مقالات وآراء

محمد مرزوق يكتب : الأسد الصاعد أرض إيران تضج بصيحات الحرب والخطر

في البداية هناك تساؤل يطرح نفسه هنا وبشدة:
هل عملية « الأسد الصاعد» هي معركة القدر التي ستغير وجه الشرق الأوسط والعالم أم لا؟

هذا ما نتعرف في هذا الحزء الأول للمقال

•⁠ ⁠الفجر يتوهج بلون اللهب والصراع:

بإسلوب الغطرسة السياسية ومحاولات كرس الأنف والإذلال وفرض الهيمنة على الشرق الأوسط إن لم يكن العالم پأسره، وأن تكون الأوحد في المنطقة مالكة السلاح النووي الخطير الذي يهدد العالم بالدمار الشامل في أي لحظة، وأن من يخالف كلامها ولا يسمعه يدفع فاتورة باهظة الأثمان قد تكلفه ما لايطيق حتى وإن كانت إزهاق أرواح القادة السياسية والعلماء… هكذا كان تعامل العدو الإسرائلي المحتل ورده السافر على ملف الطاقة النووية الإيراني.

في ساعاتٍ أقرب إلى الكابوس، امتدّ فجر يوم الجمعة 13 يونيو 2025، لتكون نقطة تحولٍ مدوّية في تاريخ المنطقة. في ضربةٍ تبدو كما من كتاب الخيال، نُفِّذت إسرائيل عملية “الأسد الصاعد” (Operation Rising Lion) على أجنحة الظلام والضوء معًا، سلسلة ضربات جوية إسرائيلية دومية على طهران، أرض الفرس وموطن الثورة والمقاومة، في محاولة واضحة لإنهاء برنامجها النووي وفرض إرادتها بالقوة على طهران، استهدفت قلب المنظومة النووية والعسكرية الإيرانية، ولتعلن عن تحول دراماتيكي في موازين القوى بالشرق الأوسط، وإعادة كتابة قواعد اللعبة النووية والسياسية، وتحديد مستقبل النظام الإيراني على وجه الأرض.

الأمر لم يكن مجرد اختراق للسماء، بل اقتحامٌ للقرار الإيراني وتهديدٌ وجودي داخلي وخارجي، مدعوم بغطاء أمريكي واضح، وفق تصريحات تل أبيب.
ولقطع شريان إيران النووي، وكأن تل أبيب تقول للعالم بملأ فيها: “نحن الأسد، ولن نتهاون”.

فهذه الحرب ليست مجرد معركة عسكرية بل هي لعبة سياسية معقدة تقودها أجهزة استخبارات كبرى وأذرع مخابراتية متشابكة، حيث اجتمعت فيها المصالح الأمريكية مع الطموحات الإسرائيلية، لتشكّل خليطًا ناريًا مدمرًا يهدد استقرار الشرق الأوسط والعالم بأسره.

كانت طلائع هذه الحرب، كما أعلنها الاحتلال الإسرائيلي، ضربات دقيقة استهدفت منشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسية في نطنز، بالإضافة إلى اغتيال عدد من القادة الإيرانيين البارزين وعلماء الطاقة النووية، وهو ما أحدث صدمة مدوية في أوساط الحرس الثوري والقيادة العسكرية والسياسية الإيرانية.

•⁠ ⁠إسرائيل توقظ الوعود النبوية:

ففي فجر اليوم الجمعة، نفّذت القوات الإسرائيلية بالتعاون مع جهاز الاستخبارات (الموساد) ضرباتٍ جوية وبحرية وبرية، حيث انطلقت نحو 200 مقاتلة إسرائيلية شملت مقاتلات من طراز F-16I “صوفا” وF-15I “راعم” وF-35I “أدير”، إلى جانب طائرات التزود بالوقود جوًا من طراز بوينج 707، وطائرات المهام الإلكترونية الخاصة والقيادة والسيطرة والإنذار المبكر، معلنة حربًا إستراتيجية، مفاجئة، وحاسمة ضد إيران. هدفها؟
في بداية الهجوم، أطلقت أكثر من 330 صاروخًا وقنبلةً جوية وذخائر موجهين ومليون إصابة مميتة، بتدقيق يعكس تخطيطًا عقوديًا.
استهدفت أكثر من 100 موقع حيوي بين مفاعلات نووية الرئيسية في نطنز وقواعد صاروخية وأجزاء من طهران وإصفهان ومجمعات قيادية سرية، لتغتال بحرفية قادة الصف الأول – العسكريين والعلماء – بدعم استخباراتي أمريكي ضخم، وتوقع ضربة استباقية لا تقل قتامة عن أي حروب الستينيات والسبعينيات، تاركةً إيران في حالة صدمة وعالمًا على حافة الحرب الشاملة.

وتُظهر الصور التي نشرها الجانب الإسرائيلي تجهيز
مقاتلات(F-16I) بحواضن نقل بيانات من طراز (AN/ASW-55)، ما يؤكد تسليحها بصواريخ جوالة من طراز بوب آي (Popeye).

كما أظهرت الصور تسليح عدد من المقاتلات بقنابل القطر الصغير من طراز (GBU-39/B)، مما يشير إلى أن المقاتلات الإسرائيلية اخترقت المجال الجوي الإيراني ونفذت ضربات مباشرة عقب تحييد الدفاعات الجوية، وليس فقط باستخدام ذخائر بعيدة المدى المطلقة من خارج المجال الجوي الإيراني، كما كان الحال في الهجمات السابقة.

العمليات التخريبية التي قام بها الموساد تزامنًا مع الضربات الجوية الإسرائيلية تضمنت إنشاء قاعدة لإطلاق المسيرات الانتحارية بالقرب من طهران لاستهداف منصات ومواقع إطلاق الصواريخ الباليستية، إضافة إلى العمل على نشر أنظمة أسلحة دقيقة موجهة قرب مواقع منظومات الدفاع الجوي الإيرانية، بهدف التشويش عليها خلال التصدي للطائرات الإسرائيلية.

بعد تدمير الدفاعات الجوية السورية، أصبح سلاح الجو الإسرائيلي يتمتع بحرية عمل كاملة في الأجواء السورية .. لتنفيذ ضربات جوية مباشرة على إيران، دون التعرض لأي تهديدات أو مخاطر.
وهو ما حدث اليوم دون أن تتعرض الطائرات الإسرائيلية وهي في طريقها إلى إيران او العودة منها لأي مخاطر أو تهديدات.

كانت لحظات الفجر تلك تمزج الغبار بالنار والصمت بانفجارات، تحكي لغة السلاح والرسائل إلى طهران: “إسرائيل توقظ الوعود النبوية بأن الأسد لن ينام حتى ينهش فريسته”.

صور الانفجارات التي شقت سماء طهران وأمطار الصواريخ والدخان الأسود السامية لم تكن مجرد معركة معلوماتية، بل إعلان لحظة تحوّل نوعية وصلابة قصوى. كانت رسالة إسرائيل: “هذا ليس فقط دفاعًا عننا، بل نزع أسلحة استراتيجية قبل أن تولد في رحم العدو”. وأمام الكاميرات ارتجفت القاعدة الإقليمية، والاقتصاد العالمي، وأساطيل النفط في الخليج، وتقاطرت كل الأنظار نحو القاهرة، جارة الحرب ومستفزّة الموازين.

•⁠ ⁠الإغارة الكبرى: ضربات صاعقة تقتل قادة الحرس الثوري والعلماء النوويين:

في قلب العملية التي أُطلق عليها “الأسد الصاعد”، استهدفت إسرائيل بقذائف وصواريخ متطورة للغاية مراكز حيوية داخل الأراضي الإيرانية، كان أبرزها منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز، والتي تعد قلب المشروع النووي الإيراني وأحد رموز السيادة الوطنية الإيرانية.
مقتل قياديين كبار في قطاع الحرس الثوري والجيش الإيراني وكان أبرزهم كلاً من:

اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري (IRGC)،
اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، وغلام علي راشد، نائب قائد قوات حماة‌ الأنبياء المركزي ( نائب رئيس هيئة الأركان)، (Khatam-al Anbiya Central HQ)،
وأمير علي حاجي‌زاده، قائد القوة الجو فضائية/القوة الجوية الفضائية للحرس الثوري

،(Aerospace Force)
وعلي شمخاني، مستشارمستشار الأمن القومي الأعلى وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، سابقًا رئيس الأمن القومي، واللواء مهدي رباني، نائب رئيس هيئة الأركان للعمليات، والعميد داوود شيخيان، قائد الدفاع الجوي للحرس الثوري، وقادة الصواريخ/الدرونز، رؤوس برامج الصواريخ السورية والقوة الجوية بدون طيار بالحرس.

أما الضحايا من العلماء النوويين: الرأس والعقل في آن واحد، فكان أبرز الأسماء:
فريدون عباسي دواني، رئيس سابق للمنظمة

الإيرانية للطاقة الذرية من عام (2011–2013)، ونائب في البرلمان (2020–2024)، ومتخصص في حساب عائد الرؤوس النووية.
والدكتور محمد مهدي طهرانجي، أستاذ فيزياء نظرية، ومدير سابق لمعهد بحوث الليزر والبلازما بجامعة بهشتی، ورئيس سابق لفرع طهران بالجامعة الإسلامية الحرة، عالم نووي بارز، أحد أبرز العلماء في جامعة آزاد ومشاريع عسكرية.


والدكتور محسن فخري زادة، رئيس مركز الأبحاث والتكنولوجيا النووية، مؤسس برنامج إيران النووي العسكري، وقتل في مركز أبحاث برشين.
والدكتور علي أكبر صالحي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ( وزير الطاقة الإيراني).
وعبد الحميد منوشهر، عالم نووي بارز، مشارك في برنامج التخصيب، موالٍ لواحدة من وحدات الأبحاث النووية. قُتل أيضًا في طهران ضمن الغارات

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى