السلطات المصرية تعتقل أكثر من 200 ناشط أجنبي قبيل انطلاق “المسيرة العالمية إلى غزة” في القاهرة

أعلنت السلطات المصرية عن توقيف أكثر من 200 ناشط أجنبي في القاهرة قبيل انطلاق “المسيرة العالمية إلى غزة”، بالرغم من تقديم المشاركين طلبات رسمية للمشاركة في الفعالية التضامنية.
وقالت السلطات المصرية إن سبب الاعتقالات يعود إلى “ضرورة الحصول على موافقات مسبقة” قبل المشاركة في مثل هذه التجمعات، ما أثار موجة من الإدانة من قبل المنظمين الذين وصفوا هذه الإجراءات بأنها “ترحيل مقنّع” هدفه منع إيصال صوت التضامن العالمي مع غزة. وتهدف “المسيرة العالمية إلى غزة” التي كانت مقررة الانطلاق من القاهرة، إلى دعم حقوق الشعب الفلسطيني وتسليط الضوء على المعاناة التي يعيشها سكان القطاع بفعل الحصار المستمر.
وأثارت هذه الاعتقالات موجة انتقادات من قبل منظمات حقوقية دولية ومحلية، مشيرة إلى أن الإجراءات تتعارض مع الحقوق الأساسية للتعبير والتجمع السلمي. كما أكدت هذه المنظمات على ضرورة احترام حقوق النشطاء الذين قدموا كافة التصاريح الرسمية وموثقات المشاركة.
في هذا السياق، صرح أحد منظمي المسيرة قائلاً: “إن توقيف المشاركين دون أسباب قانونية واضحة يشكل انتهاكًا صارخًا للحقوق الإنسانية ومدخلاً لفرض رقابة على حركات التضامن الدولية مع القضية الفلسطينية”. وأضاف: “مسيرتنا ليست إلا رسالة سلام وحق، ونحن لن نتوقف عن دعم غزة رغم كل المحاولات القمعية”.
من جانبه، أكد مسؤول في السلطات المصرية أن الإجراءات تأتي في إطار الحفاظ على الأمن وتنظيم الفعاليات بشكل قانوني، منوهاً بأهمية الالتزام بالإجراءات الرسمية للمشاركة في الأنشطة الجماعية.
وقال المتحدث باسم “المسيرة العالمية إلى غزة”، أبو كشك، في تصريحات لوكالة “فرانس برس”، إن عدد الموقوفين “تجاوز 200، يحملون الجنسيات الأميركية والأسترالية والهولندية والفرنسية والإسبانية والمغربية والجزائرية”.
وكان الناشطون قد أعلنوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي نيتهم الوصول إلى الحدود المصرية مع غزة عند معبر رفح للمطالبة بإدخال المساعدات الإنسانية وإنهاء الحصار، عبر مسيرات وقوافل مختلفة، من أوروبا وشمال أفريقيا.
وكان وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد أصدر بيانا جاء فيه “أتوقع من السلطات المصرية أن تمنع وصول المتظاهرين الجهاديين إلى الحدود المصرية – الإسرائيلية”، وفق تعبيره، و”ألا تسمح لهم بتنفيذ استفزازات أو محاولة الدخول إلى غزة، لأن ذلك سيعرّض جنود الجيش الإسرائيلي للخطر، ولن نسمح بحدوثه”.
على صلة كاتس يأمر بمنع “قافلة الصمود” من دخول غزة ويصف المشاركين بـ”الجهاديين” وفي أعقاب تصريحات كاتس، أصدرت الخارجية المصرية بيانا أكدت فيه أهمية ممارسة “الضغط على إسرائيل لإنهاء الحصار على القطاع”، مشددة في الوقت ذاته على ضرورة حصول الوفود الأجنبية على “موافقات مسبقة” قبل زيارة المنطقة الحدودية.
وقال بيان الخارجية المصرية “السبيل الوحيد لمواصلة السلطات المصرية النظر في تلك الطلبات هو من خلال اتباع الضوابط التنظيمية والآلية المتبعة منذ بدء الحرب على غزة، وهي التقدم بطلب رسمي للسفارات المصرية في الخارج، أو من خلال الطلبات المقدمة من السفارات الأجنبية بالقاهرة، أو ممثلي المنظمات، إلى وزارة الخارجية”.
من جهته أكد أبو كشك أن ما حددته الخارجية المصرية في بيانها “هو بالضبط الخطوات التي قمنا بها. لقد قدمنا أكثر من 50 طلبا ولم نحصل على رد”. وقال أبو كشك إن “دخول (أفراد الشرطة) إلى غرف الفنادق ومصادرة الهواتف وتفتيش المتعلقات، كان غير متوقع بتاتا”.
وأوضح أبو كشك أن عناصر شرطة باللباس المدني دخلوا الفنادق يحملون قائمة بأسماء بعض الأجانب “وحققوا معهم، وعلى إثر التحقيق أوقفوا البعض وتركوا البعض الآخر”. وأضاف أن السلطات المصرية احتجزت أكثر من 20 من أعضاء الوفد الفرنسي في المطار “لأكثر من 18 ساعة”.
على صلة انطلاق “قافلة العدالة” الأوروبية دعما لحقوق الأسرى الفلسطينيين وقالت المجموعة اليونانية في المسيرة إن “عشرات المواطنين اليونانيين” بين الموقوفين في مطار القاهرة “رغم تقديمهم كل المستندات المطلوبة وعدم مخالفتهم للقانون واتباعهم إجراءات دخول البلاد”.
وقامت السلطات المصرية بترحيل مواطنين كولومبيين وجزائريين من مطار القاهرة. ورغم عمليات التوقيف، أكد منسقو المسيرة في بيان، الخميس، أن “الآلاف من المشاركين موجودون في مصر بالفعل ومستعدون للتوجه إلى العريش غدا، ومنها إلى رفح سيرا على الأقدام”.
وأضاف البيان “نأمل أن نصل (رفح) يوم الأحد”. وقال منسقو المسيرة، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، إن 4000 شخص من أكثر من 40 دولة “اشتروا تذاكر السفر إلى القاهرة للمشاركة في المسيرة، وبعضهم وصل بالفعل”، على أن يصل الجزء الأكبر الخميس.
وأكد أبو كشك “نحن مستمرون رغم ما حدث لأن عدد الموجودين حاليا في مصر والمتوقع وصولهم اليوم يكفي لتنظيم هذه المسيرة”.
وتهدف “المسيرة العالمية إلى غزة” إلى التحرك بحافلات من القاهرة حتى مدينة العريش في شمال شبه جزيرة سيناء، والتحرك منها إلى رفح سيرا على الأقدام، على أن تصل في وقت متقارب قافلة أخرى تحمل اسم “صمود” تحركت من تونس عبر ليبيا ومنها إلى مصر عبر الحدود البرية.
وأفادت “فرانس برس” بأنها رصدت مشاهد من طائرة تحمل أكثر من ثلاثين شخصا تم ترحيلهم من مطار القاهرة يهتفون بالفرنسية “العالم متضامن معك… غزة… غزة”، وأظهر فيديو آخر مجموعة من المشاركين في المسيرة يتم نقلهم عبر حافلات المطار محاطين بعناصر الأمن.
وأظهر فيديو التقطته إحدى الموقوفات بمطار القاهرة غرفة مكتظة تقول إنهم محتجزون فيها “مع 30 أو 40 شخصا، ولا أحد يقول لنا أي شيء”.
وكان أحد الموقوفين الفرنسيين الذين أطلق سراحهم صباح الخميس قد قال، مشترطا عدم ذكر اسمه، “تم احتجازي في غرفة بالمطار مع نحو 15 آخرين. رأيت عددا كبيرا من الموقوفين، حوالي 50 أو 60 بينهم إسبان وبلجيكيون”.
وأضاف أنّ بعض المحتجزين معه كانوا قيد التوقيف منذ فجر الأربعاء، بينما تم اقتياد آخرين إلى غرف منفصلة “ولم نرهم مرة أخرى”.
وبالتزامن مع التطورات في القاهرة وصلت قافلة “صمود” الأربعاء إلى العاصمة الليبية طرابلس، وبها مئات الناشطين من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، وهي متجهة نحو شرق ليبيا حيث الحدود مع مصر.
ولم يتضح بعد ما اذا كانت القافلة ستتمكن من عبور الحدود التي تخضع لسيطرة قوات المشير خليفة حفتر.