مقالات وآراء

د.أيمن نور يكتب: هل تهدي مصر العرب رئيس وزراء تحت التمرين؟10أسماء تصلح بديلاً لمدبولي..على رأسهم شيخ الأزهر



مشهد لا يخلو من مرارة تجريف السياسة، ولا يفتقر إلى رمزية الانحدار، حين تتسرب الأنباء– لا تنفى ولا تؤكد – ترشيح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري،الحالي لمنصب الأمين العام لجامعةالدول العربية، خلفًا للسيد أحمدأبو الغيط الذي تنتهي ولايته في مارس المقبل.

ليست الأزمة في الاسم فقط، بل في ما يُعبّر عنه هذا الاسم. فمدبولي، الذي قفز من دهاليز هيئةالتخطيط العمراني إلى رئاسة الوزراء، لم يكن يومًا وجهًا سياسيًا، ولا مشروعًا دبلوماسيًا، ولا حتى شريكًا في تشكيل الرؤية المصرية تجاه قضايا الإقليم.
فإذا كانت الجامعة العربية تعاني – كما يعرف الجميع – من غيبوبة سياسية ممتدة، فإن تقديم شخصية بلا حضور سياسي أو دبلوماسي، هو إمعان في السُبات لا دعوة للاستفاقة.

الأدهى أن الملف الشخصي للدكتور مدبولي – قبل توليه وزارة الإسكان في 2014 – لم يكن نقيا او نظيفًا خاليا من الملاحظات والمآخذ القانونية، التي لا نرغب في الخوض في تفاصيلها الآن، رغم أن أوراق التحقيقات التي أجرتها الجهات الرقابية، وعلى رأسها هيئةالرقابةالإدارية، لا تزال بين أيدينا، ومرصودة بالتوقيت والوقائع. هذا السياق يجعل الترشيح، ليس فقط مثار جدل، بل نقطة اختبار حقيقية لجدية الدولة في استعادة وزنها الإقليمي.

المأساة الأكبر أن مثل هذا الترشيح لا ينبئ إلا عن إفلاس سياسي فادح، وعن تجريف متعمّد أصاب النخبة المصرية، حتى لم يعد متاحًا – على ما يبدو – سوى تقديم موظف تنفيذي بلا تاريخ ولا موقف. رجل لم يُقنع الرأي العام المصري – ولو ليوم واحد – بأنه رئيس وزراء فعلي، فكيف نطلب منه أن يُقنع العرب بأنه أمين عام يعبر عن ضمير الأمة؟

جامعةالدول العربية، رغم كل ما أصابها من ترهل وتفكك، لا تزال المؤسسة الأرفع من حيث الرمزية، والأكثر حساسية من حيث التوقيت. وهي ليست منصبًا تشريفيًا يُمنح بمنطق التدوير،اوالترضية، بل منصة تحتاج إلى من يملك مشروعًا، وصوتًا، وجرأة على استعادة الخطاب العربي الواحد واقناع أطراف عربيه ودولية بجدية هذا الاختيار ومصداقيته.

اختيار الأمين العام من دولة المقر ليس إلزامًا لائحيًا، بل تقليد عرفي استمر ما دام الدورالمصري حاضرًا ومُلزمًا للعرب أخلاقيًا لا سياسيًا فقط. الآن، الوضع تغيّر، والفراغ المصري، المترافق مع توترات صامتة في العلاقات مع المملكةالعربية السعودية و تصادم في المواقف والمصالح مع الجزائر، جعل كلا الدولتين تفكر جديًا في طرح مرشح بديل، قد يكسر عرفًا قديمًا، ويصنع واقعًا جديدًا.يزيد من ازمه مصر الاقليميه في ظل تنامي أدوار أخري

السعودية على وجه التحديد، تتطلع إلى شخصية توافقية ومستقلة، ذات قبول واسع، ولا ترتبط مباشرة بأي نظام أو جهاز سياسي.لديها فيتوا عليه
وهنا يبرز اسم هو الأجدر بهذه المرحلة، وهو الأكثر قدرة على تمثيل ضمير الأمة من دون حسابات سياسيةاو فيتو إقليمي وهو اسم: الإمام الأكبر الدكتور أحمدالطيب، شيخ الأزهر الشريف!.

نعم قد يبدوا الإقتراح غريباً وصادما، ومخالفا المألوف لكن ما هو المألوف في طرح اسم مدبولي ؟! علي الاقل اختيار الدكتور أحمد الطيب سيفتح أبوابا في الأمل في أحياء الميت ، فهو الرجل الذي وقف دومًا إلى جانب القضيةالفلسطينية، وتحدث بلغة القيم حين سكتت السياسة، وتمتع بقبول نادر من الخليج إلى المحيط، من الرباط إلى الرياض.
إن كانت مصر تريد أن تُحسن الاختيار، وتُنقذ موقعها من التفريط، والمنافسة ،فبين يديها 10 أسماء على الأقل، جميعها أكثر جدارة، وأقرب للملف العربي من مصطفىمدبولي، وكلها تمثل مدارس دبلوماسية وفكرية وتجريبية عميقة: بدائل افضل من الاختيار الخائب يمكن أن تكون هي:- الوزير نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق، وسفير مصر الطويل في واشنطن، صاحب المدرسة الليبرالية والمواقف المتزنة.

الدكتور محمدعبداللا، أستاذ العلوم السياسية، رئيس لجنة العلاقات الخارجية السابق في البرلمان، ورئيس جامعة الإسكندرية الأسبق، ومثقف سياسي مستقل لا تنقصه الحكمة.

الدكتور مصطفى الفقي، البرلماني والمفكر، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية الأسبق،بالبرلمان ومدير إدارة المعلومات برئاسة الجمهورية سابقًا.وسفير مصر في العديد من الدول، وصاحب علاقة طبيه ب وليالعهدالسعودي الامير محمدبن سلمان وهو ما يجعل من السهل تمرير إسمه مجددا رغم تقدم سنه وتصريحاته الإعلامية الأخيرة التي تضعف من فرصة بعد أن كان اسمه مطروحا قبل ابو الغيط السفير محمدالعرابي، وزير الخارجية الأسبق، وصاحب شبكة العلاقات الواسعة في الخليج.
السفير محمدإدريس، مندوب مصر الأسبق في الأمم المتحدة، والخبير في العمل الدولي متعدد الأطراف. السفير هشام بدر، صاحب القبول الأوروبي، والخبرة العميقة في ملفات التنميةالمستدامة. السفير ماجدعبد_الفتاح، مندوب الجامعة العربية في الأمم المتحدة، والمطّلع على تفاصيل البيت العربي من الداخل.

من بين النساء المصريات، لدينا أصوات يُمكن أن تعطي للجامعة العربية وجهًا جديدًا:

السفيرة ميرفت التلاوي، الوزيرة السابقة، ووكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، وصاحبة المدرسة الحقوقية والدبلوماسية العريقة. الدكتورة فايزةأبوالنجا، وزيرة التعاون الدولي السابقة، وسيدة العمل المؤسسي الدولي.

السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية السابق، ذات الحضور في الدوائر العربية والإفريقية، والتي لا ترتبط بأي نظام مثير للجدل، وتتمتع بثقة المجتمع الدبلوماسي العربي.

في المقابل، فإن المكسب الوحيد لهذا الترشيح ، لمدبولي – إن صح – فهو أن تتخلص مصر من رئيس وزراء تحت التمرين، وتعيد النظر في قيادة حكومتها. الحديث عن الفريق كامل الوزير ليس ارتقاءً بل مزيدًا من الغرق في منطق اهلا لثقه في الإدارة لا اهل الخبره في القيادة للخروج من الازمات.فالحاجة ماسة اليوم لأسماء من طراز الدكتور محمدالعريان، الخبير الاقتصادي العالمي، أو الدكتور محمودمحييالدين، الرجل الذي جمع بين الوطنية والخبرة الأممية والبصيرة التنموية.

لسنا أمام لحظة ترشيح لسد الخانه فحسب، بل لحظة اختبار للعقل السياسي المصري والقدره علي الخروج من النفق المظلم.
هل نتمسك بتجريب المجرب؟
هل نستمر في تدوير الرماد،
أم نُشعل نارًا جديدة تنير طريق الامل في إصلاح داخلي هيكلي مستحق؟
ونعود لمشهد اختيارات مصر الخارجية فالجامعة لا تحتاج إلى وجه صامت لا يعرف إلا هزالرأس، بل إلى فكر حي، ولا إلى مدير خائب بل إلى قيادي يفكر، يحاور، ويصرخ.اذا لزم الأمر فبعض النظر عن الاسماء والمقترحات التي وردت في هذا المقال فمصر قادرة ان تقدم أيضا أسما شابا واعدا علي غرار رئيس الوزراء القطري الحالي في نشاطه وتواصلاته وتحركاته الفاعلة.

فهل من المقبول ان تهدي مصر العرب رئيس وزراء تحت التمرين؟
أم تفاجئهم ، بخيار بحجم مصر و الأمة،
بلسان يعبر عن تاريخها، وبقلب لا يخشى من يُحرجهم من النفق المظلم الي الضوء؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى