مقالات وآراء

د.محمد عماد صابر بكتب: حصاد أخطر انقلاب على الديمقراطية والحرية في مصر

في مثل هذا اليوم من عام 2013، شهدت مصر انقلاباً عسكرياً وصفه كثيرون بأنه أخطر انقلاب على مسيرة الديمقراطية والحرية والربيع العربي، والذي أدى إلى نتائج كارثية في كل مناحي الحياة السياسية، الاقتصادية، الأمنية والاجتماعية، ولم يقتصر أثره على مصر وحدها، بل امتد ليهز العالم الإسلامي بأسره. اليوم، وبعد اثنى عشر سنة من المعاناة نجنى حصاد أخطر إنقلاب فى مصر:

1- انهيار الديمقراطية وانتهاك الحقوق.
ألغى الانقلاب نتائج انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة، وأطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، وحل البرلمان الذي مثّل إرادة الشعب، كما تم إلغاء الدستور الذي صاغه الشعب المصري.
تبع ذلك حملة قمع وحشية طالت آلاف المعتقلين السياسيين، حيث تجاوز عددهم 60,000 معتقل خلال السنوات الأولى بعد الانقلاب، مع محاكمات عسكرية لنحو 12,000 مدني، وإعدام حوالي 500 منهم في قضايا سياسية.
كما تم حظر أكثر من 100 حزب سياسي، مع تقييد صارم للحريات العامة وحرية التعبير والتظاهر.

2- انهيار الاقتصاد الوطني.
لم يكن الوضع الاقتصادي بمنأى عن الكارثة؛ إذ ارتفعت معدلات الفقر من 27.8% عام 2010 إلى أكثر من 32.5% عام 2018، فيما بلغت نسبة البطالة 13.2% في 2016، مع تفاقم أزمة بطالة الشباب. تراكم الدين الخارجي ليصل إلى أكثر من 120 مليار دولار في 2020، وسط بيع وخصخصة أصول استراتيجية بمليارات الدولارات. كما تدهور الجنيه المصري بنسبة تجاوزت 70% مقابل الدولار، مصحوباً بارتفاع معدلات التضخم إلى أكثر من 30% في 2017، ما أدى إلى تفاقم معاناة المواطنين اليومية.
وبالمناسبة هذة الأرقام هي المعلنة في المؤسسات الحكومية أو الدولية ولهذا سقناها، والحقيقة ان الواقع أسوأ من ذلك بكثير كثير.

3- التدهور الأمني والتفريط في الأمن القومي.
شهدت البلاد تصاعداً في أعمال العنف والإرهاب، خصوصاً في سيناء، حيث تجاوز عدد الهجمات الإرهابية 100 هجوم كبير، أسفرت عن مئات القتلى والجرحى. رغم زيادة نفقات الجيش والأمن إلى أكثر من 12% من الناتج المحلي، فقدت القوات المسلحة سيطرتها على مناطق استراتيجية مثل سيناء وحلايب وشلاتين.
تم تقوية التحالفات الأمنية مع الاحتلال الصهيوني، وتوثيق التعاون الاستخباراتي، ما أثار قلقاً واسعاً حول مستقبل الأمن القومي.

4- التحالفات المشبوهة وتراجع الدور الإقليمي.
على الصعيد الخارجي، شهدت مصر توطيد علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي، لتصبح ثاني أكبر مستورد للأسلحة في المنطقة، وتضاعفت المساعدات الغربية، والتي ربطت بسياسات داخلية وأمنية مشددة.
في المقابل، تراجع الدور المصري في الجامعة العربية والمنطقة، وتحولت مصر إلى دولة تابعة لمحاور إقليمية ودولية، ابتعدت عن دعم القضايا الإسلامية والعربية الكبرى، وأضعفت من دورها القيادي.

5- تفكك النسيج الاجتماعي وتراجع الخدمات.
انعكست الأوضاع السياسية والاقتصادية على المجتمع، إذ ارتفعت أعداد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس إلى نحو 1.5 مليون طفل، وتراجع مستوى التعليم والصحة بشكل ملحوظ.
تصاعدت معدلات الفساد لتحتل مصر المرتبة 108 من أصل 180 دولة في مؤشر الشفافية الدولي لعام 2020. كما ازداد الانقسام المجتمعي وضعف الثقة بين المواطنين والمؤسسات بنسبة تجاوزت 60%.

6- تأثير الانقلاب على الأمة الإسلامية.
لم يتوقف تأثير الانقلاب عند حدود مصر؛ إذ ساهم في انهيار موجة الربيع العربي، وسقوط ثلاثة حكومات شعبية في مصر وتونس وليبيا، وتراجع مكانة مصر الريادية في العالم الإسلامي.
كما انخفض الدعم السياسي والمالي للقضية الفلسطينية، وأضعف التضامن الإسلامي، مما سمح لقوى معادية للأمة بأن تستغل حالة الضعف والانقسام.

“خلاصة”
لقد أودى انقلاب 2013 بمصر إلى كارثة سياسية، اقتصادية وأمنية واجتماعية غير مسبوقة، ودمر ما تحقق من تقدم ديمقراطي خلال فترة الربيع العربي، وأضعف الأمن القومي، وجعل مصر سوقاً للبيع والشراء السياسي والعسكري لصالح مصالح خارجية، مما أثر على استقرار المنطقة بأسرها.
اليوم، وبعد إثنى عشر سنه من المعاناة، يبقى كشف هذه الحقائق ضرورة وطنية وأممية لاستعادة الحقوق والحريات، وإعادة بناء مصر على أسس العدل والكرامة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى