مقالات وآراء

د. محمد عماد صابر يكتب: قوافل الحياة أم قنابل الفتنة؟

اجابة هذا السؤال هى رد على أباطيل التخويف من قافلة الصمود إلى غزة.
من المؤسف أن نقرأ – في زمن تُباد فيه غزة على مرأى ومسمع من العالم – خطابًا يُشيطن المبادرات الشعبية والإنسانية، ويُصوّر قوافل الدعم لفلسطين وكأنها “كمين” لمصر، ويصم نشطاء العالم الداعمين لغزة بأنهم أدوات لـ”إحراج الدولة”، بدلًا من الاعتراف بفضلهم ودورهم في فضح الاحتلال وجرائمه.

إن قافلة “الصمود” التي تضم نشطاء من أكثر من 30 جنسية ليست تهديدًا لمصر، بل شرف لمصر أن تمر من أرضها. هؤلاء لا يحملون سلاحًا، ولا يسعون إلى فتح جبهة، بل يحملون الدواء والغذاء والدعاء لغزة المُحاصَرة منذ 18 عامًا، والتي تحولت مؤخرًا إلى أرض مستباحة يرتكب فيها الاحتلال جرائم إبادة موثقة.

للتوضيح والتبيان:

أولًا: من يهدد الأمن القومي المصري؟
هل تهديد الأمن القومي المصري يأتي من نشطاء سلميين يأتون محمّلين بالمساعدات؟ أم من صمتٍ يُفسَّر دوليًا كنوع من التواطؤ مع سياسة التهجير التي تستهدف ترحيل فلسطينيي غزة إلى سيناء؟.
إن الأمن القومي الحقيقي يبدأ من الأمن القومي العربي، وفلسطين في القلب منه، وغزة خط الدفاع الأول عن سيناء ومصر.

ثانيًا: لماذا كل هذا الذعر من قافلة إنسانية؟
إذا كان لدى الدولة المصرية موقف صلب – كما يُقال – في منع التهجير ودعم القضية، فلماذا تُرعبها قافلة. هل تمرير القافلة إلى معبر رفح سيُجبر الدولة على اتخاذ قرارات غير سيادية؟، أم أن المشكلة في الصورة العالمية التي قد تُحرج النظام لأنه لم يُبادر بما قام به هؤلاء؟.
بل على العكس، دعم القافلة ومرافقتها وتأمين مرورها يمكن أن يُظهر مصر في صورة الدولة الحاضنة للقضية لا العائق أمامها.

ثالثًا: ألا تخجلون من مقارنة نشطاء العالم بعملاء إسرائيل؟.
التلميح بأن هذه القافلة “مشبوهة” وتهدف لإحراج مصر وليس لإغاثة غزة، هو إهانة لضمائر آلاف الأحرار الذين تحركوا لأنهم رأوا مجازر تُبَث على الهواء مباشرة، وعجزًا رسميًا وعربيًا مخزيًا.
الغريب أن من يكتب هذه المقالات لا يوجّه كلمة لوم واحدة للاحتلال الذي يُجَوّع الأطفال، ويقصف الخيام، ويمارس الإبادة، لكنه يجد الوقت لمهاجمة من يساند الضحايا!

رابعًا: إن لم تفتحوا لهم الباب، افتحوا لأنفسكم نافذة نجاة من التاريخ.
لن يقف التاريخ على صفّ من أغلقوا الأبواب في وجه قوافل الكرامة، بل سيتذكر من شارك أو صمت عن مجازر غزة على أنها جريمة لا تسقط بالتقادم.
إن رفض السماح بمرور قوافل الدعم – تحت ذرائع أمنية أو سياسية – لن يُخفي الحقيقة، بل سيفضحها أكثر: من يعرقل المساعدات، يشارك في الحصار. ومن يمنع المتضامنين، يتماهى مع سياسة الاحتلال.

خامسًا: قوافل الحياة ستستمر.. حتى يُكسر الحصار.
لتعلموا جميعًا: قافلة الصمود ستشق طريقها، وإن منعتموها اليوم فستأتي غيرها غدًا. وإن سُدّت الطرق البرية، فستسير بحراً. ومن يمنع التضامن الشعبي لن ينجو من لعنة الدم الفلسطيني.
إن الواجب الشرعي والإنساني والأخلاقي يُلزمنا بدعم كل مبادرة لكسر الحصار. ومن يُثني الناس عن ذلك، هو الذي يبرّر حصار غزة ويفتح الباب للتهجير والتطبيع والانهيار العربي الكامل.

“خلاصة الامر”

  • لا خطر من القافلة، بل الخطر من الصمت والتواطؤ.
  • قوافل التضامن فرصة لمصر لتأكيد ريادتها لا اختبارًا لمواقفها.
  • من يرفض مرور القافلة يُساعد الاحتلال عمليًا.
  • الاحتجاج على إحراج الدولة يكشف ضعف الحجة لا قوتها.
  • الدعم الشعبي لغزة سيستمر ولن توقفه مخاوف وهمية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى