ثقافة وتاريخ

الفنانة الشكيلية تغريد يوسف .. عبقرية أنثى تطرز التاريخ بـ « قشر البيض » واللب الأسمر

في ليلة تتعانق فيها الأصالة مع الفن، افتتحت قاعة صلاح طاهر بدار الأوبرا المصرية معرضًا فنيًا استثنائيًا جمع أكثر من 60 فنانًا وفنانة من مختلف المدارس التشكيلية، لكن كانت للوحتين فقط سحر خاص جذب الزوّار كأنها نداء من زمنٍ غابر .. هاتان اللوحتان حملتا توقيع الفنانة التشكيلية تغريد يوسف حيث حمل جناحها عنوان “خلود الفرعنة .. بصمات أنثى من زمن المجد”.

اللوحتان، واللتان تقفان جنبًا إلى جنب كأنهما مرآتان لروح واحدة تسكن جسدين، تمثلان ذروة التجريب والابتكار؛ لا بالريشة والألوان التقليدية، بل باستخدام خامات عضوية متقشفة، لكنها غنية في التعبير .. اللب الأسمر وقشر البيض.

هنا لا نرى مجرد تصوير لامرأتين فرعونيتين، بل نشهد استدعاءً بصريًا مهيبًا لحضارة ترفض الموت، وتتجدد في كل تفصيلة من الخطوط والنقوش والرموز. النسيج القشري الذي صنعته تغريد بدقة متناهية، يخلق إحساسًا غير مألوف بين الخشونة والرهافة، بين مادة الحياة اليومية وأبدية الفن.

تأمل المتلقي لا يقف عند حدود الجمال الظاهري أو البراعة التقنية، بل يتجاوزهما إلى رحلة تأمل فلسفية .. هل هي “إيزيس” و”نفراتاري” تعودان من عتمة التاريخ؟ أم أنها الفنانة تغريد يوسف تمنح كل امرأة مصرية معاصرة تاجًا من الخلود؟

يُحسب للمعرض الذي افتتحه الفنان الكبير الدكتور فريد فاضل، أحد أبرز أعلام الفن التشكيلي المصري، أنه احتفى بأعمال خارجة عن السياق المعتاد، واحتضن تجارب جريئة تقتحم مساحات غير مأهولة في الخيال البصري وقال عنها تغريد يوسف تبهر الأوبرا بلوحتين تنبضان بروح مصر الخالدة.

الفنانة تغريد يوسف نالت شهادة تقدير عن مشاركتها، لكن التقدير الحقيقي كان في عيون الحضور الذين وقفوا طويلاً أمام لوحتَيها، يتهامسون بدهشة، يتأملون، ثم يصمتون .. كأن الكلمات تعجز عن اللحاق بجمالٍ يشبه الأساطير.

قد تكون تغريد يوسف اليوم واحدة من عشرات الفنانين الذين شاركوا في المعرض، لكن غدًا، قد يقال عنها هي التي جعلت من قشر البيض جسرًا إلى الخلود.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى