مصرملفات وتقارير

كارثة سحرية تضرب مصر: عظمة اللوح بـ٧ آلاف جنيه… «سلاح الشيطان» ينخر في مجتمعاتنا

بينما تتطاير روائح الأضاحي في شوارع مصر احتفالاً بعيدٍ ديني عظيم، يتسلّل بين الأزقة ظلّ شيطاني يحمل في يده قطعة عظمية تُعدّ، في عرف السحرة والدجّالين، أقوى من أي سلاح.

ليست قطعة لحم تُطهى، ولا عظم يُرمى .. إنها “عظمة اللوح”، قطعة من جسد الأضحية تحوّلت إلى أداة شر تُباع بمبالغ خيالية تصل إلى 7 آلاف جنيه، لا لشيء سوى أن تُستخدم في طقوس السحر الأسود والتعاويذ الشيطانية.

في الخفاء، يتربّص بها طلاب الخراب، يُقدّمون لها القرابين المالية، ويُلبسونها الحبر والدم والطلاسم، لتُصبح وسيلة انتقام، ووسيط تفريق، ومفتاح أبواب الجنّ.

من بين أيدي الجزارين تخرج، لتقع في براثن المهووسين بالسيطرة والخراب، بينما المواطن البسيط لا يدري أنه قد يكون الضحية القادمة.

موقع “أخبار الغد“، نغوص في عالم غامض، موثق بالآراء، مثبّت بالوقائع، حيث تتحول أضاحي العيد من قربانٍ لله إلى ذخيرة للشيطان .. والفاعل مجهول، لكن الضحية معروفة: المجتمع كله.

من الضحية إلى الحافز: جزار يكشف تجارة الموت

أكّد عمرو أحمد، صاحب جزارة شهيرة بحي الوراق، أن الطلب على «عظمة اللوح» قفز بشكل غير طبيعي خلال أيام عيد الأضحى الأخيرة، مشيراً إلى أن بعض الدجّالين يعرضون ٧ آلاف جنيه للحصول على قطعة واحدة.

ولفت عمرو إلى أنه رغم هذه الشراهة الشريرة، يرفض بيعها تماماً، خشية أن تُستخدم في تعاويذ مضرة بحق الناس. وأضاف أن زملاءه كثيرون لا يفقهون مدى أبعاد هذه العظام، ما يجعلهم عرضة لتجارة الموت بأموال طائلة وضحايا غير مرئيين.

دجالون البلاط السحري: الدافع للشراء

أوضح معالج روحاني معروف في القاهرة، الدكتور ياسر مصطفى، أن الدجّالين يفضلون عظمة الكتف لسطحها المستوي والملائم للكتابة من الجهتين، وهي مقصودة غالباً لتنفيذ تعاويذ على أعداء أو محارم، مستعينين بمواد غامضة كالحبر والماء.

وقال إن هذه القطعة تصبح فعالة بسحر سطحي قوى يُطلق عليه «السحر السفلي»، إذ يُدفن في المقابر أو الرمال، ويطلق طاقاته الشريرة ضد الإنسان المستهدف، موصياً بتكسيرها فور الذبح.

مخاطره الشرعية: موقف دار الإفتاء

أشارت الدكتورة منى الزّرعوني، الباحثة الشرعية، إلى أن الإسلام حذّر من الشرك بأي صورة، بما في ذلك السحر، وأنه إذا ثبت تأثر شخص فعلياً بسحر عبر هذه العظام، فهذا شرك أكيد يُعدّ بإثم، ومتى وقع على قلب المؤمن فقد يخرج عن طاعة الحق.

ودعت المواطنين إلى التحصّن بالأذكار والأوراد الشرعية، وتذكُّر أن النصرة والحماية بيد الله وحده، لا بقطع عظمية مختلطة بالأذى.

الجزارون يتحسسون خطوات الوقاية

أشار محمد سعيد، أحد الجزارين بحي إمبابة، إلى أنه وزملاءه بدأوا حملة توعية داخل المذابح منذ نحو شهر، تعرّض فيها لطفرة خطيرة في الطلب.

وشرح أنهم يطالبون كسر عظمة الكتف مباشرة بعد الذبح، وإنقاذ المجتمع من احتمال تحويلها لأداة شر. وأضاف أن هذه الخطوة البسيطة من الجزار قد تقضى على سوق سوداء تنخر تجمعاتنا، وأن العملاء “عندهم رغبة في العظمة، لكن علينا الضمير”.

طلاسم على الورق .. وطول أثرها

أكد الشيخ إبراهيم صادق، المعالج بالقرآن، أن السحر المُكتوب على تلك العظام يمتد أثره أحياناً لعقود، خصوصاً إذا كُتب عليها لجلب تأخير زواج أو مرض.

وأضاف أن استخراج السحر من الأماكن الرملية ألطف من تلك المدفونة في مصاحف الموتى، أو المقابر، حيث إن هذه الأخيرة تكون أكثر ثباتاً وأشد تأثيراً، ما يستدعى رقياً فردية مكثفة طويلة لاستعاد السلامة.

الضحية العشوائية: نساء يطلبن الأذى

أوضح أحمد نشأت، مراقب أضاحي بمغاغة، أن الفئة التي تطلب العظمة غالباً ما تكون نساء، لكن لأهداف متعددة: «الانتقام العاطفي، أو تثبيت الزوج، أو إلحاق الخراب برجل مّا»، مشيراً إلى أن أصواتهن تتردد داخل الأسطح والبيوت، ودفعن أثماناً طائلة لقطع «سحر أسود». وشدد أنّه حين جفّ العظم يزداد تأثيره، ويحلّ الرعب والخسارة والقهر.

وصفة الموت البطيء: تحذير من أطباء نفسيين

أكدت الدكتورة نجلاء إبراهيم، طبيبة نفسية، أن الحالات التي تراجعها بسبب اعتقاد أنها “مسلورة” تمتزج بها أعراض نفسية مثل القلق المزمن والاكتئاب، وربما أعراض بدنية كألم في الصدر أو نزيف داخلي، رغم عدم وجود مبرر طبّي واضح.

وأضافت: «يعيش البعض في رعب زائف من سحر غير ماثل، وهو يؤثر على حياته ويُقنعه بأنه مضرور، رغم أن الأذى قد يكون نتيجة قلق مرضي مركّب».

المجتمع في حيرة .. والخرافة تزداد

أشار الباحث الاجتماعي سامح علي إلى أن انتشار هذه الظاهرة يدل على حالة من الجهل والخوف الجماعي. ورأى أن هناك فرقاً بين الإيمان بالقدر والسعي للطاعة من جهة، وبين الوقوع في فخ الطلاسم والخرافات المضادة من جهة أخرى.

وقال إن تكرار هذه السلطة السحرية في كل عيد يعكس هشاشة ثقافية اجتماعية، وسوق سوداء تنمو على ضعف المعرفة الدينية والعلمية.

الإفتاء والأزهر: حِصن ديني متين

أكّدت الدكتورة حنان محمود، خريجة الأزهر الشريف، أن التصدي لهذه الظاهرة الدخيلة يجب أن يكون من داخل المجتمع، وليس فقط بتوجيهات مؤسسية.

فتوعية الجزارين والمواطنين، وترسيخ التعليم الديني المنهجي للأطفال، يحول دون انخداعهم بالخرافات، ويعينهم على التمييز بين الطاهر والباطل، والوسائل المشروعة والبدع الضارة.

عباد الله .. ثمن قليل ولكن الانزلاق كبير!

أشار الشيخ محمود الشربيني، إمام وخطيب، إلى أن مثل هذه الطقوس تدخل ضمن أكبر الذنوب، فهي تحرض على السحر والشرك.

وأضاف بصوت جاد: «ما دُسّت في تلك العظمة من كتابات ما هو إلا جهد في إبعاد الناس عن الله، ومادة تغذي الدجالين». ودعا المجتمع إلى توحيد الجهود وتكسير هذه العظام فور الذبح، وعدم بيعها لمن لا يعرف بهذا الوعظ.

دور الإعلام: كشف الغش وتوجيه الضمير

أكد الناشط الحقوقي عمرو الشربينى، أن الصحافة والإعلام الجديد عليهما مسئولية كبيرة في كشف مثل هذه الظواهر العميقة داخل أحيائنا.

وأضاف أن الفديوهات التي تظهر تسجيلات لطلب العملاء لهذه العظمة وكسرها تغلّب على السرد التقليدي، وتعطي دفعة لإنقاذ الناس من الانزلاق. ودعا إلى استمرار الحملة الإعلامية وتنوير الأفكار.

المجتمع المدني يفرض رقيباً

أوضح الناشط الحقوقي عبد الرحمن البدري أن بعض الجمعيات بدأت زيارات لمنشآت الذبح، وتقديم ورش توعية مبسطة للجزارين.

وقال إن هذه الخطوة تشكل رؤية بديلة في التصدي للفكر المنتشر بطريقة استجابة لقضية دون انتظار قانون أو قرار. وهي محاولة للحفاظ على أمن المواطنين الديني والنفسي.

الأطباء البيطريون: تركيز على السلامة الصحية

أكد الدكتور حسام فتحي، طبيب بيطري، أن حتى من زاوية صحية، فإن احتفاظ الجزار بهذه العظمات دون تطهير أو كسر يمثل تهديداً بيولوجياً، لأن بعض العظام قد تصاب بتلوث ميكروبي. وأضاف أن كسرها أو التخلص منها في أماكن صحية يعزز سلامة اللحوم والذابحين.

الشباب بين الشقيقتين: الفضول والخوف

أشار الطالب الجامعي مصطفى السيد إلى أن كثيرًا من زملائه يتصفّحون هذه الموضوعات بدافع الفضول، أو الخوف الباطني من كونهم قد يكونون ضحية سحر.

وأوضح أن بعضهم يلجأ لفيديوهات الرقِي والعِلماء عبر الإنترنت، بينما يظل البعض الآخر خائفاً تحت طائلة «اللعنات الشريرة»، دون أن يعلم أن السكين والتوعية كفيلان بالتخلص من هذه الطلاسم.

لقد رصد موقع “أخبار الغد“، مشهداً قاتماً ـ يراوح بين السوداوية والجهل ـ حيث يصل سعر العظمة المسطحة إلى آلاف الجنيهات، بينما تتحوّل إلى «سلاح الشيطان» ضد الإنسان.

لكن الحل تبسيط يفوق توقعاتنا: توعية، تفعيل ضمير الجزار، نافذة شرعية، ووعي صحي. ففي النهاية، كلما تَحرّكت الجرافة الثقافية بكسر قطعة عظم صغيرة، أنقذت من خطر أكبر ينهش في القلوب والمجتمعات.

من بين الدماء الطاهرة التي تسيل على الأرض في موسم الطاعة، يخرج بعضهم ليُلطّخوا تلك القداسة بطقوس الظلام، مستخدمين «عظمة اللوح» كسلاح خفي في حرب قذرة تُشنّ على البراءة والنوايا الطيبة.

في زمن العلم والعقل، تُباع قطعة من جسد الأضحية بأضعاف ثمنها، لا لندرتها، بل لقدرتها المزعومة على تدمير حياة، أو إشعال فتنة، أو عقد لسان، أو تخريب زواج.

ما يحدث ليس مجرد جهل .. بل جريمة مغلّفة بالخرافة، تنخر في جسد الوطن، وتتغذّى على ضعف الوعي الديني، وغفلة القانون، وصمت المجتمع.

والكارثة الأكبر أن «السحر» لم يعُد حكراً على الأزقة المعتمة، بل صار تجارة شبه علنية، تطلّ برأسها من أبواب الجزارين، وتُباع بصيغ مقنّعة في منصات التواصل، وتُمارس في بيوت تبدو طبيعية.

إن المعركة اليوم ليست ضد دجّال أو مشترٍ مهووس فقط، بل ضد منظومة صمت مريبة، تشجّع على بقاء “سلاح الشيطان” في قبضة من لا يرحم. ولن تُكسر هذه العظمة اللعينة إلا بكلمة وعي، وضربات قانون، وإصرار مجتمع قرر أن يُطهّر نفسه .. من جديد.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى