
في حضرةِ الدم، حين يسيلُ على ترابٍ مقدّسٍ كفلسطين… لا يُغفرُ لأحدٍ أن يلتزم الصمت!
حين تُسلَبُ الطفولة من مهودها، وتُغتالُ الأحلام في مآذن المساجد، وتُدكُّ البيوت على رؤوس أهلها في الليل الحالك، فلا حديث يُقال إلا عن غزّة!
غزّة التي لم تعد مجرد مدينةٍ على خارطة، بل أصبحت صرخةً في وجه النفاق، وحقيقةً تفضحُ الجميع، وتشعل لهيب الحياء في قلوبٍ تجمدت!
هذا المقال ليس تكملةً عاديةً لمقالٍ سابق، بل هو صوتُ استغاثةٍ في زمنٍ تخدّرت فيه الضمائر، هو الجزء الثاني من المقال الصارخ:
“أضحيتنا دمٌ… وفلسطين تنزف!… وذئابُ صهيون تنحرُ أطفال غزة، والعرب يذبحون صمتَهم!”
لكن الآن، لم يَعُد الصمتُ مجردَ ذَبحٍ… بل جريمةٌ مُعلنة تُرتكب على أعيننا، باسم الأعذار، وباسم العجز، وباسم الموائد العامرة بلحوم الأضاحي ودماء الأبرياء!
اليوم، غزة لا تطلب شفقة، ولا تسأل خبزًا، بل تنادي:
“أما من قلبٍ ينبض؟!”
أما من نخوةٍ لم تمت بعد؟
أما من عروبةٍ لم تتحلل في أزقة التطبيع؟
غزة اليوم، تكتب التاريخ بدماء أطفالها،
وكل من لا يكتب معها، يكتب على نفسه وصمةَ الخيانة!
وهذا المقال، ليس إلا مقبرةً لضميرٍ غائب، ومرآةً لموتٍ أخلاقيٍّ مدوٍّ في زمنٍ بلا عيون، بلا قلوب، بلا غضب!
❖ غزة تُصلب… والعرب يشاهدون من مقاعد الـ VIP!:
غزة ليست فيلمًا من إنتاج نتفليكس…
غزة ليست نشراتٍ مسائية تنتهي بعد إعلان كريم تفتيح للبشرة…
غزة كربلاء هذا العصر… وأبطالها رضّعٌ لا يملكون سيوفًا… بل فقط حليبًا لم يكتمل في أفواههم!
وفي المشهد المروّع، لا شيء يتحرك إلا الدموع!
لا جيوش، لا قرارات، لا صوتٌ يُسمع إلا من أفواه الثكالى والمفجوعين!
أين النخوة؟ أين الرجولة؟ أين العروبة؟
أم أن كل هذا قد نُحرَ هو الآخر مع أول طلقةٍ صهيونيةٍ في قلب الشيخ الجريح؟!
❖ عيد الأضحى… والرمزية المذبوحة:
عيدُ الأضحى ليس مجرد لحظةٍ للفرح المؤقت، بل رمزية لفداءٍ عظيم، ومبدأٍ أعظم…
فأين الفداء حين يُترك الفلسطيني وحيدًا في الميدان؟!
وأين الرمزية حين يصبح الدمُ العربيُّ رخيصًا؟!
نذبح خرافنا… ولا نذبح خنوعنا!
نفرش موائدنا… ولا نفرش أرواحنا لأجل الحق!
نُضحّي من جيوبنا… ولا نُضحّي بقراراتٍ سياسيةٍ تقلب الموازين!
أيّ عيدٍ هذا الذي نحتفل به وجثامين إخواننا لم تُدفن بعد؟!
❖ دمٌ على دمٍ… وسيفٌ على صمت!:
إننا، في هذا العيد، لا نحتاج إلى خُطبة العيد…
بل نحتاج إلى خُطبة الغضب!
لا نحتاج إلى موائد لحمٍ وفتة… بل نحتاج إلى موائد كرامة!
لا نريد تكبيرًا يُتلى شفاهًا… بل نريده أن يُترجم سلاحًا وكلمة وموقفًا ومقاومة!
وإننا، إذ نكتم غيظنا، ونتحسر على فلسطين،
فليعلم العالم أن صوت الأقصى لن يخفت، وأن دم الشهداء سيكتب تاريخ الأمة من جديد،
وأن العيد الحقيقي لن يأتِ، حتى يُكسر القيد، وتُكسر البوابة الحديدية في وجه الاحتلال!
❖ الضعف الإعلامي والدبلوماسي… غطاء الجريمة المستمر:
إلى جانب الصراعات السياسية، تأتي أزمة الإعلام والدبلوماسية العربية والعالمية التي لا تحرك ساكنًا سوى بيانات الاستنكار الضعيفة، والخطابات الرمزية التي لا تتجاوز حيز الكلمات.
القضية الفلسطينية باتت عرضة لمعادلات معقدة، حيث يُختزل الفلسطينيون في إعلام يبالغ أحيانًا في تهويل الموقف أو يختزل القضية في متاهات سياسية لا تقدم حلًا، ويواجه العالم بأسره ضغوطًا سياسية واقتصادية تحول دون اتخاذ موقف حقيقي وفاعل.
❖ الأضحية الحقيقية: دماء الشهداء تُكتب بماء الحرية:
عيد الأضحى، عيد التضحية والوفاء، لا ينبغي أن يمر بلا معنى في فلسطين.
إن دماء الشهداء الذين يسقطون تحت رصاص الاحتلال هي أضحية حقيقية، أكبر من كل الخراف التي تُذبح على مذابح البيوت.
فكل شهيد هو رسالة حبٍ وأمل، وكل دم مسفوك هو وقود ثورة الحرية والكرامة.
وهذه الأضحية الحقيقية هي التي تبني أمة لا تنحني للظلم، أمة تحمل في قلبها روح التضحية والفداء، وتواصل الكفاح حتى استرداد الحقوق.
❖ دعوة للصحوة: من رماد الدماء يولد الفجر:
لن يولد الفجر من دون ثورة في الضمائر، ثورة في العقول، ثورة في السلوك.
على كل إنسان يحمل في قلبه حب العدالة، أن يتحرك، أن يرفع صوته، أن ينضم إلى كل جبهة تدافع عن الحق.
إن العيد الذي لا يشمل فلسطين في فرحته، هو عيد ناقص، وذاك اليوم الذي لا يصحو فيه العرب على صوت الصراخ الفلسطيني، هو يوم خسران حقيقي.
❖ نحو الوحدة الحقيقية: بناء الجسور لا الأسوار:
إنَّ وحدة الأمة هي الحل الأوحد الذي يمكنه إنقاذ القضية من نيران الاحتلال والتفرقة.
الوحدة لا تعني فقط اجتماعات وقمم، بل تعني بناء جسور من الثقة والمحبة، تزيل الأحقاد، وتضع مصلحة الشعب الفلسطيني في القلب.
❖ مقتطفات من تاريخ الأعياد المظلمة: تكرار المأساة مع اختلاف التفاصيل:
عيد بعد عيد، تتكرر المأساة، ولكن الفرق اليوم أن دموعنا باتت تنساب على وقع فصول تراجيدية لم تنتهِ.
الدم الذي يُسفك هو تكرار لمأساة تاريخية مستمرة، ولكنه أيضًا توثيق حي لإصرار الشعب الفلسطيني على الصمود رغم كل المحن.
❖ عيدٌ بأي حالٍ عدت يا عيد؟
أيها العيد… أجبنا!
هل جئت لتشمت؟ لتراقب موائدنا العامرة بصمتٍ كافر؟ لتعاين خرافنا وهي تُساق إلى الذبح ونحن نضحك؟!
أم جئت لتشهق مع نساء القدس، وترتجف كقلوب الرضع في جنين؟
أم أتيت لتذكّرنا أن “إبراهيم عليه السلام” ذبح حلمًا بأمر الله… ونحن نذبح شعوبًا بأمر الجُبن؟!
يا عيد، لقد تغيّرت الأرض، وتكسّرت القيم، وتحوّلت الأضاحي إلى رموز خرافية في واقعٍ بلا مروءة.
صرنا نقدّم الأضحية لله، ونقدّم فلسطين على مذبح التطبيع.
نذبح خروفًا ونأكل لحمًا، ونترك “غزة” تُسلخ حيّة وتُشوَى على جمر الحصار.
أي قُربى هذه؟!
وأي شعيرة نقيمها بينما الصلاة في الأقصى تُعتقل، والركوع في الحرم يُدنس، والسجود يُقمع، والذكر يُمنع، والمصلّي
❖ “أين هي الجيوش؟ أين هي الأمة؟ أين هو الغضب؟”
أسئلة تنمو في صدورنا كشوكٍ لا يُقطف.
أين جيوش العرب؟ أين هي مدرعاتهم؟ طائراتهم؟ جيوشهم الجرّارة؟
أين أصحاب الملايين والمليارات؟
أين الدعاة الذين يملؤون الفضائيات في مواسم الطاعة؟
أين الأصوات التي كانت تهدر في قضايا تافهة؟
أين الأحرار الذين اختفوا في زحمة التصفيق للجلادين؟
إنّ دماء الفلسطينيين باتت عملة رخيصة، لا تُزعج إلا من بقيت لديه ذرة ضمير أو شظية من كرامة إنسان.
في كل قصف، هناك طفل يدفن أمه.
وفي كل اجتياح، هناك شاب يدفن عمره.
وفي كل عيد، هناك “عيد” يُدفن في التراب.
❖ صمت العالم: تواطؤ في الجريمة أم تجاهل مؤلم؟
أصوات المنظمات الحقوقية تردد كلمات الإدانة، لكنهم عاجزون عن تغيير الواقع.
الصمت الدولي ليس مجرد غياب للكلام، بل هو جزء من منظومة القمع التي تسمح لهذا الاحتلال بالتمادي في جرائمه.
أما العرب، فمأساة الصمت تتجسد في تبريرات مريضة، وفي صراعات داخلية لا تنتهي.
والأدهى من ذلك، أن هناك من يرى في هذه المأساة فرصة لتعزيز مصالح شخصية أو إقليمية.
وهكذا، يتكرر المشهد، دماء الأطفال والشيوخ تسيل على أرض فلسطين، والضمير العربي يغفو تحت أعباء الخلافات السياسية.
❖ أمل المقاتل في الزقاق: ثورة الروح التي لا تموت
رغم الألم والمآسي، هناك نسمات من الأمل لا تزال تهب في أزقة المدن والقرى الفلسطينية.
كل دمعة تسقط، وكل شهيد يُدفن، هو حكاية نضال لا تنتهي، وكل حجر يُلقى، وكل صرخة تُطلق، هي صوت ثورة لا تعرف الانكسار.
إنها ثورة الروح التي تجوب القلوب العربية، تنادي بالوحدة، بالتحرير، بالكرامة التي لا تباع ولا تُشترى.
وهذا هو العيد الحقيقي، عيد الحرية، عيد النصر الذي لا يعرف التأجيل.
❖ أمل المقاتل في الزقاق: ثورة الروح التي لا تموت
رغم الألم والمآسي، هناك نسمات من الأمل لا تزال تهب في أزقة المدن والقرى الفلسطينية.
كل دمعة تسقط، وكل شهيد يُدفن، هو حكاية نضال لا تنتهي، وكل حجر يُلقى، وكل صرخة تُطلق، هي صوت ثورة لا تعرف الانكسار.
إنها ثورة الروح التي تجوب القلوب العربية، تنادي بالوحدة، بالتحرير، بالكرامة التي لا تباع ولا تُشترى.
وهذا هو العيد الحقيقي، عيد الحرية، عيد النصر الذي لا يعرف التأجيل.
❖ الأضحية الكبرى: النضال المستمر والكرامة المنتصرة:
في وجه آلة القتل، يبقى الفلسطيني صامدًا، لا يبيع أرضه ولا يساوم على حريته.
إن الأضحية الكبرى التي يقدمها الفلسطينيون ليست مجرد دماء، بل هي نضال مستمر من أجل الإنسان، من أجل الحق في الحياة بكرامة، في ظل أمة عربية حقيقية.
وإن عيد الأضحى، الذي يُحيي ذكرى التضحية، هو منبثق من نفس الروح التي تسري في عروق هؤلاء الأبطال الذين لا يعرفون الاستسلام.
❖ هل يُمكن للعيد أن يُعيد الأمل؟
قد يُسأل: هل يمكن أن يتحول عيد الأضحى إلى يوم نصر، يوم تحرير، يوم انعتاق؟
بلا شك، يجب أن يكون كذلك.
العيد الحقيقي هو ذاك الذي يُعيد للأرض حقوقها، ويحرر الأسير، ويوقظ الضمير العربي، ويعيد الوحدة الحقيقية التي لا تهتز أمام القتل والتدمير.
فالعيد الحقيقي هو أن لا نذبح فقط خرافنا، بل نذبح الظلم، والاحتلال، والجبن، والخيانة.
هو أن نرفع الأكف بالدعاء والفداء، أن نعيد بناء الأمل، أن نصنع التاريخ بحناجرنا لا بخرافنا.
❖ واجبنا… مقاومة الصمت والنسيان:
على كل عربي ومسلم أن يتحمل مسؤولية التغيير، لا أن يكون متفرجًا سلبيًا على نكبات وأحزان تُكتب دمًا على وجه الزمن.
يجب أن نُعيد النظر في أولوياتنا، وأن نُعيد الاعتبار لقضيتنا المركزية، وأن نُعيد بناء حضارتنا على أسس الحق والعدل.
نحن في أمس الحاجة إلى صحوة حقيقية، تزلزل عروش الظلم، وتوقف آلة القتل، وتعيد للعرب عزتهم ومجدهم.
وفي نهاية هذا المقال… لا نطوي صفحة، بل نفتح جرحًا!
لا نغلق الكلام، بل نزرع سؤالًا في قلب كل من يقرأ،
“هل بقي من إنسانيتنا ما يكفي لنقول: كفى؟!”
غزة ليست ضحيةً نرثيها في موسم الأعياد، بل بطلةُ هذا الزمان المصلوب، وشهيدةُ الصمت العربي المخزي، وناجيةٌ من جريمة قتل متكررة تُنفَّذ على الهواء مباشرةً، بتوقيعٍ صهيونيٍّ وبمباركةٍ دوليةٍ وصمتٍ عربيٍّ مهين!
فيا أيها العيد…
عُد كما تشاء، بزينتك، بثيابك البيضاء، لكنك لن تكون عيدًا حقيقيًا حتى تعود البسمة إلى وجه طفلٍ في غزة!
ولن تكون شعيرةً خالصةً حتى تنحر الجبن، وتُذبح الخيانة، وتُغسل الأيادي من دم الأبرياء!
والكلام لم ينتهِ…
بل ما زال في القلبِ رعدٌ لم يبرق بعد، وصوتٌ لم يُصرخ به، ودمعةٌ لم تُسفك، وقصةٌ لم تُكتب، وسيفٌ لم يُشهر!
وإلى لقاءٍ ناريٍّ عاصفيٍّ آخر، في الجزء الثالث المرتقب من هذه السلسلة،
سنتابع فيه كشف المستور، وفضح المسكوت عنه، وسنكتب بالدم… ما عجزت الكلمات عن وصفه!
فانتظرونا… فالحق لا يموت… لكنه أحيانًا يتأخر في الوصول!