كان منفعلا بما حدث أكثر مني إلى وزارة الدفاع، التقينا الفريق سامي عنان، الذي أبدى دهشته، وسألني:

“لمن ستذهب كتلتك التصويتية؟”

أجبته: الشق الليبرالي سيتّجه إلى عمروموسى، أما الثوري سيتجه إلى حمدين صباحي، والإسلامي إلى أبو الفتوح. وفعلاً، هكذا حدث.

داخل الحزب، وقعت هزة كبرى.بعد الاجتماع الذي حضره عمرو موسي فاستقالت لجنة البحيرة بقيادة الأستاذ المحامي العزيز أحمد ميلاد،

الرجل الذي أكنّ له كل محبة وتقدير، وما زال وقع استقالته يؤلمني حتى اليوم. استقال معه أسماء عزيزة مثل بلال حبيب و”التيتي”، وغيرهم ممن حفروا أسماءهم في قلبي وذاكرتي في سنوات المواجهة مع مبارك.

علي الجانب الاخر انضم حسام علي، المهندس البورسعيدي النابه، إلى حملة عمروموسى وآخرين من قيادات الحزب بينما انضم احمد غنيم .والمهندس احمد بدوي لحمله ابو الفتوح
في سياق حالة من الانشطار الداخلي التي عصفت بالحزب بعد استبعادي من خوض الانتخابات الرئاسية الثانية في تاريخ مصر.

بقي محمد صبحي صديقًا وفيًّا رغم الاختلافات السياسية بعد 2013. وربما قبلها، حين عرضت عليه عضوية مجلس الشورى ضمن قائمة تعينات الرئيس محمدمرسي، ووافق صبحي وكان وقتها في أميركا لعلاج زوجته، ثم اعتذر لاحقًا فور عودته للقاهرة لأسباب احترمتها.

نعم كنت ولازلت أحب محمد صبحي، لأنه لم يكن فقط فنانًا، بل إنسانًا… وموقفًا. أما عادل إمام، فكان تمثالًا جميلًا من الخارج، مجوّفًا من الداخل، تحطّم عند أول ملامسة له.
اعرف ان هذه الحقيقه قد لا تعجب

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى