حقوق وحريات

ماهر المذيوب في رسالة للمؤتمر البرلماني الثاني حول الحوار بين الأديان: راشد الغنوشي يجب أن يكون بينكم لا في السجن

وجّه ماهر المذيوب، مساعد رئيس مجلس نواب الشعب التونسي للفترة النيابية 2019–2024، رسالة مفتوحة مؤثرة إلى المشاركين في المؤتمر البرلماني الثاني حول الحوار بين الأديان، الذي تحتضنه تونس هذه الأيام، ويشهد حضورًا رفيعًا تقدمه قداسة البابا ليو الرابع عشر ورئيسة الاتحاد البرلماني الدولي السيدة تاليا أكسون، إلى جانب قيادات دينية وبرلمانية من مختلف أنحاء العالم.

واستهل المذيوب رسالته بالتحية قائلاً:

“السلام على كل من اختار الكلمة الطيبة طريقًا، والحوار سبيلاً، والسلام غاية ومصيرًا.”

وأضاف:

“من تونس، مهد التعايش وملتقى الحضارات ومنارة الاعتدال، أخاطبكم في اليوم الثاني من مؤتمركم الذي شرّفته قامات دينية وبرلمانية رفيعة، يتقدمها قداسة البابا ليو الرابع عشر، بما له من مكانةٍ عالمية سامية، ورمزيةٍ ناطقةٍ بالسلام والرجاء.”

نداء لراشد الغنوشي: الغائب الحاضر

في سياق حديثه عن الحوار والتسامح، عبّر ماهر المذيوب عن ألمه لغياب شخصية وصفها بأنها كان يجب أن تكون حاضرة في المؤتمر لا مغيّبة خلف القضبان، في إشارة إلى رئيس البرلمان التونسي الأسبق الشيخ راشد الغنوشي.

وقال:

“كان من المفترض – عمليًا وأخلاقيًا – أن يكون بينكم اليوم، لا غائبًا ولا مغيّبًا، رجلٌ كرّس عمره للحوار بين الأديان، وأفنى حياته في الدفاع عن الديمقراطية، وناضل بالكلمة والفكر لأجل الإنسان.”

وأضاف المذيوب:

“أشير هنا، وبألم ممزوج برجاء، إلى زميلٍ لنا ولكم، رئيسٍ لأول برلمان تونسي منتخب ديمقراطيًا، وأحد أبرز المجددين في الفكر الإسلامي في العقود الأخيرة، وصوتٍ عاقلٍ نزيهٍ في زمن الاضطراب: الشيخ الأستاذ راشد الغنوشي.”

وأشار إلى أن الغنوشي يقبع في سجن المرناقية منذ أكثر من 790 يومًا، بسبب تصريح دعا فيه إلى حوار وطني جامع لا يُقصي أحدًا، مؤكدًا أن هذا التصريح تحوّل إلى ذريعة للاعتقال التعسفي، وما تلاه من معاناة إنسانية لأسرته ومحبيه، ولكل من آمن بالحوار والديمقراطية.

تحية البابا ودلالة رمزية

وتوقف المذيوب عند الرسائل الرمزية القوية التي حملها المؤتمر، من بينها تحية البابا ليو الرابع عشر الأولى بعد انتخابه – “السلام عليكم” – مؤكدًا أنها تعكس تقاطع الرسالات ووحدة القيم الإنسانية الكبرى.

كما ذكّر بنضال البابا من أجل حقوق الإنسان في مختلف مناطق العالم، وخاصة في دفاعه عن سكان “لامباييك” و”نورتي شيكو” في البيرو، معتبرًا أن “بوصلته كانت دائمًا: العدالة، والكرامة، والسلام.”

مسؤولية أخلاقية مشتركة

وشدّد المذيوب على أن نجاح هذا المؤتمر لا يُقاس بعدد الكلمات أو الصور، بل بما يثمره من التزام أخلاقي وروحي تجاه البرلمانيين المظلومين، وفي مقدّمتهم الشيخ راشد الغنوشي.

وأضاف:

“نحن، بصفتنا ممثلين للشعوب وأمناء على القيم، مطالبون اليوم – وأكثر من أي وقت مضى – بتوحيد أصواتنا وأفعالنا، لا من أجل موقف سياسي، بل من أجل ضمير إنساني حرّ، ومن أجل الحرية التي لا تتجزأ.”

وختم رسالته بنداء إنساني واضح:

“فلنتعاهد معًا – رجال دين ونوابًا وناشطين – أن لا يبقى من يحمل فكراً مستنيراً في ظلام الزنازين، وأن لا تكون الكلمة الحرة تهمة، بل وسيلة نجاة.”

الشيخ راشد الغنوشي، مؤسس حركة النهضة، وأول رئيس لمجلس نواب الشعب التونسي بعد الثورة، يُعد من أبرز دعاة الفكر الوسطي الإسلامي والديمقراطية في العالم العربي. وقد تعرّض

وكان محتوى الرسالة كالتالي

بسم الله الرحمن الرحيم
باردو – تونس، 21 جوان / يونيو 2025

رسالتي إلى المشاركين في المؤتمر البرلماني الثاني حول الحوار بين الأديان

إلى:

  • صاحب القداسة البابا ليو الرابع عشر المحترم،
  • السيدة تاليا أكسون، رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي،
  • أصحاب السماحة والفضيلة والقداسة، السيدات والسادة النواب المحترمين،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
والسلام على كل من اختار الكلمة الطيبة طريقًا، والحوار سبيلاً، والسلام غايةً ومصيرًا.

من تونس، مهد التعايش وملتقى الحضارات ومنارة الاعتدال، أحييكم مع إشراقة اليوم الثاني من مؤتمركم الكريم، الذي تشرّف بحضور شخصيات روحية وبرلمانية مرموقة، في مقدمتها قداسة البابا ليو الرابع عشر، بما له من مكانة سامية ورمزية ناطقة بالسلام والرجاء.

وإذ نثمّن حضوركم ومساهماتكم النوعية في هذا المحفل البرلماني الروحي الإنساني، فلا يسعني إلا أن أستحضر، بألم ممزوج بالرجاء، زميلًا غائبًا كان يفترض أن يكون بينكم:

رجلٌ أفنى عمره دفاعًا عن الحوار بين الأديان، وناضل بالكلمة والفكر من أجل الإنسان، وكرّس حياته للديمقراطية والاعتدال.
أشير هنا إلى:
الشيخ الأستاذ راشد الغنوشي،
رئيس مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية (2019–2024)، وأحد أبرز المجددين في الفكر الإسلامي المعاصر.

منذ أكثر من 790 يومًا، يقبع في سجن المرناقية بتونس، في ظروف غير لائقة بحرية الرأي، إثر تصريح دعا فيه إلى حوار وطني شامل لا يُقصي أحدًا. فكان الثمن: الاعتقال التعسفي، الأحكام القاسية، والمعاناة التي لحقت بعائلته وكل من آمن بالحوار والديمقراطية.

أصحاب الفضيلة والسماحة،

لقد اخترتم شعارًا ملهمًا لمؤتمركم:
“تعزيز الثقة واحتضان الأمل من أجل مستقبل مشترك”.

وهو شعار يجسّد حاجة عالمنا المتألم إلى العدالة والكرامة والحرية.

نستذكر بكثير من التقدير الكلمة الأولى لقداستكم بعد انتخابكم: “السلام عليكم”، تلك التحية التي لامست قلوبنا وأكدت وحدة القيم الإنسانية المشتركة.

كما لا ننسى نضالكم الشريف من أجل المظلومين، من وديان “لامباييك” في البيرو، إلى دفاعكم عن المهمّشين في “نورتي شيكو”، في وجه العنف والتهميش.

اليوم، نحن مدعوون إلى ما هو أعمق من الخطابات:

نحن مطالبون بتحويل هذه القيم إلى التزامات أخلاقية وروحية، تتجسّد في الدفاع عن البرلمانيين المظلومين والمعتقلين تعسفيًا، وفي مقدمتهم الشيخ راشد الغنوشي.

فليكن هذا المؤتمر بداية عهد جديد، نقف فيه صفًا واحدًا – كرجال دين، ونواب، وناشطين – كي لا تبقى الكلمة الحرة جريمة، ولا يبقى صاحب الفكر المستنير سجينًا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مع خالص الاحترام والتقدير،
ماهر المذيوب
مساعد رئيس مجلس نواب الشعب التونسي (2019–2024

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى