
في مثل هذا اليوم، منذ ستة أعوام، سقط رجلٌ في قفصٍ من زجاج… لكنه لم يسقط في ضمير الأمة. ارتقى الدكتور محمد مرسي شهيدًا، لا في ميدان قتال، بل في محراب الصبر والكرامة، بعد أن واجه المحنة صامتًا، رافع الرأس، نقيّ اليد، طاهر الجيب، ثابتًا على العهد.
لم يكن الرئيس محمد مرسي مجرد شخص، بل كان رمزًا لأول رئيس مصري منتخب ديمقراطيًا في تاريخنا الحديث… رئيس لم يأتِ على ظهر دبابة، ولا ببيعة مزوّرة، بل جاء بإرادة شعب، وانتزع لحظة أمل وسط زمن يائس.
اختلف معه البعض، وانتقده آخرون، لكن حتى خصومه المنصفين لم يتهموه بالفساد، أو بالدم، . فقد بقي طيلة حياته مؤمنًا بقيمه، متمسكًا بمبادئه، مؤدّيًا لأمانته. وكانت شهادته، في قاعة محكمة صُمّت آذانها عن الحق، بمثابة وصية أُمة… ورسالة إلى أجيال لم تولد بعد.
ستبقى واقعة استشهاد د. مرسي، في سجون لم ترحم مريضًا، ولم تصن إنسانًا، وصمةً على جبين نظام استبدادي يرى الحرية جريمة، والديمقراطية رجسًا، والكرامة خطرًا على سلطته المتآكلة. وستظل دماؤه لعنة تُطارد كل من صمت أو تواطأ أو شارك في هذه الجريمة.
يا د. مرسي
نم قرير العين.
فصبرك صار مدرسة، وشهادتك صارت لواءً.
وفي كل معتقل، وكل منفى، وكل ساحة حرّة… نراك حاضرًا، بصمتك الجليل، وسيرتك النقيّة، وبأمل لم ينكسر.
في ذكراك السادسة، لا نرثيك، بل نحييك…
نُحيي ذكراك، لا كحاكم، بل كقيمة…
لا كمنصب، بل كرمز…
لا كذكرى، بل كأمل لا يموت.
لك الرحمة يا شهيد الكرامة…
ولأهلك وأحبّتك وشعبك الحر،
كل العزاء: ستظل ذكراك قنديلًا في ليل هذا الوطن الطويل