
لم يعد الصراع بين إسرائيل وإيران محصورًا في حدود التهديدات المتبادلة، بل تحوّل، خلال الساعات الأخيرة، إلى مواجهة مسلحة واسعة النطاق، بلغت ذروتها مع التدخل الأميركي المباشر، ما يفتح أبواب المنطقة على احتمالات خطيرة قد تعصف بالاستقرار الهشّ في الشرق الأوسط.
فجر السبت، شنّت إيران هجومًا مكثّفًا بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة استهدفت عمق الأراضي الإسرائيلية، وصولًا إلى تل أبيب، هولون، وبيت شيعان، في ردّ واضح على سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت منشآت حيوية إيرانية. وقد أسفرت هذه الضربات عن وقوع إصابات مدنية وحرائق متفرقة، رغم اعتراض عدد كبير من المقذوفات بواسطة القبة الحديدية.
إسرائيل، بدورها، ردّت بعنف غير مسبوق، مستخدمة سلاحها الجوي في تنفيذ غارات عميقة داخل الأراضي الإيرانية، طالت مواقع عسكرية في بندر عباس، شيراز، قم، أصفهان، وخُرّم آباد، ما أدّى إلى مقتل قيادات بارزة في “فيلق القدس”، من بينهم الجنرال سعيد إزادي، أحد العقول الاستراتيجية في منظومة الحرس الثوري.
الأخطر من ذلك، تمثّل في دخول الولايات المتحدة على خط النار بشكل مباشر، حيث نفذت قاذفات “بي-2” وغواصات أميركية ضربات دقيقة ضد منشآت نووية إيرانية تحت الأرض، بينها “نطنز” و”فوردو”، باستخدام قنابل خارقة للتحصينات وصواريخ بعيدة المدى. وقد وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب العملية بأنها “ضرورية وحاسمة لمنع إيران من تطوير قدرات نووية عسكرية”.
هذا التصعيد الأميركي-الإسرائيلي يُعد سابقة خطيرة في تاريخ الصراع الإقليمي، إذ يمثل تعديًا صارخًا على السيادة الإيرانية، ويبعث برسائل تهديد إلى كل دولة تُعارض هيمنة هذا التحالف. كما أنه ينذر بانفجار برميل بارود قد يمتد ليشعل ساحات أخرى كاليمن، سوريا، العراق، ولبنان.
في المقابل، أصدرت جماعة الحوثي بيانًا حذّرت فيه من استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر، معتبرة التدخل العسكري الأميركي “عدوانًا وقحًا” على دولة ذات سيادة. بينما طالبت دول عدة، من بينها تركيا وفرنسا، بوقف التصعيد والعودة إلى المسار الدبلوماسي، وسط صمت مريب من أنظمة عربية كان يُفترض بها أن ترفض خرق القوانين الدولية بهذه الطريقة.
حزب “غد الثورة الليبرالي المصري”، إذ يُدين هذا العدوان الغاشم، يُذكّر العالم أن الحروب لا تُولد الأمن، وأن استخدام فائض القوة ضد شعوب المنطقة لن يزيدها إلا تمسكًا بحقوقها وكرامتها، وأن انتهاك القوانين الدولية والاعتداء على منشآت نووية ليس فقط تهديدًا لإيران، بل تهديد شامل للأمن الإقليمي والعالمي.
إنّ استمرار هذا التصعيد يُهدد بجرف الجميع إلى أتون حرب شاملة، خاصة مع الارتفاع الجنوني في أسعار النفط، واضطراب الأسواق العالمية، وتدهور الوضع الإنساني في أكثر من ساحة.
أين الجامعة العربية؟! وأين صوت العروبة؟! وأين الضمير العالمي؟!
هل كتب علينا أن نظلّ متفرجين بينما تُباد سيادة دولة باسم الردع؟!