شباك نورمقالات وآراء

د. أيمن نور يكتب : في ذكراك السادسة والثلاثين… ما زلت فارسًا للصحافة والوطن

في مثل هذا اليوم، منذ ستة وثلاثين عامًا، ودّعت مصر أحد أنبل فرسانها، وأشرف قلمٍ حمل راية “الوفد” والمعارضة الوطنية، بشرف، وبلاغة، وبصيرة… الأستاذ الحبيب الراحل مصطفى شردي.

رحل جسدك، وبقيت كلماتك حيّة، شاهدة على زمنٍ لم يكن فيه الخوف سياسة، ولا الصمتُ فضيلة، ولا بيع الوطن شطارة. كنتَ ـ يا شردي ـ فارسًا نطق بالحق، وكتب بالصدق، وهتف بما عجز عنه كثيرون في زمانك، وفي زماننا!

من ذا ينسى قولك:
“إن الشعب يشعر بأن الحكومة التي تتولى شؤونه فقدت الثقة والاعتبار… وبات الناس يعتقدون أن مصر أصبحت تحت سيطرة عصابةٍ كبيرة تُشبه الأخطبوط!”
وكأنك تحدّثنا الآن عن حكومة الحاضر، لا حكومة الأمس!

وصرختك التي دوّت:
“إن فضيحةً واحدة من الفضائح المدوية التي يُراد التستّر عليها كافية لإحداث زلزالٍ يُسقط طاغية!”
أما آن لنا أن نتذكّر هذه الحقيقة، وقد تراكمت الفضائح، واشتدّت الزلازل، وازداد الطغيان؟

وعبارتك التي يجب أن تُعلّق على جدران كل محكمة وكل جريدة:
“أرحّب بالذهاب إلى ساحة القضاء في أي وقت، فهذا البلد رفع الصحافة عني، ولن أوقفني إلا شعبه!”

سألتَ الرئيس يومًا في واحدة من أكثر لحظات المعارضة جرأةً ووضوحًا:
“إذا كانت الديمقراطية هي الإنجاز الوحيد… فماذا بقي منها إذًا في ظل مصادرة الصحف، واعتقال الأحلام؟”

واليوم، بعد كل هذه السنوات، ما زلنا نطرح نفس السؤال، وننتظر إجابة لن تأتي، ونبحث عن ضوءٍ في عتمةٍ امتدّت حتى كدنا ننسى ملامح النهار.

كنت تصرخ بضمير مصر، وتكتب كأنك تعرف أن الرحيل قريب، لكن الوطن أغلى. تركت لنا سلاحًا من الكلمات، وتاريخًا من الشجاعة، وحلمًا بالعدل لم يمت.

سلامٌ على روحك الطاهرة، يوم وُلدت، ويوم ناضلت، ويوم ارتقيت شهيدًا للكلمة، وللوطن.
وسلامٌ على كل شريفٍ لا يزال يحمل شعلة المقاومة السلمية، كما حملتها أنت… فارسًا للوفد، وفارسًا لمصر.

رحمك الله يا مصطفى شردي، وجعل ذكراك طيبًا لا يغيب.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى