مقالات وآراء

مجدي حسن يكتب: حملات الداخلية تستهدف الاتجار بالعملة الأجنبية وأسبابه

خلال الأيام السبعة الماضية، أعلنت وزارة الداخلية المصرية عبر موقعها الرسمي عن مصادرة عملات أجنبية من المواطنين، تعادل قيمتها أكثر من 92 مليون جنيه مصري، وذلك ضمن حملات وصفتها بأنها “لمكافحة الاتجار غير المشروع في النقد الأجنبي”.

ورغم أن مثل هذه الأخبار تتكرر دورياً في الإعلام الرسمي، إلا أن تصاعد هذه الحملات في هذا التوقيت يطرح العديد من علامات الاستفهام حول أسبابها الحقيقية، وتداعياتها على الاقتصاد المحلي، ومصير المواطنين الذين يلجأون إلى السوق الموازية لحماية مدخراتهم من التآكل المستمر في قيمة الجنيه.

خلفية الأزمة:

منذ مارس 2022، تواجه مصر أزمة اقتصادية خانقة نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى الضغوط المتزايدة من صندوق النقد الدولي لتعويم الجنيه.

ومع الانخفاضات المتتالية في قيمة العملة المحلية، لجأ كثير من المواطنين والتجار والمستوردين إلى السوق السوداء للحصول على الدولار، في ظل شح المعروض الرسمي وقيود الاستيراد الصارمة.

الاقتصاد في غرفة الإنعاش:

الحملات الأمنية التي تعلن عنها الداخلية ليست سوى جزء من محاولات الدولة للسيطرة على سوق النقد، لكنها في الواقع تكشف عن فشل السياسات النقدية في توفير العملة الأجنبية عبر القنوات الرسمية.

فبدلاً من معالجة أسباب الأزمة، تلجأ الحكومة إلى معالجة مظاهرها بالقوة، ما يدفع السوق السوداء إلى مزيد من التمترس والتعقيد، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وتوسيع فجوة الثقة بين المواطن والدولة.

من الضحية؟

اللافت في هذه الحملات أن من يُتهم بـ”الاتجار في العملة” هم في الغالب مواطنون عاديون، أو صغار تجار، أو حتى مغتربون عادوا من الخارج ويحملون مدخراتهم.

في حين تُغضّ الدولة الطرف عن شبكات كبرى معروفة لدى الجميع تستفيد من الأزمة وتحتكر السوق، دون أن تطالها يد العدالة.

حملة دعائية أم سياسة اقتصادية؟

قد تكون هذه الحملات، كما يرى البعض، جزءًا من حملة دعائية تهدف إلى إظهار الدولة في موقف “الحامي للاقتصاد الوطني”، بينما في الحقيقة تُخفي إفلاس السياسات الحكومية، وتُحمّل المواطن البسيط فاتورة العجز والفشل.

كلمة أخيرة:

العملة الأجنبية ليست العدو، والمواطن الذي يبحث عن وسيلة لحماية ما تبقى من قدرته الشرائية ليس مجرمًا. المجرم الحقيقي هو من سمح بانهيار الاقتصاد، واستنزف الموارد، وراكم الديون، ثم راح يفتش في جيوب الناس عما تبقى لهم من فتات.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى