السلطات الأمريكية تحتجز مهاجرين بلا سجل إجرامي داخل محاكم فرجينيا رسميًا

جدّد حاكم ولاية فرجينيا، غلين يونغكين، دعمه الصريح والمثير للجدل للعمليات التي تنفذها وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية داخل محاكم الولاية، رغم الانتقادات المتزايدة التي تشير إلى أنّ بعض المحتجزين لم يكن لديهم أي سجل جنائي، وكانوا في المحكمة فقط لدفع غرامات مرورية بسيطة
وفي مؤتمر صحفي عقده في مقر شرطة ولاية فرجينيا بمدينة ريتشموند، قال يونغكين: “لنكن واضحين، الغالبية العظمى من الذين تم توقيفهم داخل محاكم البلاد متورطون في جرائم عنف”. وأضاف: “من يخالف القانون ويتواجد في البلاد بطريقة غير قانونية، يجب أن يُعتقل”.
وعلى الرغم من أنّ يونغكين لم يشارك بشكل مباشر في المداهمات الأخيرة داخل المحاكم، فإنه أشاد بجهود “فرقة عمل أمن الوطن في فرجينيا”، وهي شراكة بين سلطات الولاية والحكومة الفيدرالية أطلقها في شهر فبراير الماضي بهدف ملاحقة أعضاء العصابات، ومهربي المخدرات، والمهاجرين غير النظاميين الذين لديهم سجلات جنائية.
وقال: “هذا العمل بالغ الأهمية، ويجري تنفيذه في جميع أنحاء ولاية فرجينيا. لقد تجاوزنا حاجز 2,500 عملية توقيف حتى الآن”. وأشار إلى أنّ من بين المعتقلين أعضاء من عصابة “إم إس-13” الإجرامية، وشبكة “ترين دي أراگوا” الفنزويلية، وغيرها من العصابات العنيفة العابرة للحدود.
وأشاد يونغكين بسرعة تطبيق اتفاقية 287(ز) مع وكالة الهجرة والجمارك، والتي صودق عليها بعد 20 ساعة فقط من إصداره الأمر التنفيذي رقم 47 في فبراير الماضي. وتُجيز هذه الاتفاقية لأجهزة إنفاذ القانون المحلية والتابعة للولاية تطبيق القوانين الفيدرالية الخاصة بالهجرة.
وأوضح: “بدأنا بالخطة، ثم وقعنا مذكرة تفاهم 287(ز) مع الحكومة الفيدرالية، وشرطة الولاية، وإدارة الإصلاحيات، وبعض شركائنا من أجهزة إنفاذ القانون المحلية. إنها عملية تنسيق مشتركة لضمان توقيف المجرمين العنيفين الموجودين في البلاد بصورة غير قانونية”.
لكن ما أثار الجدل بشكل كبير هو ما حدث مؤخرًا في مقاطعة تشيسترفيلد، حيث اعتقلت وكالة الهجرة والجمارك ما لا يقل عن 14 شخصًا خلال عدة أيام، بينهم رجل حضر إلى المحكمة لدفع غرامات مرورية فقط.
وعند سؤال الحاكم عن هذه الحادثة، أجاب دون تردد: “أولًا، إذا خالفت القانون في الولايات المتحدة وأنت هنا بشكل غير قانوني، فيجب أن تُعتقل وتُرحل. هذا بديهي”.
وشدد على أنّ عمليات التوقيف لا تستهدف دور العبادة أو المدارس، متهمًا وسائل الإعلام بتشويه الحقيقة. وقال: “لا يذهبون إلى المدارس ولا إلى الكنائس… وسائل الإعلام تحاول زرع الفتنة”.
غير أنّ تقارير صحفية متعددة تؤكد أنّ وكالة الهجرة والجمارك نفّذت عمليات توقيف في محيط الكنائس والمدارس بعد إلغاء الحماية الخاصة للأماكن الحساسة. ففي ولاية كاليفورنيا، جرى توقيف مهاجرين أمام الكنائس وفي مواقف السيارات، ما أثار استياء القيادات الدينية. وفي العاصمة الأمريكية واشنطن، حاول عملاء الهجرة توقيف موظفة صحية داخل موقف إحدى المدارس الابتدائية، ما دفع مسؤولي المدرسة إلى المطالبة بإبراز مذكرات توقيف رسمية قبل السماح لهم بالدخول.
وفي تشيسترفيلد، أثارت الاعتقالات موجة احتجاجات واسعة من قبل قيادات المجتمع المحلي، الذين اعتبروا أنّ هذه العمليات تضعف الثقة في النظام القضائي، لكونها تطال أشخاصًا لا سجل لهم في ارتكاب أي جرائم عنف.
ومن بين المعتقلين، سلفادور كالديرون كويار، الذي لا تزال حالته القانونية غير واضحة. ووفقًا لسجلات المحكمة، فقد أقر في أبريل الماضي بارتكاب مخالفتين مروريتين: القيادة من دون رخصة، وعدم إعطاء الأفضلية، وكان قد حضر إلى المحكمة في 25 يونيو لدفع غرامة قدرها 130 دولارًا، عندما أُلقي القبض عليه من باب خلفي للمحكمة.
وقالت جيسيكا شنايدر، عضو مجلس مشرفي مقاطعة تشيسترفيلد، وقد كانت تلقي خطابًا أمام محتجين خارج المحكمة، حين علمت باعتقاله: “لم يكن له أي سجل جنائي سابق. هل يمكننا حقًا اعتباره مجرمًا عنيفًا؟ إنه يعمل ويعيش في مجتمعنا، فلماذا نعاقبه؟”.
وندد المتظاهرون بهذه الاعتقالات، معتبرين أنها ذات دوافع سياسية وتنتهك حقوق الأفراد في الإجراءات القانونية العادلة. ووصفت نيكول مارتن، رئيسة فرع الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين (NAACP) في المقاطعة، المحكمة بأنها “مكان مقدّس في الديمقراطية”، محذّرة من أنّ هذه الممارسات ستردع الضحايا والشهود عن التعاون مع القضاء.
العمليات لا تقتصر على تشيسترفيلد فقط، بل شملت أيضًا مناطق مثل ستيرلينغ، ومقاطعة ألبمارل، ومدينة ريتشموند. وفي عملية مشتركة بين وكالة الهجرة ومكتب التحقيقات الفيدرالي في شمال فرجينيا، تم توقيف سبعة أشخاص غير موثقين ضمن ما وصفته الوكالة بأنه “تنفيذ مستهدف”.
وتضم فرقة عمل يونغكين أكثر من 200 عنصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الهجرة والجمارك، وشرطة ولاية فرجينيا، وإدارة الإصلاحيات.
وفي تصريح سابق في أبريل، قال تود ليونز، المدير المؤقت لوكالة الهجرة والجمارك، إنّ التوسع في اتفاقيات 287(ز) كان عاملًا أساسيًا في ارتفاع معدلات التوقيف بفرجينيا. وامتدح مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كاش باتيل، هذه الجهود، واصفًا إياها بأنها “نجاح باهر”، فيما أشادت المدعية العامة الأمريكية السابقة بام بوندي بانسجام الحاكم مع شعار “لنجعل أمريكا آمنة مجددًا”، الذي رفعته إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
لكن تقارير بحثية تناقض هذه الرواية. ففي عام 2024، أصدرت المؤسسة الوطنية للعدالة تقريرًا خلص إلى أنّ المهاجرين غير النظاميين في ولاية تكساس تم توقيفهم بمعدلات أقل بكثير من المواطنين الأمريكيين المولودين في البلاد، سواء في جرائم العنف أو الممتلكات أو المخدرات.
وقال النائب الديمقراطي عن ريتشموند، مايكل جونز، الأسبوع الماضي، إنّ عمليات التوقيف في تشيسترفيلد “تنتهك قدسية العدالة التي يفترض أن يحميها قسم اليمين الدستوري”، داعيًا إلى فرض قيود على دخول عناصر الهجرة إلى قاعات المحاكم، معتبرًا أنّ المداهمات “تمس كرامة دستورية”.
كما صرّحت أماندا بوهل، كاتبة محكمة دائرة تشيسترفيلد، بأنها لم تعلم بالعملية إلا بعد أن بدأت، وقالت: “كانوا بملابس مدنية، ولا أملك سجلًا واضحًا عن مدة وجودهم هنا”، مؤكدة أنها تراجع السياسات الداخلية لضمان شعور الجميع بالأمان داخل المحكمة أما الحاكم يونغكين، فيختصر موقفه بجملة واحدة: “الأمر يتعلق بالأمان. واليوم، فرجينيا أكثر أمانًا”.