مقالات وآراء

نادر فتوح يكتب: الغياب الأمريكي يكشف هشاشة إسرائيل.. هل تخلّى ترامب عن أهم حلفائه؟!

بينما تشتعل سماء تل أبيب بالصواريخ، وتغلق المطارات، وتتعطل الحياة في قلب إسرائيل، يعلو سؤال صارخ في الأوساط العربية والعبرية على حد سواء: أين أمريكا؟!

واشنطن، التي طالما أعلنت أن “أمن إسرائيل خط أحمر”، تغيب عن المشهد في أكثر اللحظات حرجًا، فيما تتلقى إسرائيل الضربات المتتالية من إيران دون أن ترى طائرات أمريكية في السماء، أو حاملات تقصف من البحر، أو حتى تصريحات تهديد جدية.

الغياب الأمريكي في هذا التوقيت الحساس يطرح علامات استفهام كبيرة، خصوصًا مع تصاعد المشهد ميدانيًا.

فلماذا تأخرت أمريكا؟ ولماذا تُركت إسرائيل تواجه مصيرها وحدها؟

1. مفاجأة إيرانية خارج التوقعات

الرد الإيراني لم يكن ضمن حسابات أحد، حتى داخل حكومة نتنياهو. الجميع توقّع ضربة رمزية أو تهويش إعلامي، لكن الذي حدث كان مختلفًا: صواريخ دقيقة، طائرات مسيرة، ضربة اقتصادية في عمق بورصة تل أبيب، وتعطيل فعلي للحياة في مراكز حساسة.

المفاجأة أفقدت واشنطن القدرة على الرد السريع، ودفعتها للتريّث.

2. شبح اتساع الحرب

أي تدخل أمريكي مباشر ضد إيران، يعني تلقائيًا دخول حزب الله على الخط، وربما انضمام سوريا، وفتح جبهات متعددة.

هذا السيناريو يُعتبر كارثيًا للإدارة الأمريكية، خاصة في ظل هشاشة الوضع الداخلي، الذي لا حتمل حربًا شاملة في الشرق الأوسط.

3- انقسام القيادة الإسرائيلية

القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل تعاني من تصدّع واضح، خلافات علنية بين نتنياهو وقيادات الجيش، مع موجة سخط شعبي تزداد يومًا بعد يوم.

الانقسامات الداخلية أفقدت واشنطن الثقة في “مَن تدعمه تحديدًا”، فالعلاقة بين ترامب ونتنياهو ليست على أفضل حال، والتردد الأمريكي يعكس ارتباكًا في حسابات الحليف.

4. الرأي العام الأمريكي لا يتحمل حربًا جديدة

الداخل الأمريكي مأزوم: اقتصاد مُترنّح، احتجاجات، انقسامات سياسية حادة، وحتى تهديدات بانفصال ولايات مثل كاليفورنيا.

في هذا المناخ، فإن إرسال جنود أمريكيين إلى الشرق الأوسط هو مقامرة سياسية خطيرة، قد تُفجّر الغضب الشعبي وتفقد الرئيس شعبيته الانتخابية.

5. حسابات مع قوى كبرى: الصين وروسيا

في خلفية الصراع، تقف الصين وروسيا ترقبان.

وأي تدخل أمريكي مباشر قد يفتح الباب أمام دعم غير مباشر لإيران، أو تحركات روسية في أوكرانيا، أو مناوشات صينية في تايوان.

واشنطن تعرف جيدًا أن خطوة واحدة خاطئة في الشرق الأوسط قد تؤدي إلى اشتعال جبهات أخرى أكثر خطرًا على المدى البعيد.

هل تُساوِم أمريكا؟ أم تُجهّز لضربة كبرى؟

في كل الأحوال، من غير المرجّح أن تظل أمريكا في موقع المتفرّج طويلاً.

لكن هذا الصمت المدوي له أحد تفسيرين لا ثالث لهما: إما أن واشنطن تساوم طهران خلف الستار، على تهدئة مشروطة… أو أنها تُحضّر لردّ كبير، لكنها تنتظر التوقيت الأمثل.

إسرائيل تحارب لأول مرة… بلا غطاء أمريكي

ما لا جدال فيه أن إسرائيل وجدت نفسها فجأة وحيدة في ساحة المعركة، لأول مرة دون غطاء أمريكي مباشر، لتنكشف هشاشتها أمام الداخل والخارج.

وهذا التعرّي الاستراتيجي قد يغيّر قواعد اللعبة تمامًا في المنطقة. العدّ التنازلي مستمر… لكن ساعة الحسم لم تدق بعد.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى