تصاعد قياسي لهجمات المساجد في ألمانيا: 175 هجومًا خلال 2024 يدق ناقوس الخطر

سجّل عام 2024 ارتفاعًا غير مسبوق في الهجمات التي تستهدف المساجد في ألمانيا، مع رصد 175 هجومًا منذ بداية العام، حيث تنوعت بين رسائل تهديد وأعمال تخريبية وعنصرية. هذا التصاعد يُعزى بشكل كبير إلى التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط، وخاصة بعد بدء حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد قطاع غزة.
تشير التقارير إلى أن غالبية الهجمات ضد المساجد كانت مدفوعة بخلفيات معادية للمسلمين وعنصرية، ما أثار قلقًا واسعًا داخل المجتمع الإسلامي في ألمانيا. فقد أُبلغ عن قيام مجهولين بكتابة عبارات عنصرية على جدران المساجد، إلى جانب إرسال رسائل تهديد بالقتل والتخويف لأئمة والمصلين، فضلاً عن إلحاق أضرار مادية ببعض أماكن العبادة.
وفي هذا السياق، صرّح محرّم كوزاي، رئيس الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية في ألمانيا، قائلاً: “نواجه مستوى قياسيًا غير مسبوق من الهجمات ضد المساجد في ألمانيا. تزايد التوترات والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما العدوان المستمر ضد قطاع غزة، هو السبب المباشر لارتفاع هذا العدد بشكل خطير.” وأضاف كوزاي: “الوضع الحالي للمسلمين في ألمانيا بات يشكل ناقوس خطر يتوجب على الدولة والمجتمع الألماني الانتباه إليه واتخاذ التدابير اللازمة لحماية أماكن العبادة وضمان الأمن لجميع المواطنين، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الثقافية.”
ويطالب الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية السلطات الألمانية بتشديد التدابير الأمنية حول المساجد وفتح تحقيقات موسعة للكشف عن الجناة ومحاسبتهم، مؤكدًا أن استمرار التصعيد من شأنه تعميق الانقسامات وإثارة المخاوف بين أفراد الجالية المسلمة والمجتمع ككل.
وأضاف أن الاتحاد الذي يضم نحو ألف مسجد ويُعد أكبر مؤسسة مظلة للمسلمين في ألمانيا، يعمل على توثيق ورصد دوافع الهجمات التي تطال المساجد منذ عام 2014 من خلال مكتب مكافحة التمييز التابع له.
وأشار إلى أن الهجمات ضد المساجد شهدت ارتفاعًا ملحوظًا بعد اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية ضد قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأضاف: “حتى أكتوبر 2023 تم تنفيذ 43 هجوما ضد المساجد في ألمانيا، ثم ارتفع العدد إلى 100 هجوم خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام نفسه. واستمرت الهجمات في التصاعد في 2024 حتى انتهى العام بتسجيل 175 هجوما”.
وأشار إلى تنوع أشكال الهجمات والتهديدات ضد المساجد، قائلا: “تردنا رسائل تهديد عبر البريد أو البريد الإلكتروني، بالإضافة إلى أعمال تخريبية مثل كتابة بعبارات تهديد عنصرية على جدران المساجد، أو رسم رموز نازية مثل الصليب المعقوف”.
وتابع: “نقوم برصد وتوثيق جميع هذه الحالات. وفي الوقت ذاته، نعمل على تعزيز أنظمة المراقبة في المساجد، والتعاون مع السلطات الأمنية لضمان تقديم الجناة للعدالة”.
وفي السياق، لفت كوزاي إلى أن التوترات والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط انعكست بشكل واضح على المجتمع داخل ألمانيا، معتبرا أن هذا العدد القياسي من الهجمات بمثابة “ناقوس خطر”.
ونوه إلى أن الاتحاد التركي يشارك البيانات والإحصاءات المتعلقة بالهجمات التي تطال المساجد والمسلمين مع الرأي العام، ومع الساسة وقادة الرأي في المجتمع.
وأردف أن تداول هذه البيانات من شأنه “مناقشة الإجراءات الممكنة للحد من الظواهر المعادية للمسلمين وسبل تعزيز ثقافة العيش المشترك والمشاريع التي يمكن أن تقوي هذه الثقافة”.
العيش المشترك وفي سياق متصل، أكد كوزاي أن مفاهيم مثل الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية ليست سوى “أشكال مختلفة من كراهية الأجانب”، مبينًا أنهم بعثوا برسالة إلى المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يدعونه فيها إلى العمل المشترك لمكافحة كراهية الأجانب.
وشدد على أن المسلمين “باتوا جزءًا لا يتجزأ من المجتمع الألماني”.
ودعا أبناء الجالية المسلمة في ألمانيا إلى العمل بجد في كافة القطاعات سواء في مجال الأعمال، والأوساط الأكاديمية، والبيروقراطية أو السياسة “لإثبات دورهم” في المجتمع الألماني.
واستدرك: “نحاول في كل مناسبة التأكيد على أننا جزء من هذا المجتمع، وهذه الهجمات ضد المساجد لا تثنينا، بل تدفعنا للتفكير أكثر حول كيفية التصدي لها، وكيفية تعزيز ثقافة العيش المشترك”.
وأضاف: “نحرص أيضا على تحفيز شبابنا ومجتمعنا في اتجاه تعزيز ثقافة العيش المشترك، ونؤمن أن على الجميع، وليس فقط المسلمين أو الأجانب، بل المجتمع الألماني ككل، أن يتحمل مسؤولياته في هذا الإطار”.
وعليه، أعرب كوزاي عن “تفاؤله بالمستقبل”، مبينا أن “الاتحاد سيواصل دعم ثقافة العيش المشترك من خلال مشاريعنا”.
ووفق أحدث تعداد رسمي لعدد للمسلمين في ألمانيا والصادر في عام 2019، يعيش في البلاد ما بين 5.3 إلى 5.6 ملايين مسلم، ما يعادل حوالي 6.6 بالمئة من إجمالي عدد السكان.
تقرير الاتحاد التركي الإسلامي في ألمانيا يكشف زيادة صادمة في الهجمات ضد المساجد لعام 2024
في تطور مقلق يشير إلى تصاعد موجة الكراهية، أعلن مكتب مكافحة التمييز التابع للاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية في ألمانيا عن زيادة قياسية في عدد الهجمات المعادية للمسلمين، إذ بلغت 175 هجومًا في عام 2024، أي بمعدل أربعة أضعاف مقارنة بعام 2021.
أوضح التقرير الذي صدر في 3 يونيو/حزيران الجاري، أن حوالي 60% من هذه الحوادث تمثلت في أعمال الإهانة والاتهامات الباطلة والتهديدات التي تمت عبر البريد أو البريد الإلكتروني، تليها وقائع إلحاق أضرار بالممتلكات ورسوم غرافيتي تتضمن رموزًا محظورة مثل الصليب المعقوف، بجانب تهديدات مباشرة بحق الأفراد والمؤسسات الدينية.
ونبّه التقرير إلى أن الغالبية الساحقة من هذه الاعتداءات تُرتكب بدوافع عدائية ضد المسلمين وبخلفيات عنصرية بحتة، حيث استهدف 96% من الحالات المسجلة المساجد التابعة للاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية.
وقال رئيس الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية في ألمانيا في تصريح له: “هذه الأرقام المؤلمة تؤكد الحاجة المُلحّة لتحرك جاد من جميع الجهات المعنية في المجتمع الألماني لحماية أماكن العبادة وتعزيز ثقافة التعايش ونبذ العنصرية.”
وأضاف: “ندعو السلطات إلى اتخاذ الإجراءات الصارمة لملاحقة مرتكبي هذه الهجمات، ونطالب المجتمع الألماني بمواصلة دعم قيم التسامح والاحترام المتبادل.”