ملفات وتقارير

كيف فضحت قافلة الصمود موقف النظام المصري تجاه الإبادة الجماعية في غزة؟

أثار التعامل الأمني العنيف من قبل النظام المصري مع قافلة الصمود لكسر الحصار عن غزة، ردود فعل واسعة فلم تكن نية المشاركين في القافلة أن يشتبكوا مع الدولة المصرية أو يخرقوا قانونًا، أو يثيروا شغبًا.

كانت القافلة عبارة عن مجموعة من المواطنين العرب الأحرار، اجتمعوا من المغرب وموريتانيا والجزائر وتونس وليبيا، يعبرون برًا نحو بوابة فلسطين، حاملين معهم رسالة تضامن وإنسانية إلى شعب يُذبح يوميًا في غزة تحت مرأى ومسمع من كل العالم.

وكان يكفي أن تعبر القافلة إلى معبر رفح لترسل رسالة أمل، بأن شعوب الأمة لم تمت، وبأن هناك من يرفض التواطؤ مع حصار الجوع والموت.

لكن قافلة الصمود اصطدمت بجدار صدٍّ مصري رسمي، من النوع الذي بات مألوفًا كلما تحركت الشعوب العربية تلقائيًا لدعم القضية الفلسطينية، وبلغ النظام أن استأجر بلطجية لضرب بعض أعضاء القافلة القادمون من عدة دول عربية وأجنبية حتى أن نائبا بالبرلمان التركي أصيب في رأسه.

ظهرت مصر الرسمية في مقدمة من تصدوا لهذه القافلة، واحتشدت بأجهزتها الأمنية والدبلوماسية والإعلامية لإحباطها، ليس فقط بمنعها من الوصول، بل بالتحريض عليها، وترويج الأكاذيب بشأن أهدافها، وملاحقة المشاركين فيها أمنيًا، بل وتشويههم.

قمع أمني وتحريض إعلامي

لم يكن الرد المصري مجرد رفض دبلوماسي أو اعتذار سياسي، بل حملة قمع أمني وتحريض إعلامي، إذ تعاملت السلطات المصرية مع المشاركين في القافلة كما لو كانوا خصومًا سياسيين خطرين، أو عناصر مشبوهة تُهدد الأمن القومي.

وقد طالت المطاردات ناشطين وصلوا بتأشيرات رسمية، واحتُجز البعض في المطارات، ومُنع آخرون من مغادرة أماكن إقامتهم، بينما تعرّضت الوفود القادمة من أوروبا – ومن ضمنهم ناشطون أجانب – لمضايقات أمنية استهدفت كسر إرادتهم وإجبارهم على المغادرة.

اللافت أن هذه الحملة الأمنية ترافقت مع حملات إعلامية قادتها أبواق السلطة ولجانها الإلكترونية، استخدمت فيها لغة رديئة مفعمة بالتحريض والسخرية، وصلت إلى حد تصوير القافلة كـ”مؤامرة إخوانية دولية” تستهدف زعزعة استقرار مصر.

وهو خطاب يُكرّس نزعة السلطة المصرية لرؤية كل مبادرة شعبية خارج الأطر الرسمية تهديدًا مباشرًا لهيبتها، حتى وإن كان الهدف منها إنسانيًا خالصًا.

شجب وتنديد

وبسؤال السيد الدكتور محمد عماد صابر رئيس المنتدى المصرى برلمانيون لأجل الحرية عن موقف النظام المصرى من قافلة الصمود من اجل غزة قال: إن المشهد كان صادما فهو يكشف حجم التورط الرسمي للنظام المصري في دعم الحصار الصهيوني على غزة، بعد منعه قافلة “الصمود” الإغاثية من الوصول إلى القطاع، وارتكب سلسلة من الانتهاكات المشينة بحق النشطاء المشاركين فيها.

وأضاف في تصريحات خاصة لموقع اخبار الغد أن النظام المصري قام باحتجاز الناشطين، وترهيبهم داخل فنادقهم، وإرجاع من وصل منهم إلى المطارات، ومنع آخرين من التقدم نحو الإسماعيلية، بل واعتدى على بعضهم مما أدى إلى إصابة عدد من المشاركين! وطرح النائب البرلماني السابق سؤالا: لصالح من يتم هذا التنكيل؟ ولماذا تصر السلطة المصرية على لعب دور الوكيل الأمني للصهاينة؟

واستطرد في تصريحاته بقوله: إننا أمام نظام يحرق كل الأوراق، ويخسر ما تبقى له من رصيد لدى الشعوب الحرة، باصطفافه الكامل إلى جانب الكيان الصهيوني، في الوقت الذي تُباد فيه غزة ويُحاصر شعبها وتجوع نساؤها وأطفالها!

وفي ختام التصريحات استنكر رئيس المنتدي المصري برلمانيون لأجل الحرية بشدة هذه الجريمة، وطالب برفع اليد عن قوافل التضامن، ووقف هذا العدوان الرسمي على الأحرار، ودعا الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم إلى فضح هذا الدور الخياني، وكسر الحصار بكل السبل الممكنة.

نظام خائف وغير متماسك

من جانبه قال رئيس تحرير قناة الشرق مسعد البربري إن النظام لا يتحمل وجود متظاهرين خارج سيطرته بسبب وضع النظام وتراجع شعبيته بشكل كبير، وأوضح في تصريحات خاصةً لموقع أخبار الغد أن النظام لا يمكن أن يثق في نشطاء من دول مختلفة معارضين ويعلم توجهاتهم السياسية وموقفهم منه، ويسمح لهم بالعبور من مصر من خلال مدن كبرى للوصول إلى غزة.

وأردف أن النظام لا يتحمل هذا العدد من الخارج للقيام بوقفة داعمة لغزة، ولو ضمن النظام ضبط تلك الفئة لربما استخدمها للضغط على إسرائيل. وأشار البربري إلى أن النظام أسير العقلية الأمنية وليس لديه مرونه للتعاطي مع المستجدات، والتي اتصفت بها أنظمة مصرية سابقة في التعامل مع القضايا الشائكة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى