العالم العربي

اتفاقية سلام مرتقبة بين سوريا وإسرائيل: تطوى صفحة من الصراع خلال عام 2025

في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة منذ عقود، نقلت قناة “آي 24” الإسرائيلية عن مصدر سوري – لم يُكشف عن هويته – أن اتفاقية سلام شاملة بين سوريا وإسرائيل قد تُوقّع قبل نهاية عام 2025، في تطور لو تحقق، سيعيد تشكيل المشهد الإقليمي برمّته.

من التصعيد إلى التفاهم.. ماذا يحدث خلف الكواليس؟

وفق ما نقلته القناة العبرية يوم الخميس، فإن الاتفاق المرتقب يشمل تطبيعاً كاملاً للعلاقات بين دمشق وتل أبيب، وانسحاباً تدريجياً للقوات الإسرائيلية من الأراضي السورية التي سيطرت عليها خلال الهجوم على المنطقة العازلة في 8 ديسمبر 2024، وعلى رأسها قمة جبل الشيخ الاستراتيجية.

المصدر السوري ذاته تحدث عن تحويل مرتفعات الجولان إلى ما وصفه بـ”حديقة سلام”، دون تقديم توضيحات بشأن طبيعة هذا التوصيف أو تفاصيل الترتيبات الأمنية والإدارية المقترحة للمنطقة.

تحركات إسرائيلية وتصريحات سورية متزامنة

التسريبات جاءت في وقت يشهد الجنوب السوري تصعيداً عسكرياً غير مسبوق من الجانب الإسرائيلي، من خلال غارات جوية وتوغلات برية متكررة، تزامناً مع تصريحات رسمية من دمشق حول “قنوات تفاوض غير مباشرة”.

الرئيس السوري أحمد الشرع، وخلال مقابلة أجريت الأربعاء الماضي، أكد وجود “مفاوضات عبر وسطاء دوليين” تهدف إلى وقف التوغلات الإسرائيلية، دون أن يتطرق صراحة إلى اتفاق سلام أو تطبيع. وكان الشرع قد كشف عن هذه المفاوضات للمرة الأولى خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، مايو الماضي.

رغم ذلك، لم تصدر دمشق حتى اللحظة أي تعليق رسمي على ما نقلته القناة الإسرائيلية.

الوساطات: بين الخليج وواشنطن

وكالة رويترز كانت قد كشفت في السابع من مايو الماضي، نقلاً عن ثلاثة مصادر مطلعة – من بينها مسؤول أمني سوري ومسؤول مخابرات إقليمي – أن الإمارات تلعب دور الوسيط في “قناة خلفية” للمحادثات غير المعلنة بين الجانبين، تركز على “المسائل الأمنية والاستخباراتية” وبناء الثقة.

الولايات المتحدة أيضاً دخلت على الخط، حيث أعلن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، في تصريحات لقناة “CNBC” الأربعاء، أن واشنطن “تتوقع انضمام دول جديدة إلى اتفاقيات أبراهام”، مشيراً إلى أن ملف التطبيع لا يزال على طاولة الإدارة الأميركية، رغم تعثره بسبب الحرب المستمرة في قطاع غزة.

جبل الشيخ والجولان.. نقاط التماس والنزاع

إسرائيل تسيطر على الجزء الأكبر من هضبة الجولان السورية منذ عام 1967، وسبق أن أعلنت ضمها رسمياً في 1981، وهو ما لم تعترف به الأمم المتحدة. بعد إسقاط نظام بشار الأسد، توغلت القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة المُنشأة بموجب اتفاق فصل القوات عام 1974، واحتلت قمة جبل الشيخ الواقعة على تلاقي حدود سوريا ولبنان وفلسطين، وعلى بُعد نحو 35 كيلومتراً فقط من دمشق.

جبل الشيخ، الذي يبلغ ارتفاع أعلى قممه 2814 متراً، يتمتع بأهمية عسكرية ومراقبية كبيرة، ويُعد من أكثر النقاط نزاعاً في الجغرافيا السورية الإسرائيلية.

التوقعات: سلام حقيقي أم مناورة سياسية؟

في ظل غياب تأكيد رسمي من دمشق، وتحفظ إسرائيل عن التعليق على التسريبات، تبقى هذه الأنباء في إطار التكهنات المدعومة بتقارير إعلامية ومصادر غير معلنة. غير أن تعدد القنوات الناقلة – من “آي 24” إلى “رويترز” – واكتمال الصورة من خلال تصريحات المسؤولين، يشير إلى أن تحركات حقيقية قد تكون جارية خلف الأبواب المغلقة.

وفي حال تحققت هذه الاتفاقية بالفعل، ستكون الأولى من نوعها بين دمشق وتل أبيب، وقد تعيد تشكيل توازنات القوى والتحالفات في المنطقة. لكن حتى اللحظة، تبقى كافة الأعين متجهة نحو دمشق، انتظاراً لأول تصريح رسمي قد يؤكد أو ينفي هذه الرواية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى