“سجيل” و”فتاح”.. صواريخ إيرانية تغيّر معادلة الرد وتكشف تصاعد دقة الهجمات على إسرائيل

كشفت موجات الرد الإيراني المتتالية على العدوان الإسرائيلي منذ 13 يونيو/حزيران الجاري، عن تطور ملحوظ في قدرات طهران الصاروخية، لا سيما من خلال إدخال صواريخ “سجيل” الثقيلة و”فتاح” الفرط صوتية إلى ساحة المواجهة، في تحول عسكري هو الأضخم بين الجانبين منذ عقود.
وخلال 17 موجة قصف متواصلة ضمن عملية “الوعد الصادق 3″، ركزت إيران على ضرب أهداف عسكرية واقتصادية حساسة داخل إسرائيل، من بينها قواعد جوية، مراكز أبحاث، منشآت سيبرانية، وميناء حيفا، وسط تصاعد في دقة الإصابة والتدمير.
وقدّرت إذاعة الجيش الإسرائيلي عدد الصواريخ الإيرانية المطلَقة بنحو 400 صاروخ باليستي حتى صباح الأربعاء، فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن “إيران تمتلك 28 ألف صاروخ”، محذرًا من نفاد مخزون بلاده من صواريخ “حيتس” الاعتراضية في حال استمرار الهجمات.
منظومة متقدمة وتدرج محسوب
ويرى خبراء أن طهران تتبع “تدرجًا محسوبًا” في استعراض قوتها، إذ استخدمت الصواريخ أولًا لاختبار قدرة الدفاعات الإسرائيلية، قبل أن تبدأ في استخدام رؤوس حربية أكثر دقة وتدميرًا، منها ما يحوي 26 مقذوفًا صغيرًا تحدث دمارًا على مساحات أوسع.
وقال الفريق قاصد محمود، نائب رئيس هيئة الأركان الأردنية السابق، إن إيران نجحت في تطوير صواريخ ذات رؤوس متعددة وسرعات فرط صوتية، لافتًا إلى أن ما يُعرض اليوم من قوة هو نتيجة سنوات من التطوير العسكري.
“سجيل” و”فتاح”: رسائل استراتيجية
في الموجة الـ12، أعلنت إيران استخدام صواريخ “سجيل” لأول مرة في ضربات مباشرة على إسرائيل، وهو صاروخ باليستي بعيد المدى يصل مداه إلى 2000 كلم، ويزن أكثر من 2 طن، وقادر على حمل رأس حربي يصل وزنه إلى 700 كلغ.
أما في الموجة الـ11، فقد استخدمت طهران صاروخ “فتاح” الفرط صوتي، القادر على بلوغ سرعات تتجاوز 13 ماخًا (أي أكثر من 16 ألف كلم/س)، مع قدرة على المناورة في المسار النهائي لتفادي أنظمة الاعتراض.
وتقول إيران إن “فتاح” صُمم للتخفي وتجاوز أنظمة الرادار، ويُعد من أكثر الصواريخ تطورًا في ترسانتها.
خسائر فادحة وآلاف المجلين
فيما يخص الخسائر، أعلنت إسرائيل إصابة أكثر من 2500 شخص، مع 26 قتيلًا، في حين شكك مراقبون في الأرقام الرسمية نتيجة الرقابة العسكرية على الإعلام.
ونشرت “يديعوت أحرونوت” أن أكثر من 8000 شخص أُجلوا من منازلهم، فيما قُدمت 30 ألف شكوى تعويض عن أضرار لحقت بممتلكات أو سيارات.
في المقابل، قالت وزارة الصحة الإيرانية إن الغارات الإسرائيلية أودت بحياة 224 شخصًا، لكن منظمات حقوقية تحدثت عن أكثر من 639 قتيلًا و1300 جريح، معظمهم من المدنيين.
نقلة نوعية في الرد الإيراني
وتؤكد بيانات الحرس الثوري الإيراني أن الرد على العدوان يتضمن تصعيدًا متدرجًا في أنواع الصواريخ والتقنيات المستخدمة، مشيرة إلى أن كل موجة قصف تستند إلى معطيات استخباراتية وفنية جُمعت من الموجات السابقة، بما يجعل “الضربات المقبلة أكثر فتكًا”.
وتشير التقديرات إلى أن إدخال طهران لصواريخ بعيدة المدى ومركبة، مع اعتمادها على رؤوس حربية متشظية وتقنيات فرط صوتية، قد يفرض واقعًا عسكريًا جديدًا يعيد رسم قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط.