مقالات وآراء

د.محمد عماد صابر يكتب: هل نحن على أعتاب حرب عالمية ثالثة؟

الإجابة القصيرة: لسنا في حرب عالمية شاملة بعد، لكننا في ما يمكن تسميته “حرب عالمية هجينة مستترة” متعددة الجبهات ( اقتصادية، سيبرانية، استخباراتية، وصراعات وكلاء )، قد تتطور إلى حرب مفتوحة إذا تزايدت الأخطاء الاستراتيجية، أو انهار أحد موازين الردع.
وهذا يدعونا لتناول الطرح من كافة احتمالاته وجوانبه.

أولا: خلفية الصراع بين مشاريع كبرى تتناطح.

  1. المشروع الصهيوني- المسيحي: تقوده نخب غربية ( خاصة في أمريكا وبريطانيا ) تؤمن بأن حماية “إسرائيل” وفرض الهيمنة الغربية واجب ديني-حضاري.. وهذا المشروع يسعى إلى إعادة تشكيل النظام العالمي بما يحقق “نهاية التاريخ” الأمريكي، ويُجهض كل المشاريع البديلة ( إسلامية، صينية، روسية ).
  2. المشروع الأوراسي الروسي-الصيني:
    مشروع يهدف إلى كسر الهيمنة الأمريكية، وإقامة عالم متعدد الأقطاب.. وهذا المشروع يتمدد من خلال “طريق الحرير”، وبنك البريكس، والتحالفات العسكرية ( مثل منظمة شنغهاي ).. يرى في المشروع الصهيوني- الغربي خطرًا وجوديًا.
  3. المشاريع الإسلامية الناشئة: لا تزال في طور التبلور، بين تيارات المقاومة ( غزة، محور المقاومة )، والمشاريع السياسية التغييرية ( تركيا، حركات النهضة ).. وهذه تمثل قلقًا لكل من الغرب والصين وروسيا، نظرًا لطبيعتها الدينية العابرة للحدود.

ثانيا: هل روسيا والصين ترفضان المشروع الصهيوني- المسيحي؟
روسيا: نعم، على المستوى الجيوسياسي تعتبر المشروع تهديدًا لسيادتها ومجالها الحيوي، ولكنها ليست مناهضة جذريًا للصهيونية (علاقاتها مع “إسرائيل” قائمة).

أما الصين: ترفض المشروع من زاوية الهيمنة وليس من زاوية دينية أو أيديولوجية.. فهى تتحالف مع روسيا تكتيكيًا، لكنها براغماتية جدًا.

الخلاصة: الرفض ليس بالضرورة مبدئيًا أو دينيًا، بل مصالح ونفوذ ونظام عالمي.

ثالثا: أين تتجه الأمور؟ هل سنصل لحرب شاملة؟
أمامنا مؤشرات تقربنا من الحرب:

  1. انهيار أدوات الردع التقليدية بين القوى الكبرى.
  2. التصعيد في عدة جبهات متزامنة ( أوكرانيا، تايوان، الشرق الأوسط ).
  3. فشل المنظومة المالية العالمية وظهور بدائل مثل اليوان الرقمي والبريكس.
  4. الاستقطاب الحاد داخل المجتمعات الغربية ذاتها.

وأمامنا مؤشرات تؤجل الحرب:

  1. الردع النووي لا يزال قويًا.
  2. الاعتماد المتبادل اقتصاديًا بين الصين والغرب.
  3. وجود قنوات خلفية دائمًا للتفاوض.

رابعا: متى يمكن أن تنشب الحرب فعليًا؟
يصعب تحديد تاريخ دقيق، لكن يمكن وضع سيناريوهات زمنية:

السيناريو الأول: تصعيد جزئي يتحول لحرب مفتوحة.
التوقيت المحتمل: 2026-2028.
المحفز: أزمة تايوان أو سقوط حكومة موالية للغرب في دولة حساسة.

السيناريو الثانى: حرب شاملة متعددة الجبهات .
التوقيت المحتمل: 2030-2035.
المحفز: انهيار النظام المالي الغربي أو ضربة نووية محدودة.

السيناريو الثالث: حرب بالوكالة مستمرة دون حرب مفتوحة
التوقيت المحتمل: 2025-2040. المحفز: استمرار موازين الردع واستنزاف الخصوم.

خامسا: قراءة مستقبلية: إلى أين؟
العالم يتجه نحو تفكك النظام الدولي الحالي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية.
ويتوجه نحو نظام عالمي جديد يتبلور بثلاثة أقطاب:

  1. الغرب بقيادة أمريكا.
  2. الشرق بقيادة الصين وروسيا.
  3. العالم الإسلامي كقوة ثالثة (قد تنهض إن وعت دورها).

الفلسطينيون والمقاومة قد يكونون صاعق التفجير أو نقطة الارتكاز الأخلاقي للنظام القادم.

خلاصة فكرية: نحن في لحظة تاريخية حاسمة… تتكسر فيها الموازين القديمة، وتتصارع المشاريع الكبرى. وقد تكون هذه “الحرب المؤجلة” هي آخر جولة كبرى قبل سقوط أو ولادة إمبراطوريات جديدة.. هذا والله سبحانه وتعالي أعلى وأقدر وأعلم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى