واشنطن تكثف جهودها لحل أزمة غزة وتطرح تعديلات جديدة على خطة ويتكوف

تتسارع الجهود الأميركية في الأيام الأخيرة بهدف دفع المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة “حماس” نحو إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث تتركز المفاوضات برعاية مصرية وقطرية وأميركية على ثلاث عقبات رئيسية تعيق التوصل لاتفاق نهائي، في ظل تقديم واشنطن تعديلات جديدة على “خطة ويتكوف” الخاصة بمبعوثها ستيف ويتكوف للشرق الأوسط.
تشير مصادر مطلعة إلى أن اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية أوجد فرصة حقيقية لدفع جهود التسوية في غزة. وتدور المحادثات حول ثلاث قضايا مركزية: وقف إطلاق النار أثناء المفاوضات، وآلية عودة ودخول المساعدات الإنسانية من خلال منظمات دولية إلى سكان القطاع، وإعادة تموضع الجيش الإسرائيلي إلى خطوط ما قبل استئناف الحرب مطلع مارس الماضي.
وأضافت المصادر أن الولايات المتحدة قدمت تعديلات وصفت بـ”الطفيفة” على خطة ويتكوف، ويركز النقاش الحالي على مضمون وصياغة هذه التعديلات، ومدى قبولها من كلا الطرفين المتفاوضين. أبدت الإدارة الأميركية تفاؤلاً ملحوظاً بقرب التوصل إلى اتفاق جزئي، وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن إبرام الاتفاق بات قريباً، متوقعاً حدوثه خلال الأسبوع المقبل.
النقطة الأولى للخلاف تتمحور حول طريقة وقف الحرب أثناء التفاوض؛ إذ تنص “خطة ويتكوف” الأصلية على إطلاق سراح 10 محتجزين إسرائيليين أحياء و18 جثماناً، بالتوازي مع الإفراج عن 125 أسيراً فلسطينياً من أصحاب الأحكام المؤبدة وأكثر من ألف أسير آخرين من غزة، على أن تُستأنف المفاوضات حول باقي المحتجزين الإسرائيليين في اليوم الثالث للتهدئة. تطالب “حماس” بضمانة نصية بعدم عودة إسرائيل للحرب أثناء سير المفاوضات، وتوزيع الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين على كامل فترة الهدنة الممتدة لستين يوماً.
أما التعديلات الجديدة التي قدمها الجانب الأميركي، فتنص على استمرار وقف إطلاق النار طالما استمرت المفاوضات بـ”نوايا حسنة”، الأمر الذي تتحفظ عليه “حماس” خشية استغلال المبدأ لصالح استئناف العمليات العسكرية من جانب إسرائيل في أية لحظة. وتتضمن التعديلات أيضاً تغييراً في جدولة الافراج عن المحتجزين.
تكمن العقبة الثانية في آلية دخول وتوزيع المساعدات الإنسانية في القطاع، إذ تصر إسرائيل على تولي مؤسسة أميركية مخصصة الإشراف على هذه العملية عبر مراكز محددة، في حين ترفض “حماس” ذلك، مطالبة بأن تتولى المنظمات الدولية والأممية العاملة في غزة عملية الاستلام والتوزيع، مع ضمانات بعدم استخدام المساعدات لتعزيز قوة الحركة نفسها.
النقطة الثالثة تُعنى بإعادة تموضع القوات الإسرائيلية؛ فبينما تصر إسرائيل على بقاء قواتها في مواقعها الحالية أثناء فترة الهدوء، تشترط “حماس” انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى مواقعه السابقة لما قبل الثاني من مارس، وتجري حاليًا محاولات لصياغة مقبولة للطرفين.
ترى المصادر أن وقف الحرب الإسرائيلية على إيران شكّل فرصة ثمينة لتسوية الصراع في غزة، فيما تسعى إدارة واشنطن لإعادة ترتيب الأجندة الإقليمية وضمان تركيز إيران على شؤونها الداخلية ووقف دعمها للأطراف غير الحكومية في المنطقة. وترى الولايات المتحدة أن تحريك مسار التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل يرتبط بشكل وثيق بوقف الحرب في غزة ووجود مسار حقيقي لحل الدولتين.
من الجانب الإسرائيلي، يبرز توجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نحو حل شامل للأزمة في غزة، يشمل نزع سلاح القطاع وإبعاد قيادات “حماس”، وتولية سلطة محلية إدارة شؤونه مقابل إنهاء الحرب وسحب القوات الإسرائيلية والسماح بإعادة الإعمار، كخطوة أولى قبل أي مسار سياسي مستقبلي.
وفي هذا السياق، يعتزم وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي زيارة واشنطن لبحث مزيد من الترتيبات والتشاور حول تطورات الملف، مع تأكيد أوساط حكومية إسرائيلية على تمسكها بالحلول الشاملة والشروط الأمنية والسياسية اللازمة.
قال متحدث باسم الإدارة الأميركية: “نعمل بشكل دؤوب من خلال الوسطاء لضمان بلوغ اتفاق يوقف إراقة الدماء ويعيد الأمل لسكان غزة المنهكين من آثار الحرب. ولا نزال نؤمن أن الحل السياسي والإنساني ممكن”.
من جانبه، علّق مصدر فلسطيني قريب من المفاوضات: “لن نقبل بعوده القتال أثناء التفاوض أو تسييس المساعدات الإنسانية. نحرص على ضمانات حقيقية تضمن سلامة شعبنا وتلبية احتياجاته الأساسية حتى إيجاد حل دائم”.