حوادث وقضايا

جنايات أسيوط تُدين متهمين بالسجن 3 سنوات في أكبر قضايا المفرقعات

أصدر المستشار أحمد عبدالتواب صالح، رئيس محكمة جنايات أسيوط، وعضوية المستشارين ضياء الدين أحمد دهيس وعلاء الدين سيد عبدالمالك، وبأمانة سر عادل أبوالريش، حكمًا رادعًا في واحدة من أخطر القضايا بالمحافظة، حيث أسدلت المحكمة الستار على واحدة من القضايا الأخطر في ملف حيازة المفرقعات، والتي حُملت تفاصيلها بأطنان من الأحراز، وارتبطت بتجارة غير مشروعة تهدد أمن المجتمع.

فقد حكمت محكمة جنايات أسيوط الدائرة الحادية عشر، في القضية رقم 1129 لسنة 2025 جنايات ثان أسيوط، والمقيدة بعدة أرقام أخرى أمام النيابة العامة وأمن الدولة العليا، بمعاقبة المتهم الأول صلاح علي حسين علي حضورياً، والمتهم الثاني عبدالمحسن كامل محمد محمد غيابياً، بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات، مع مصادرة المضبوطات، وإلزامهما بالمصروفات الجنائية، ليكون الحكم بمثابة رسالة صارمة ضد حيازة وتجارة المواد الخطرة دون ترخيص.

بداية الخيط: كمين اعتيادي يكشف المفاجأة

البداية جاءت في أمسية يوم السادس من سبتمبر 2024، عندما كان النقيب عمرو حمودة معاون مباحث قسم شرطة ثان أسيوط في جولة اعتيادية لتفقد الحالة الأمنية بمنطقة موقف نزلة عبداللاه. أثناء عمل كمين ثابت بالمنطقة، تم توقيف سيارة ميكروباص للوقوف على بيانات سائقها وتراخيص المركبة.

السائق الذي قدم نفسه باسم صلاح علي حسين علي، 34 سنة، من قرية الأبطال بمركز الفتح، بدا متعاوناً، لكنه لم ينجُ من نظرة رجال الأمن الثاقبة.

فقد أثار انتباه القوة وجود عدد كبير من الكراتين والأجولة أعلى وأسفل السيارة، بعضها مكشوف، ويحمل ما بدا أنها ألعاب نارية بأحجام وأنواع مختلفة.

وعند استفسار القوة الأمنية عن محتويات هذه العبوات، أقر السائق – بغير تردد – أنها ألعاب نارية بغرض الاتجار، وقدم اعترافًا صريحًا بأنها بحوزته بدون ترخيص أو فواتير. وبتفتيش المركبة، تم العثور على كمية ضخمة من المفرقعات، إلى جانب مبلغ مالي يُقدَّر بـ 3300 جنيه.

مضبوطات بحجم قضية أمن دولة

تم على الفور التحفظ على المتهم والمضبوطات، وتم نقلهم إلى ديوان القسم لتحرير محضر رسمي، وتم عرض القضية على النيابة العامة، التي أمرت بإحالة الأحراز إلى قسم الأدلة الجنائية بأسيوط لفحصها والتحقق من طبيعتها.

تقرير الخبراء: ما بين الدهشة والخطر

وما كان بانتظار فريق فحص المفرقعات لم يكن عادياً؛ فالأحراز التي تم تسليمها كانت عبارة عن عشرات الكراتين والأجولة تحتوي على مئات الأجسام الاسطوانية والصناديق الخشبية، أغلبها يحمل أسماء تجارية بارزة ومعروفة، بل وحتى أنواع مجهزة بفتائل قماشية وألوان متنوعة تشير إلى تصميمها للتفجير أو الاستخدام الاستعراضي غير المشروع.

جاء التقرير الفني ليؤكد أن جميع المضبوطات تحتوي على مواد تُصنّف ضمن المفرقعات طبقًا لقانون العقوبات وقانون المواد المتفجرة، وقد تم استهلاك عدد منها لأغراض الفحص والتحليل الكيميائي.

وجاءت النتائج كلها متوافقة .. مواد شديدة القابلية للاشتعال والانفجار، بعضها مخصص للاستخدام الاحترافي في العروض النارية، لكن دون أن تمر بأي من القنوات الرسمية للترخيص أو الفحص الأمني.

من التجارة إلى الإدانة

لم يجد القضاة بُداً من تطبيق القانون بحزم. فقد تأكدت المحكمة من أن الحيازة لم تكن عارضة أو شخصية، وإنما بغرض الاتجار والتربح الممنوع قانونًا، وسط غياب تام لأي مستندات رسمية تشرّع التعامل مع تلك المواد.

ففي ظل ما تعانيه البلاد من تهديدات أمنية، يُعد التعامل غير المشروع مع المفرقعات جريمة لا تقل خطورة عن التهديد المباشر للأرواح والممتلكات.

مسك الختام: عدالة تُنذر وتردع

لم يكن هذا الحكم مجرد فصل في قضية حيازة ألعاب نارية. بل جاء كصفعة قوية على يد تجارة سوداء تتغذى على استسهال الخطر، ورسالة واضحة بأن العدالة في مصر لا تتساهل مع من يعبث بالأمن العام.

ومع ختام الجلسة، بدت هيئة المحكمة وقد أدّت دورها ببصيرة ويقظة، مستندة إلى تقرير خبير فني بالغ التفصيل، وتحقيقات أمنية دقيقة. القضية قد انتهت، لكن ما تحمله من رسائل قانونية وأمنية لا تزال حاضرة .. لا تساهل مع من يُدير تجارة على حساب سلامة المجتمع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى