صدام الحريبي لـ”أخبار الغد”: الصراع على الشرق الأوسط لا من أجله.. والتاريخ لا يرحم من يضيّع الفرص

قال الدكتور صدام الحريبي، المحلل السياسي اليمني، في تصريح خاص لـ”أخبار الغد”، إن الصراع الدائر بين إيران والاحتلال الإسرائيلي هو صراع نفوذ وهيمنة بامتياز، وليس امتداداً مباشراً لقضية فلسطين أو خلافاً عقائدياً كما تروج بعض السرديات العاطفية.
خداع عاطفي وتضليل سياسي
وأكد الحريبي أن تصوير الصراع على أنه “معركة بين الخير والشر” أو “المقاومة ضد الاحتلال” يخدم في الحقيقة سرديات تساهم في تغييب الوعي. وقال: “من السذاجة السياسية الاعتقاد بأن إسرائيل تتحرك عسكرياً ضد إيران لحماية العرب، ومن التضليل كذلك القول إن إيران تدعم القضية الفلسطينية التزاماً قومياً أو دينياً”، مشيراً إلى أن كل طرف يتحرك وفقاً لمصالحه الاستراتيجية ومشاريعه التوسعية.
مواجهة نووية وتحرك استباقي
وأضاف أن الاحتلال يدرك خطورة امتلاك إيران لسلاح نووي، لما في ذلك من تهديد لتفوقه الاستراتيجي، في حين تسعى طهران لتوسيع نفوذها الإقليمي عبر تفكيك الدول العربية من الداخل، وإشعال النزاعات الطائفية، لا من خلال مشروع عربي موحد أو تحالفات قومية حقيقية.
أوهام الهيمنة والتبعية
وتابع الحريبي قائلاً: “ما يُروَّج له من أن إيران تقف وحدها من أجل الأمة، أو أن إسرائيل تدافع عن العرب، مجرد أوهام تُسَوّق لتكريس التبعية وتخدير الجماهير، بينما الواقع يُظهر أن الطرفين أدوات لإعادة تشكيل المنطقة لا تحريرها”.
وأضاف أن إيران كانت من أبرز المساهمين في تفتيت الصف العربي، عبر دعم مشاريع طائفية وانقلابية، ومحاربة كل محاولة لتأسيس مشروع عربي جامع، مقابل تصدير نموذجها الثوري القائم على الولاء المذهبي المطلق.
فرصة لتصحيح المسار العربي
واعتبر الحريبي أن أي تراجع إيراني في المنطقة قد يمثل فرصة تاريخية لبروز قوى عربية جديدة تسعى إلى تأسيس مشروع سياسي مستقل يتجاوز منطق المحاور والارتهان، ويستند إلى المصلحة القومية والوحدة والاستقلال.
وحذر من أن استمرار تركيا في التقلّب بين الغرب والشرق دون استراتيجية واضحة قد يؤدي إلى استبعادها من معادلة التأثير، رغم أنها تمثل – بحسب وصفه – قلقاً أكبر للغرب من إيران بسبب القبول الشعبي الذي تحظى به في العالم العربي.
حرب محدودة الأهداف وإعادة ضبط الإيقاع
وتوقع الحريبي ألا تطول الحرب بين إيران والاحتلال، مؤكداً أن الهدف منها ليس تدمير إيران، بل تقليم أظافرها النووية وإعادتها إلى المربع الأول، بما يحفظ التوازن الدولي المطلوب.
وقال: “إيران تُستخدم منذ عقود لتفتيت العالم العربي، ولذلك لن يُسمح بسقوطها الكامل، بل سيتم إضعافها وضبط إيقاعها دون إسقاط النظام، مع إرسال رسالة واضحة لأي دولة تُفكر في الاقتراب من مشروع نووي”.
إيران بين التنازلات والإنهاك
وأشار إلى أن إيران قد تضطر لتقديم تنازلات غير مباشرة عبر وسطاء للحفاظ على تماسكها الداخلي وعدم انهيار مشروعها الإقليمي، مضيفاً: “إيران تدرك أن سقوطها سيفقد المذهب الذي تقوده ثقله في المنطقة، وهذا ما ترفضه قوى دولية وإقليمية، بما فيها أوروبا وأمريكا”.
دعوة إلى التغيير وإدراك اللحظة
وختم الحريبي بالقول: “الطرفان سيخرجان من هذه المواجهة منهكَين، لكن الكيان الإسرائيلي سيبقى مدعوماً بآلة غربية جبارة، بينما ستنزف إيران اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً“.
ودعا العرب إلى اغتنام اللحظة الراهنة كفرصة تاريخية لإعادة التموضع وبناء مشروع عربي مستقل، مشيراً إلى أن “التاريخ لا يرحم من يضيع الفرص، وهذه اللحظة قد لا تتكرر”.