الانتعاش الاقتصادي في سوريا بعد رفع العقوبات: بوادر تحول اقتصادي شامل

سوريا تدخل مرحلة جديدة بعد سنوات من الحرب والعقوبات والانهيار الاقتصادي
تشهد سوريا في عام 2025 منعطفاً اقتصادياً حاسماً بعد سنوات من الحصار والانهيار المالي والعقوبات الدولية التي عطلت معظم جوانب الاقتصاد السوري. تجلى هذا التحول في إعادة افتتاح بورصة دمشق بعد توقف دام 12 عاماً، إلى جانب الإعلان عن استثمار قطري ضخم بقيمة 7 مليارات دولار لإعادة بناء شبكة الكهرباء، في مؤشرات أولى على بداية مرحلة تعافٍ اقتصادي كلي للبلاد، مدعومة بمرونة في المواقف الدولية والإقليمية.
عودة النشاط المالي: افتتاح بورصة دمشق
في نهاية مايو 2025، أعلنت السلطات السورية عن استئناف التداول في بورصة دمشق، في خطوة رمزية تعكس التفاؤل في البيئة الاقتصادية بعد سنوات من الجمود المالي. وكانت البورصة قد أُغلقت مطلع عام 2013 لدواعٍ أمنية ومالية.
لكن التطورات السياسية الأخيرة، وعلى رأسها سقوط نظام بشار الأسد وتشكيل حكومة انتقالية برئاسة أحمد الجربا، مهدت الطريق لعودة الأنشطة المالية بشكل تدريجي، كجزء من مشروع أوسع للنهوض بالاقتصاد الوطني. وتعطي هذه الخطوة رسالة إيجابية للمستثمرين المحليين والدوليين حول وجود محاولات إصلاح حقيقية وتنظيم في البيئة الاقتصادية، إضافة إلى مؤشرات على زيادة الشفافية والرقابة.
توسيع أدوات الاستثمار والتمويل
ترافق افتتاح البورصة مع طرح أدوات استثمارية متنوعة مثل:
- طرح أسهم وسندات وأدوات مالية مختلفة تتيح للمستثمرين فرصًا جديدة.
- فتح المجال أمام القطاع الخاص لتوسيع نشاطاته وجذب تمويل إضافي.
- دعم عمليات إعادة الإعمار والبنية التحتية، وخاصة في قطاعات الإسكان والطاقة.
- تشجيع شركات المقاولات والإنشاء والتطوير العقاري على الإدراج في السوق المحلية بدلاً من الاعتماد على القروض الخارجية المعقدة.
استثمار قطري ضخم في قطاع الطاقة
في مؤشر قوي على الانفتاح الاقتصادي، أعلنت قطر عن استثمار بقيمة 7 مليارات دولار في مشروع لإعادة بناء شبكة الكهرباء السورية، بالتعاون مع شركات تركية وأوروبية.
يُعد هذا الاستثمار الأجنبي المباشر الأكبر في سوريا منذ اندلاع الأزمة في 2011، ويركز المشروع على تطوير البنية التحتية للطاقة التي تضرّرت بالكامل خلال سنوات الحرب. ويشمل:
- بناء محطات توليد كهرباء جديدة تعمل بالغاز والطاقة الشمسية.
- تطوير شبكات التوزيع باستخدام كفاءات محلية.
- تنفيذ المشروع خلال خمس سنوات بالتنسيق مع الحكومة السورية الانتقالية.
تحولات سياسية ودبلوماسية مرافقة
يعكس هذا التحول الاقتصادي أيضًا تغييرات سياسية كبيرة، من أبرزها:
- رفع جزئي للعقوبات الغربية المفروضة على سوريا.
- عودة تدريجية للعلاقات الدبلوماسية مع دول عربية كالسعودية ومصر.
- استعداد دولي للتعامل مع الحكومة الانتقالية ودعم مشاريع إعادة الإعمار والاستقرار بدلاً من العزلة.
المرحلة القادمة: آمال كبيرة وتحديات واقعية
رغم المؤشرات الإيجابية، لا تزال المرحلة القادمة حافلة بالتحديات، خاصة أن الاقتصاد السوري لا يزال هشًّا بعد أكثر من عقد من الحرب والدمار. وتشير الخطوات الحالية إلى:
- بداية تشكّل ملامح مرحلة جديدة من الأمل والعمل.
- بوادر انتعاش في قطاعات محورية مثل الطاقة والبنية التحتية.
- حاجة ماسة لإثبات الجدية في الإصلاح السياسي والاقتصادي لضمان دعم المجتمع الدولي.
وختامًا، رغم التفاؤل، فإن الانتقال نحو تعافٍ شامل سيظل مشروطًا بالإصلاحات الحقيقية، واستمرار الانفتاح السياسي، وتعزيز الثقة بالجهات الحكومية، إلى جانب التعاون مع المستثمرين والمنظمات الدولية لتحقيق تنمية مستدامة.