غارة إسرائيلية جنوب لبنان تقتل مدنياً وتفجر موجة نزوح من الضاحية

أكدت مصادر طبية في جنوب لبنان مقتل شخص نتيجة غارة جوية إسرائيلية استهدفت بلدة بيت ليف التابعة لقضاء بنت جبيل وذلك في أحدث تصعيد ميداني رغم اتفاق وقف إطلاق النار المعلن منذ فترة قصيرة
أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ الغارة بزعم القضاء على عنصر يتبع لحزب الله مشيراً إلى أن العملية تأتي ضمن ما وصفه بـ”الإجراءات الوقائية” ضد تهديدات محتملة تنطلق من الأراضي اللبنانية باتجاه الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة
أوضح سكان من ضاحية بيروت الجنوبية أن الخوف يتضاعف يوماً بعد آخر في ظل استمرار الطائرات المعادية بالتحليق المكثف والضربات المباغتة التي تزرع الرعب حتى في الليالي المفترض أن تكون مخصصة للطمأنينة كما حدث عشية عيد الأضحى حين تحولت سماء الضاحية إلى ساحة انفجارات تسببت بموجة ذعر واسعة بين العائلات
أشار الأهالي إلى أن ضجيج القصف أجبر الكثيرين على اتخاذ قرارات سريعة بالنزوح حيث أغلقت بعض الأسر منازلها دون أن تحمل سوى أطفالها وتركت خلفها أغراضها كما فعل سمير رزق الذي خرج مع طفليه تاركاً وراءه كتبه ومقتنياته المنزلية بينما كانت زوجته ميساء تبكي بصمت قبل مغادرة شقتها في منطقة الحدث
أضافت ميساء من منزل أقاربها في مدينة صيدا أنها غير واثقة من موعد العودة أو ما إذا كانت ستعود إلى منزلها أصلاً فيما حاولت إقناع ابنها الأكبر بمواصلة التحضير للامتحانات رغم الصدمة النفسية التي تركتها الحادثة في نفوسهم
لفتت اختصاصية علم النفس ريم فاخوري إلى أن هذا القلق الجماعي يمثل إعادة إنتاج لجراح لم تندمل بعد من الحروب السابقة معتبرة أن ردات الفعل الحالية تتراوح بين الانسحاب المفاجئ أو التمسك الشديد بالمكان كوسيلة تحدٍ
صرحت مديرة مدرسة رسمية في منطقة بئر حسن أن العديد من الطلاب خاصة القادمين من صور أصبحوا يتغيبون عن الصفوف بسبب تزايد المخاوف الأمنية وأن هناك من يسأل يومياً عن احتمالية تعليق الامتحانات بسبب التوترات
نوهت رلى البالغة من العمر خمسين عاماً إلى أنها تركت منزلها في الضاحية وتوجهت إلى النبطية حيث لا يزال منزل والديها المهجور واقفاً مؤكدة أنها عاشت سنوات طويلة وسط الحروب لكنها تشعر بأن المرحلة الحالية أكثر غموضاً وأقل أمناً
زعم الجيش الإسرائيلي أن عملياته الأخيرة تهدف إلى حماية أمنه القومي غير أن نتائجها على الأرض تعكس مزيداً من التصعيد وتهديد الاستقرار الداخلي في لبنان وخصوصاً في الضاحية الجنوبية التي شهدت هدوءاً نسبياً خلال الأسابيع الماضية قبل أن تعود فجأة إلى واجهة الأحداث
استدرك أبو نبيل البالغ من العمر سبعين عاماً أن خيار البقاء رغم الخطر هو قراره الشخصي قائلاً إنه لا يمكنه مغادرة منزله في حي الغبيري حتى لو اضطر لدفع ثمن ذلك حياته مؤكداً أن الموت مرة واحدة لكن التهجير آلاف المرات
أكدت تقارير ميدانية أن حركة نزوح فردية وغير منظمة بدأت بالتصاعد في مناطق متعددة من بيروت وضاحيتها الجنوبية حيث فضلت بعض العائلات اللجوء إلى أماكن تعتبرها أقل تهديداً مثل النبطية وصيدا والمناطق الداخلية من العاصمة
أجابت فاخوري على سؤال حول الفروقات النفسية بين النزوح الحالي والسابق بأن الأزمة الراهنة تشهد نوعاً من الانقسام داخل العائلة الواحدة بين من يريد البقاء ومن يرى أن النجاة تقتضي الابتعاد بأي ثمن عن دوامة الحرب غير المعلنة
أعلنت جهات تربوية أن المؤسسات التعليمية تشهد تراجعاً في الحضور خاصة بين صفوف الشهادات الرسمية نتيجة القلق المتزايد من استهداف المدارس أو قطع الطرق المؤدية إليها في أي لحظة نتيجة تصعيد عسكري محتمل
تتأرجح الضاحية الجنوبية بين شبح الخوف والقلق وبين إصرار بعض سكانها على البقاء رغم كل التهديدات بينما يواصل البعض الآخر رحلة النزوح بصمت وبدون خطط واضحة للمستقبل