بيان سياسي عاجل من حزب غد الثورة حول فيديو “المجموعة العسكرية” الذي بُثَّ مؤخرًا.

في الساعات الأخيرة، جرى بثّ فيديو بالغ الخطورة، تنسبه مجموعة مسلحة لنفسها. وهو إما مشهد مصطنع مدسوس يتعيّن على كل القوى السياسية التبرؤ منه فورًا، أو عبث متهور في لحظة وطنية شديدة الحساسية والخطورة.
إن مشاهد تُبث فجأة، تعلن فيها جماعة ما نيتها استهداف مؤسسات الدولة، بلا مقدمات ولا سياق ولا هوية، هي جريمة مزدوجة: في مضمونها، وفي توقيتها!
هذا المشهد الكاريكاتوري يطرح تساؤلات صارخة حول من يقف وراءه، ولمصلحة من يُصنّع، وما الهدف الحقيقي من إخراجه بهذا الشكل المبتذل. والربط الساذج بين المشهد المصري والواقع السوري لا يعكس سوى عجز مدوٍ في الخيال السياسي، وجهلاً عميقًا بالفروقات السياقية والتاريخية بين البلدين.
نعم، هناك انسداد سياسي وحقوقي متراكم منذ أكثر من ١٢ عامًا، وهناك مظالم لا تُنكر، لكن استخدام هذا الواقع كمبرر لهذا النوع من الخطابات هو توظيف خبيث للحق في خدمة الباطل. لأن هذه المشاهد تمنح النظام ذريعة مثالية للتصعيد الأمني، ولإغلاق ما تبقى من أبواب الحوار، بل لشيطنة كل صوت معارض.
الفيديو المُشار إليه هو هدية مجانية للاستبداد، وأداة لتبرئة السلطات من جرائمها الحقوقية أمام المجتمع الدولي، لا سيما بعدما واجهت انتقادات حادة في مجلس حقوق الإنسان بجنيف خلال الساعات الماضية. أهو تزامن بريء؟ أم توقيتٌ مدبّر؟!
نؤكد في حزب غد الثورة الليبرالي المصري أن هذا العمل لا يمثل بأي شكل من الأشكال المعارضة المدنية الديمقراطية التي نتمسك بها. فالديمقراطية تُبنى بالكلمة، لا بالرصاص. والإصلاح يُنتزع بالصبر والنضال، لا بالتهديدات المسلحة.
هذا المشهد، سواء كان مُفبركًا أم حقيقيًا، لا مكان له في مسارنا، ولا شرف فيه لأي صاحب قضية عادلة.
من هنا، نطالب جميع الأطياف السياسية—مدنية كانت أو إسلامية، ليبرالية أو يسارية—أن تخرج عن صمتها، وتُدين هذا المشهد بوضوح تام، دون مواربة، ودون عبارات حمّالة أوجه. كما نُحذّر من أن الصمت اليوم هو تواطؤ غير مباشر، والتهوين هو انتحار سياسي.
في المقابل، لا نعفي السلطة الحاكمة من مسؤوليتها الكاملة، سواء كانت طرفًا مباشرًا أو غير مباشر في هذا المشهد. فالسلطة التي تُغلق الأبواب وتمنع الهواء، لا ينبغي أن تتفاجأ من الانفجار. وهذه اللحظة العبثية ما كانت لتقع، لو كانت هناك حياة سياسية حقيقية، ومجال عام مفتوح، ومسارات إصلاحية جدية.
لقد حذرنا مرارًا وتكرارًا من أن الإقصاء هو التربة التي يُزرع فيها التطرّف. وأن الظلم لا يلد إلا عنفًا. وما ثورة يناير إلا شاهدٌ تاريخي على ما تؤدي إليه الغطرسة السياسية وتزوير الإرادة الشعبية، بدءًا من ٢٠٠٥ مرورًا بـ٢٠١٠.
إننا نحمل النظام الحاكم كامل المسؤولية السياسية عن هذا المشهد العبثي، ونطالبه—قبل فوات الأوان—باتخاذ إجراءات عاجلة وضرورية، على رأسها:
- فتح حوار وطني حقيقي، جامع، غير انتقائي، مع كل مكوّنات الطيف السياسي.
- الإفراج الفوري عن معتقلي الرأي، ورفع الظلم عن سجناء الرأي والضمير.
- إنهاء العمل بالقوائم المطلقة المغلقة، والعودة إلى نظام تمثيلي يعكس واقع المجتمع.
- وقف عسكرة السياسة، وإعادة الاعتبار للدولة المدنية الديمقراطية.
- إلغاء القوانين التي صادرت الحياة السياسية والإعلامية والنقابية.
- تمكين المجتمع المدني، وحماية الحريات العامة باعتبارها صمّام الأمان الوطني.
مصر اليوم في عين العاصفة. والمخاطر تحدق بها من كل اتجاه الشرق والجنوب والشمال والغرب ولا مخرج آمن إلا بإعادة اللحمة الوطنية، واستعادة الثقة بين الشعب ومؤسساته، عبر بوابة الإصلاح، لا عبر نوافذ الفوضى.
د. أيمن نور
رئيس حزب غد الثورة الليبرالي المصري
نيابة عن الهيئة العليا للحزب
الجمعة، ٤ يوليو ٢٠٢٥