
لا أحد يُوقِّع مع الحياة عقدًا للاستقرار، ولا ضمانات تُمنح لنا بأن ننام على حال ونصحو على نفس الحال. فالحياة تُجيد اللعب بأوراق المفاجآت، وتجيد قلب الطاولة على من ظنّ أنه أمسك بخيوطها.
كم من مرةٍ أحاطت بنا الحياة بقلقها، وغدرت بنا بتقلباتها، وكشّرت عن أنيابٍ لم نحسب لها حسابًا، فإذا بنا نغرق في دوامات من الحيرة، وتتساقط من يدنا أوراق التوقّع والاطمئنان، كأشجارٍ باغتتها ريحٌ عاتية.
لكن.. وسط هذا الإعصار، هناك شيءٌ لا يجوز لنا أن نفرّط فيه، أو نتركه يتسلّل من بين أصابع أرواحنا: الأمل.
فالأمل ليس رفاهية، بل ضرورة. ليس وهماً، بل وسيلةُ نجاةٍ وحبلُ خلاصٍ نتمسّك به في وجه الطوفان. وكما أن الليل لا يُقيم في الأرض أبداً، كذلك اليأس لا يجوز له أن يُقيم في القلب.
إن كانت الأيام قد عبست في وجهك اليوم، فتذكّر أنها لا تملك رفاهية الثبات.. وإن كانت يدُك مملوءة بالخسارات، فتذكّر أن الخسارةَ ليست نهايةَ الدرب، بل بدايةَ وعيٍ جديد.
من عتمةِ التجربةِ تولد البصيرة، ومن مرارةِ الفقدِ تتخلق الحكمة، ومن خذلانِ البشر تنبت جذور الاعتماد على الله ثم النفس.
فليكن الأمل وقودك.. ولتُضِئ به شمعةً تكفيك عن لعن الظلام، ولتؤمن أن شتاء الحزن لا يُقيم أبدًا إذا استيقظ الربيع في قلبك.
- أسأل الله أن يفيض على قلوبكم نور الطمأنينة،
- وأن يحفظكم من عثرات الدروب،
- ويجعل الخير يجري على أيديكم كما يجري الماء في عروق الأرض العطشى،
- وأن يزرع في سيرتكم عطرًا لا يزول،
- وفي صباحاتكم فرحًا لا يغيب،
- وفي سركم صفاءً، وفي ظاهركم بهاءً،
- وفي دروبكم قناديل لا تنطفئ.
وتذكّروا دائمًا:
ليس المهم أن تُفاجئك الحياة..
المهم أن لا تُفاجئك وأنت بلا أمل.