
بالنسبة للمتسائلين عن الموقف السويسري وتصريحات وزير الخارجية هذا الأسبوع فأنا أجدد التأكيد بان الموقف السويسري باعتباره نظاما برلمانيا فهو محترم للغاية ويكفي العودة لتدخلات النواب هذا الاسبوع للوقوف على حجم التباعد بين ما يصرح به الوزير والواقع.
كما ان نشر رسالة مفتوحة من عشرات الديبلوماسيين واليوم رسالة من 250 موظف في الخارجية السويسرية إضافة الى مواقف عديد الأحزاب والجمعيات والنقابات والتكتلات تؤكد بأن الرجل مازال لم يتقلد بعد جبة الرجل السياسي السويسري ومازال يتصرف كما كان أي نائب لرئيس مجموعة الصداقة السويسرية الإسرائيلية في البرلمان.
كنت ذكرت [ان السيد كاسيس وزير الخارجية الحالي يعتبر صاحب اسوا أداء سياسي في سويسرا خلال نصف قرن وهذا يعود لعدة حقائق.
فالرجل وصل للمنصب بالتوافقات بين الكتل الحزبية والمناطق الجغرافية وهو ينحدر من المنطقة الإيطالية السويسرية وهو الوحيد في الحكومة الفدرالية لتمثيل هذه المنطقة ” اللغوية”.
هو طبيب ورجل لوبيات ولا علاقة له بالسياسة والمنطق السياسي ولهذا كانت سويسرا غائبة تقريبا عن الملفات الكبرى منذ مجيئه.
للتذكير فقط ببعض الامثلة
لم يكن لسويسرا دور يذكر في حصار قطر وكان مطلوب منها ان تقوم بوساطات كعادة تاريخ السياسة السويسرية.
كانت سويسرا غائبة تماما في ملف التسوية بين أفغانستان والولايات المتحدة والحال أنها كانت مهيأة أكثر من غيرها للعب دور الوساطة.
كانت غائبة في مجمل القضايا التي حصلت منذ 2017 ومنها ملفات الأموال المنهوبة في بلدان الربيع العربي.
ولم يكن لها دور يذكر في المفاوضات حول سوريا وحتى انعقاد جلسات في مدينة منترو السويسرية لا يمكن اعتباره انجاز للرجل بل ترتيبات سابقة لمجيئه وحتى عند حضور وزراء الخارجية لتركيا وروسيا وايران كان الرجل كثيرا ما يلوذ بالصمت.
لم يكن لسويسرا دور مستقل عن التمشي الغربي في الازمة بين روسيا وأوكرانيا وهذا ما دفع الروس رفض مقترح كاسيس للوساطة وكان الرفض بطريقة مهينة لتاريخ سويسرا وديبلوماسيتها العريقة
لم يعد لسويسرا دور يذكر في المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران والحال ان السفارة السويسرية في طهران هي من ترعى المصالح الامريكية وبالتالي مهيأة أكثر من غيرها للعب أدوار متقدمة.
المشكل ان النظام السياسي الحالي لا يسمح بطرد وزير من الحكومة الفدرالية وبالتالي فان كل الجهود تنصب الان لدفعه للاستقالة خاصة بعد أن ثبت عدم دقة أقواله وعدم ملاءمة ما يدعيه مع الواقع وتهجماته على وكالة الاونروا وعدم دفاعه بما يكفي عن اتفاقيات جينيف وفشل وزارته في تنظيم مؤتمر حول السلام كانت طالبت به الأمم المتحدة وعجزت الإدارة السويسرية التي يشرف عليها على توضيح أسباب الفشل أو ذكر الأطراف المعطلة للمؤتمر.
فشل متعدد وفي كل الاتجاهات ولا يقتصر على الملف الفلسطيني، ولكن علينا أيضا التأكيد أن النظام السويسري المبني على التوافق كان المعطل وليس فقط شخص كاسيس الرجل الفاشل والغير قادر على مصارحة الناس بالحقائق كما هي دون تزييف ولا تأويل شخصي.