الجارديان: إسرائيل استخدمت قنبلة MK-82 أمريكية في قصف مقهى بغزة، ما قد يرقى إلى جريمة حرب.

تحقيق استقصائي لصحيفة الغارديان البريطانية يكشف عن استخدام الجيش الإسرائيلي لقنبلة تزن 500 رطل (230 كيلوغرامًا) من نوع MK-82 أمريكية الصنع، وهي قنبلة ذات قوة تدميرية هائلة، في قصف مقهى على شاطئ قطاع غزة، ما أثار مخاوف جدية بشأن انتهاكات محتملة للقانون الدولي واحتمالية ارتكاب جريمة حرب.
كشف تحقيق لصحيفة الغارديان البريطانية عن استخدام الجيش الإسرائيلي لقنبلة MK-82 تزن 500 رطل (230 كيلوغرامًا) في هجوم على مقهى على شاطئ البحر في قطاع غزة يوم الاثنين الماضي. وأشار التحقيق إلى أن القنبلة المستخدمة تعتبر سلاحًا عشوائيًا يتسبب في موجة انفجار هائلة وينشر شظايا على مساحة واسعة، مما يزيد من خطر إصابة المدنيين بشكل كبير.
ونقلت الصحيفة عن خبراء قانونيين قولهم إن الحفرة الكبيرة التي خلفها الانفجار تعد دليلًا على استخدام قنبلة كبيرة وقوية مثل “إم كيه-82″، وهي من الذخائر المستخدمة على نطاق واسع في الحملات الجوية خلال العقود الماضية. وقد تم تحديد شظايا السلاح المنتشلة من أنقاض مقهى البقعة، والتي صوّرتها الغارديان، على أنها أجزاء من القنبلة “إم كيه-82”.
وأكد الخبراء للصحيفة أن استخدام مثل هذه الذخيرة، رغم العلم بوجود عدد كبير من المدنيين بمن فيهم أطفال ونساء وكبار سن، يُعد على الأرجح غير قانوني وقد يُشكّل جريمة حرب. وأشاروا إلى أن الهجوم يثير تساؤلات جدية حول التزام الجيش الإسرائيلي بقواعد الاشتباك والقانون الإنساني الدولي.
“استخدام قنبلة MK-82 في منطقة مكتظة بالسكان المدنيين يثير مخاوف بالغة بشأن مدى احترام إسرائيل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني. يجب إجراء تحقيق فوري ومستقل لتحديد ما إذا كانت جريمة حرب قد ارتكبت.” – أحد الخبراء القانونيين الذين استشارتهم صحيفة الغارديان.
ونقلت الصحيفة عن الجيش الإسرائيلي أن هجوم المقهى قيد المراجعة، وأنه اتخذ خطوات قبل الغارة للحد من خطر إيذاء المدنيين.
ووفقا لمسؤولين طبيين وآخرين، فقد استشهد بين 24 و36 فلسطينيًا في هذا الهجوم وأُصيب العشرات، من بينهم صانع أفلام معروف وفنان وربة منزل تبلغ من العمر 35 عامًا، وطفل يبلغ من العمر 4 سنوات. ومن بين المصابين طفل يبلغ 14 عامًا وفتاة عمرها 12 عامًا.
وينص القانون الدولي، المستند إلى اتفاقيات جنيف، على أنه يُحظر على القوات العسكرية شنّ هجمات تؤدي إلى “خسائر عرضية في أرواح المدنيين” تكون “مفرطة أو غير متناسبة” مع الميزة العسكرية المتوقعة.
ورغم أن ما يُعدّ مقبولاً يخضع للتأويل، فإن الخبراء أكدوا أن استهدافاً يتسبب بمقتل هذا العدد من المدنيين لا يمكن تبريره إلا إذا كان الهدف المُراد تدميره على درجة كبيرة جدًا من الأهمية في مسار النزاع.
وكان المقهى المستهدف يتكون من طابقين، سطح علوي مفتوح وطابق أرضي بنوافذ واسعة مطلة على الشاطئ، ومداخله كانت مرئية بوضوح من الجو.
وقال جيري سيمبسون من هيومن رايتس ووتش إن “الجيش الإسرائيلي لم يوضح من كان الهدف، لكنه أشار إلى أنه استخدم المراقبة الجوية لتقليل الضحايا المدنيين، مما يعني أنه كان يعلم أن المقهى مكتظ بالزبائن وقت الضربة”.
وأضاف: “كما أن الجيش كان يعلم أن استخدام قنبلة جوية موجهة بهذا الحجم سيؤدي إلى قتل وتشويه العديد من المدنيين. استخدام سلاح بهذا الحجم في مقهى مزدحم بوضوح يجعل هذا الهجوم على الأرجح غير قانوني وغير متناسب أو عشوائي، ويجب التحقيق فيه كجريمة حرب”.
من جهته صرّح الدكتور أندرو فورد، أستاذ مساعد في قانون حقوق الإنسان بجامعة مدينة دبلن، بأن “الهجوم صادم”، مضيفا: “حينما تُستخدم ذخائر ثقيلة في منطقة مدنية مزدحمة، فإن أفضل أنظمة الاستهداف في العالم لا يمكن أن تمنع نتائج عشوائية تنتهك اتفاقيات جنيف”.
وقال مارك شاك، أستاذ القانون الدولي المساعد في جامعة كوبنهاغن إن “من شبه المستحيل تبرير استخدام هذا النوع من الذخائر في هذا السياق. إذا كنا نتحدث عن 20 أو 30 أو 40 ضحية مدنية، فإن ذلك لا يمكن تبريره إلا إذا كان الهدف على قدر هائل من الأهمية العسكرية. في أفغانستان والعراق، كانت القواعد تقضي بألا يتجاوز عدد الضحايا المدنيين 30 كحد أقصى في حال استهداف شخصية رفيعة جدًا، وحتى هذا في ظروف استثنائية”.
وحدد تريفور بول، باحث في الأسلحة وخبير سابق في تفكيك المتفجرات بالجيش الأميركي، قطعة من الذيل وأخرى من البطارية الحرارية، قائلاً إنها تشير إلى استخدام قنبلة “إم بي آر 500” أو “إم كيه-82”.
يُشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يمتلك ترسانة واسعة من الذخائر، وغالبًا ما يستخدم ذخائر أصغر بكثير في ضربات دقيقة ضد أهداف فردية في غزة ولبنان وحتى في هجماته الأخيرة على إيران.
ويُذكر أن مقهى الباقة أُنشئ قبل نحو 40 عامًا وكان يُعدّ وجهة ترفيهية معروفة للشباب والعائلات في غزة، ويقدّم مشروبات بسيطة من الشاي والمياه الغازية والبسكويت.
تجدر الإشارة إلى أن منطقة الميناء التي يقع فيها المقهى لم تكن مشمولة بأي من أوامر الإخلاء التي أصدرها الجيش الإسرائيلي لتحذير السكان من العمليات العسكرية.
المصدر: الغارديان