
في عالم يموج بالمال والسلطة، كان جيفري إبستين يُجسد نموذجًا للنجاح الباهر. رجل أعمال، ملياردير، وواجهة في المجتمع الراقي الأمريكي، تربطه علاقات بشخصيات من الوزن الثقيل: أمراء، رؤساء، نخب سياسية واقتصادية، وحتى مشاهير هوليوود. لكن خلف هذه الواجهة البراقة، كانت تختبئ واحدة من أحلك القصص في التاريخ الحديث.
من هو إبستين؟
ولد جيفري إبستين عام 1953 في بروكلين، نيويورك. رغم أنه لم يحصل على شهادة جامعية، إلا أنه شق طريقه إلى عالم المال وبدأ يعمل في وول ستريت. ذكاؤه الشديد وشبكة علاقاته أوصلته إلى مناصب عليا، قبل أن يؤسس شركته الخاصة لإدارة الثروات، حيث أصبح صديق الأثرياء و”المستشار المالي” لمن لا يُسألون عن مصدر أموالهم.
القصر المظلم والجزيرة الملعونة،
امتلك إبستين منازل فاخرة في نيويورك وباريس، بالإضافة إلى جزيرة خاصة في الكاريبي سُميت لاحقًا بـ”جزيرة الجنس”. تلك الأماكن لم تكن فقط ملاذًا للترف، بل كانت – كما كشف التحقيق مواقع لانتهاكات جنسية مروعة بحق قاصرات.
وفق شهادات الضحايا، كان إبستين يدير شبكة لاستدراج الفتيات المراهقات، وغالبًا ما يتم استغلالهن جنسيًا مقابل وعود مالية أو تعليمية. الأسوأ من ذلك؟ أنه لم يكن وحده. تشير الأدلة إلى تورط شخصيات ذات نفوذ هائل، بعضها لا يزال في الظل حتى اليوم.
تم الاعتقال والسقوط.. ثم موت غامض
في يوليو 2019، أُلقي القبض على إبستين مجددًا بتهم الاتجار بالجنس بقاصرات. سُجن في نيويورك، وكان يُنتظر أن تفتح محاكمته أبواب الجحيم على العديد من الشخصيات العامة. لكن ما حدث لاحقًا زاد الطين بلة.
في 10 أغسطس 2019، عُثر على إبستين ميتًا في زنزانته. الشرطة أعلنت أنه انتحر، لكن الملابسات أثارت موجة من الشكوك: كاميرات المراقبة “توقفت عن التسجيل”، الحراس “غفوا عن مراقبته”، وتقارير الطب الشرعي تضاربت. هل قُتل ليسكت إلى الأبد؟ ومن كان يخشى من أسراره؟
الأسئلة التي لم تُجب بعد….
قضية إبستين لم تنته بموته، بل ربما بدأت من هناك. ماذا عن الشبكة التي كان يديرها؟
من هم شركاؤه؟ ولماذا لم يُحاسب كثير من المتورطين؟
جمال القضية – ومرعبها في أنها ليست فقط عن رجل منحرف، بل عن نظام كامل من الحماية والتواطؤ والتستر.
ان جيفري إبستين لم يكن مجرد “متحرش ثري”، بل واجهة لسقوط أخلاقي من أعلى هرم المجتمعات الغربية.
بينما تستمر المزاعم والتكهنات حول تورط شخصيات بارزة في قضية إبستين، من المهم التمييز بين الادعاءات غير المثبتة والحقائق المؤكدة. حتى الآن، لم يتم تقديم أدلة قاطعة تربط ترامب أو أي أثرياء عرب مباشرة بجرائم إبستين. ومع ذلك، فإن الضغط الشعبي والسياسي قد يؤدي إلى الكشف عن مزيد من المعلومات في المستقبل.