مقالات وآراء

د.محمد عماد صابر يكتب: الكل في مرمي نيران الصهيوني.. اليوم إيران وغدا مَن يكون؟

في الساعات الأولى من فجر الجمعة، اهتزت إيران على وقع ضربة نوعية استهدفت قلب بنيتها العسكرية والأمنية في أصفهان، وأسفرت عن مقتل قيادات بارزة في الحرس الثوري، على رأسهم الجنرال حسين سلامي، رئيس الأركان محمد باقري، وعدد من العلماء النوويين. لم تكن الضربة مجرد قصف عابر، بل كانت ثمرة عملية استخباراتية معقدة ودقيقة، أعادت إلى الواجهة حجم الاختراق الصهيوني العميق للأجهزة الإيرانية.

“الضربة دليل على عمق الاختراق”

ما يلفت الانتباه في عملية أصفهان ليس فقط حجم الخسائر، بل النوعية الفائقة للمعلومة التي بُنيت عليها الضربة، حيث تم استهداف اجتماع مغلق لقادة عسكريين وأمنيين رفيعي المستوى. الضربة جاءت بعد تحديد دقيق للزمان والمكان والأشخاص. وجرى التنفيذ بأقل خسائر للطرف المهاجم، مع اختفاء الطائرات أو الطائرات المسيّرة دون أثر.
وهذا يُشير إلى وجود مصادر داخلية تنقل المعلومات مباشرة إلى الاستخبارات الإسرائيلية، أو إلى وجود أجهزة تنصت إلكتروني عميقة في بنية الاتصالات الإيرانية.

وهذا يذكرنا بسجل حافل باختراقات الاستخبارات الإسرائيلية السابقة (الموساد) وبأنها ليست حديثة العهد باختراق إيران، بل نفذت سلسلة عمليات نوعية خلال العقدين الماضيين، منها:

  1. اغتيال العلماء النوويين.. فمن 2010-2020: تم اغتيال أكثر من 7 علماء نوويين إيرانيين، أبرزهم: “مسعود علي محمدي- مجيد شهرياري- مصطفى أحمدي روشن، وأخيرًا محسن فخري زاده في نوفمبر 2020″، الذي اغتيل عبر كمين إلكتروني مدهش يُعتقد أنه تم تنفيذه ببندقية آلية يتم التحكم بها عن بُعد من خارج البلاد.
  2. اقتحام الأرشيف النووي السري.
    فى عام 2018، أعلنت إسرائيل أنها استولت على أرشيف إيران النووي بالكامل من داخل طهران، عبر عملية استخباراتية مذهلة استغرقت ساعات قليلة فقط، وهذه العملية كشفت عن وثائق سرية وخرائط ومنشآت لم تكن معروفة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
  3. تفجيرات نطنز ومنشآت عسكرية.
    فى يوليو 2020: انفجار غامض في منشأة نطنز النووية أدى إلى تدمير أجهزة طرد مركزي متطورة.. وفى 2021: تفجيرات أخرى أصابت منشآت دفاعية في كرمانشاه وإصفهان.
    ويُعتقد أن تلك التفجيرات تمت إما عبر تفخيخ داخلي أو إدخال معدات معطلة تحتوي على عبوات ناسفة، ما يؤكد وجود تواطؤ داخلي أو ضعف في التفتيش الأمني الإيراني.
  4. تجنيد مسؤولين ومهندسين إيرانيين: هناك تقارير تؤكد أن الموساد جنّد مسؤولين أمنيين وعلماء عبر دول وسيطة، مقابل أموال أو تسهيلات للهروب، بل ونجح في تهريب بعضهم إلى الخارج لاحقًا، ما وفر قاعدة بيانات بشرية دقيقة لإسرائيل.

“ما الذي كشفته ضربة الأمس؟”


ضربة أصفهان كشفت الآتي:

  1. الاختراق الصهيوني تجاوز المعلومات، ليصل إلى القدرة على “الاستهداف العملياتي” المباشر.
  2. وجود أجهزة داخل إيران تنقل تحركات القادة العسكريين لحظة بلحظة.
  3. إيران فشلت في إعادة هيكلة جهازها الأمني رغم تكرار الاختراقات.

وبالتالي تأتى التداعيات المحتملة على الداخل الإيراني بمزيد من الارتياب داخل المؤسسة العسكرية.
يُتوقع حملات اعتقال وتطهير داخلية ستطال شخصيات رفيعة، وقد تنفجر صراعات داخل أجنحة النظام (الحرس الثوري vs وزارة الاستخبارات).

ويتبع ذلك تداعيات أخرى على عدة أصعدة:

  • صعيد ايران واذرعها: ستتراجع ثقة المحور الإيراني (حزب الله، الحوثيون، فصائل العراق) في قدرة طهران على حمايتهم.. وهذا الباب سيفتح أمام مزيد من الجرأة الإسرائيلية في توجيه ضربات مباشرة ضد قادة حزب الله أو مخازن سلاحهم.
  • صعيد المفاوضات: هذه الضربة تعني عمليًا إسقاط أي فرص جادة لإحياء الاتفاق النووي، وتحجيم نفوذ التيار الإصلاحي في الداخل.كما أنها تمنح إسرائيل ورقة ضغط على أمريكا للمضي بسياسات أكثر تشددًا تجاه إيران.
  • صعيد المنطقة: الشرق الأوسط برمته أصبح فى مرمى الاختراق والتهديد الصهيونى وهذا هو الخطر الحقيقى،
    ” الكل اصبح فى مرمى نيران الصهيونى”.
    المؤكد أن إسرائيل تبني واقعًا جديدًا، فلم تعد تكتفي بالردع، بل باتت تعتمد على سياسة “التقويض المبكر”: تقتل القادة قبل تحركهم.. تدمر المنظومات قبل تشغيلها.. وتعتمد على عملاء وشبكات إلكترونية وعمليات تجنيد فعّالة داخل إيران.

خاتمة:

  • الاختراق الصهيوني لإيران بات أخطر من مجرد تسريب معلومة، بل أصبح قدرة كاملة على تعطيل، وتدمير، وتصفية داخل العمق الإيراني. وما جرى في أصفهان ليس سوى حلقة في سلسلة متصاعدة من حرب غير تقليدية، يُراد بها تحييد إيران قبل أن تخرج من عزلتها وتتحول إلى لاعب نووي فعلي.
  • المعركة الاستخباراتية هي من سترسم خريطة القوة في المنطقة خلال السنوات القادمة، وليس الدبابات.
  • إيران للأسف وببساطة تحصد
    مازرعته في سوريا والعراق- وماربك بظلام للعبيد- كما تحصد سياسة الخطوة خطوة التى استخدمتها مع الوحش الصهيوني منذ السابع من أكتوبر والتى كلفتها الكثير والكثير ومزقت اذرعها تماما ولم تفهم ان مصاص الدماء الصهيوني قد انطلق من كهفه الأمريكي وازداد سعارا ولن يرجع أبدا ولن ترويه كثرة الدماء، فهل يفهم الجميع ذلك عربا وعجما سنة وشيعة.
  • لا مفر أمام الجميع إلا قتال الوحش وقتله، فلن ينجو أحدا عبر تقديم قرابين الولاء للعم سام، لقد صار الجميع في مرمى النيران وليس غزة ولا إيران ولا سوريا.. وعليه؛ نحن في مواجهة مشروع استيطاني استعمارى يحتل فلسطين منذ أكثر من مائة عام وعلينا أن نتعاون جميعا لإزالته والقضاء عليه برغم خلافاتنا العقدية والقومية والقطرية، فقد أثبتت التجارب أن محاولات التطبيع والسلام مع هذا العدو هي محاولات فاشلة واستهلكت طاقات الأمة فيما لا نفع فيه حتى أصبحت الأمة الآن أمام وحش مصاص للدماء يريد أن يبسط سيطرته علينا وينهب ثرواتنا بحجة الأمن الاسرائيلي والحق التاريخي، فلقد أصبحت إسرائيل الآن هي من تحدد من له حق الوجود وماذا يمتلك من السلاح بل وماذا يأكل وماذا يشرب والمحاصصة والمشاركة في ثروات المنطقة بحجة بسط الحماية، وهو مايمارسه الأمريكي الآن ووكيله الصهيوني.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى